حادثة ثبات مثبت سرعة إحدى السيارات على 210 كم بدلًا من 120كم، وعدم تمكن السائق من إلغاء التثبيت أحدث فزعًا لدى سائقي السيارات، فما حدث في تلك السيارة يحتمل أن يحدث في أي سيارة، لأن الخلل خلل مصنعي لا يمكن اكتشافه، فالمعروف أن مثبت السرعة يُلغى تثبيته بدعسة السائق على البنزين، ولا بديل غير ذلك، فإن لم يستجب - كما حدث في تلك السيارة - فذلك يعني الهلاك. ولأول مرة يعرف الناس أن البديل الآخر هو إطلاق رصاصة على الزجاج الخلفي؛ ليدخل الهواء الخارجي، ويجبر مثبت السرعة على الانصياع من عناده في الاستمرار وعدم الاستجابة لرغبة السائق بتخفيض السرعة، ولكنه أنتج معرفة بخبرة رجال المرور حين عرفوا أن الحل هو إطلاق رصاصة، وأبلغوا السائق بذلك، ولا ندري ماذا سيحدث لو لم يتصل السائق بالمرور، وكيف عرف وهو في هذه اللحظات رقم الاتصال السريع بالمرور؟ ولا يعلم إلا الله ماذا سيحدث لو كان السائق يقود سيارته في مسافة بعيدة عن مركز مرور، بأن يكون على إحدى الطرق الطويلة بين مدن المملكة، ولاشك أن لطف الله هو الذي ألهم السائق الاتصال بالمرور، ولطف الله هو الذي جعله يتصل برجل مرور ذي معرفة بالخلل والخروج السريع منه، ولطف الله هو الذي ألهم رجل المرور أن يخاطر بحياته لملاحقة سيارة في ضعف الحد الأعلى للسرعة، وهو موقف نبيل منه بلاشك. ويتساءل الناس: هل الهواء لا يدخل إلا برصاصة تهشم الزجاج الخلفي، ولماذا لم ينصح المرور السائق بفتح الزجاج بفتحاته الأربع؟ أم أن لصوت الرصاص دورًا في إرعاب المثبت؟ والحادثة نادرة ولكن ثقافة التعامل معها من السائقين أندر، فلا أظن سائقًا يعرف أن المثبت سينفك تثبيته بتلك الطريقة قبل نشر هذه الحادثة في الصحف، ومن ثم فإن الأمر يحتاج لنشر ثقافة الوعي بالتعامل مع مثل هذه الحادثة بين السائقين. والأمر المهم هو: هل ستمر هذه الحادثة دون محاسبة للشركات الصانعة على الأخطاء الكارثية في التصنيع..؟! أم أن الأمر سيأخذ حيزًا من الضجيج الإعلامي ثم يدخل في سبات حتى تحل حادثة أخرى تتعلق بأخطاء التصنيع، سواء في مثبت السرعة أم في غيره، ولا يغير من الأمر شيئًا أن السيارة مستوردة من دولة أخرى وليست عن طريق الوكيل؛ لأن المصنع واحد، ولا يعني ذلك حدوث خطأ في التصنيع لدولة وعدم حدوثه في التصنيع لدولة أخرى. أرجو ألا ينصرف الاهتمام إلى جانب خسارة الشركة الصانعة بتأثير ذلك على سوقها، بل يجب أن يكون الاهتمام الأكبر بمعالجة أخطاء التصنيع في كل ما في السيارة وغيرها من الأجهزة ذات الخطورة على حياة المستخدم. أخطاء التصنيع صارت ملحوظة في الصناعات الجديدة، ليس في الصناعات المقلدة أي غير الأصلية بل في صناعات الشركات الكبيرة بعد أن صارت تفتح مصانع في دول أخرى يكاد يشملها انخفاض مستوى الجودة وانحسار في المواصفات، ولعل في حادثة مثبت سرعة السيارة ما يُنبّه وزارة التجارة والصناعة وهيئة المواصفات والمقاييس إلى ضرورة الاستقصاء في سبيل الوصول إلى صناعات تخلو من أخطاء التصنيع، وإذا لم يكن الخلل من السيارة، ولم يكن الإنقاذ من الرصاصة - كما نشر- فما هو مصدر الخلل؟! هذا هو ما يريد الناس الوصول إليه، حتى لو كان من السائق، فالمهم حياة البشر لا كساد السوق، ولماذا لم ينفك تصلب المثبت إلا بعد الرصاص..؟!