أرى أن عصر التقنية أخذنا بعيدا، لدرجة أن سوء استعمال بسيط أو غفلة قد تمثل الموت أو الهلاك بطرفة عين. فالسيارات الحديثة تزوّدت بما يُسمى مُثبت السرعة. وتخشى كل شركة سيارات من أن عدم تزويد مركباتها بهذه الميزة سيفقدها مكانة تهدف إليها في برامج مبيعاتها. وأصبحت عبارة ( فل أوبشن ) عنصر جذب. توخي الحذر وتحاشي المخاطر لا يشترط إصدار أنظمة لتعميمه. وعندما زوّدت الشركات الحديثة مركباتها بميزة مثبت السرعة لم تقل لنا إن استعماله ضرورة من ضرورات السفر والانتقال. وضعتهُ لمجاراة السوق, وعلينا نحن كمستهلكين أن نقرر متى يُستعمل، وماهي ظروف الطريق وهل هو في حالة جيدة. زادت المسألة. ففي الأسبوعين الماضيين قرأنا عن عدد من الحالات. واحدة من تلك الحالات تعدّت التثبيت وزادت سرعة السيارة إلى أن وصلت إلى 220 كيلو متراً في الساعة. واضطر المرور إلى طلاق النار على زجاج السيارة الخلفي، ما أدى إلى إيقافها. الحادثة التي تأتي استمراراً وتكراراً لحوادث تعطل مثبت السرعة في عدد من أنواع السيارات الحديثة. جزء منها خيار المواطن، ولا أجد مبررا أو ضرورة لتثبيت السرعة القصوى المسموح بها مهما كانت الأسباب. وأستند في رأيي هذا إلى أن الطرق السريعة في الغرب تختلف عن بيئتنا من كل جانب. الهندسة، مرور حيوانات، عدم كفاءة مستعملي الطريق الآخرين، انحناءات مُفاجئة، أعمال إصلاح بلا إنذارات كافية إلى آخره. وانقياد السائق إلى ما رآه، أو تعود عليه في الغرب، انقياد غير منطقي. ولو بادرنا إلى الشكوى، أفرادا أو حكومة، إلى منتجي تلك المركبات ووكلائها فسرعان ما يجيء القول بأن الفرد له دور في عدم الالتزام بالصيانة الدورية طبقا لكتالوج الاستعمال. ويرى بعض من عملاء تلك الوكالات المحلية أن مثل هذه الأعطال عندما اكتشفت في دول غربية، سارعت تلك الدول لاتخاذ إجراءات عاجلة لحماية مواطنيها، تمثلت في سحب السيارات ومساءلة الشركة المصنعة، فيما لا تزال الجهات المعنية بالمملكة تتابع تكرار حالات الأعطال دون أن تقوم بأي تحرك يحمي المواطنين. وأخيرا ففي التأني السلامة وعلى السائق أن يضيف ساعة تسبق موعده في الجهة الأخرى ويبدأ رحلته، أو يتحمل التأخير لبعض الوقت ليصل، بدلا من هذا الحماس لاستعمال تقنية لم نصل إلى حسن استعمالها على الوجه الأكمل.