لا أعرف رجلاً أو امرأة راجعا طبيباً ثم قال لهما: صحتكما على ما يرام ولا داعي لأي علاج أو تحليل أو أشعة. كان الطبيب قديماً يبدأ بجس النبض. ثم يتحوّل بسماعته الى القلب.. والظهر والفم "قول آه" ثم يأمر بعلاج الحالة التي بدت له. وأذكر أنهم في بريطانيا يفحصون العينين بمنظار خاص يصدر شعاعاً حتى لو لم تكن شكوى المريض ذات صلة بالعيون. يقول لي طبيب: إن الطبيب الجيد هو الذي يكتشف عرضين من أعراض مرض المراجع بمجرد دخوله غرفة الطبيب. والآن نرى أكثر الأطباء يبدأ ب .. عبارة "خير إن شاء الله؟" ثم يسمع الأعراض، ويحوِّلك إلى التحاليل، ثم يقرأ التحاليل في اليوم التالي فهو - أي الطبيب - "مخدوم". الآلة في خدمة الطبيب.. ولم يعد علم الطبيب بخدمة المريض. وانطلاقاً من هذه الاستعراضات جاءتنا عبارات طبيب عام. وأخصائي واستشاري.. وأضافوا "البورد" البريطاني والأمريكي والكندي. صراع الإنسان مع محيطه أوجد مفردات جديدة للأمراض. المالطية.. انفلونزا الطيور.. جنون البقر.. إلى آخره. وأعتقد أن هذا من دلالات العصر "الحضارية"..! أو تصوير هزائم الإنسان وانكساراته وتمزقاته. ولن أعجب إذا سمعت بطبيب يشتكي من رتابة عمله.. مواعيد.. مقابلات. وفي السنين الأخيرة ابتعدت الخدمات الطبية الأهلية عن السلوك الصحيح في الرعاية الطبية وصرف الدواء . وصرنا نقرأ عن حالات استغلال على الشركات، «مشيرة إلى أن الاستغلال يأخذ أشكالاً كثيرة، منها الإفراط في صرف أدوية وإجراء تحاليل لا لزوم لها، وغيرها من الخدمات الطبية غير المغطاة في وثيقة التأمين الصحي الأساسية»، وهنا تأتي ضرورة العمل على ضبط ومراقبة التصرفات «غير الطبيعية» وفق وصفهم، التي تصدر عن أطباء في مستشفيات ومراكز صحية. وسمعتُ أن شركات التأمين تدفع نسبة تتراوح بين 20 و25٪ من الأقساط التي تحصلها من المؤمّنين، إلى حالات الاستغلال والتلاعب بقصد أو بغير قصد.