كشفت دراسة علمية حديثة عن وجود علاقة قوية بين القسوة في التعامل مع الأبناء وإدمان المواد المخدرة، كما أن «التدليل الزائد» يمكن أن يقودهم إلى تعاطي المخدرات بدرجة لا تقل عن تأثير التعامل القاسي. وأشارت الدراسة التي أعدها الباحث «ماجد بن محمد الضبعان» تحت عنوان «الأبعاد الاجتماعية لدى مرضى إدمان المخدرات وأسرهم» إلى ضرورة توعية الأسر بالأساليب الناجعة في التربية والتعامل مع النشء، والابتعاد عن استخدام العقاب الجسدي، دون إغفال أهمية الرقابة والمتابعة في وقاية الأبناء من مخاطر تعاطي وإدمان المخدرات. وتوصلت الدراسة -التي درست حالة عدد من مدمني المخدرات وأسرهم- إلى أن 57.1% من المدنيين يرون أن قسوة الوالد كانت دافعاً للتعاطي والإدمان، بينما أكد 53.6% من عينة الدراسة أن تفرقة الآباء والأمهات في المعاملة بينهم وبين أخوتهم أدت إلى تعاطيهم للمخدرات. وعن تأثير العلاقة بين الأبوين على سلوكيات الأبناء قال أكثر من 53% من الحالات، أن إساءة معاملة آبائهم لأمهاتهم ساعدت على اتجاههم لتعاطي المواد المخدرة، بينما اعترف 53% أن ضعف الرقابة وعدم مساءلة الآباء والأمهات لهم عن سلوكياتهم شجّعتهم على التعاطي والإدمان، واتفق ما يزيد على 75% من المبحوثين على أن إساءة معاملة الوالدين لهم دفعت بهم إلى التقرّب من قرناء السوء الذين قادوهم إلى هاوية المخدرات، فيما نفى أكثر من 82% القول إن إدمان الوالدين أو أحدهما كانت سبباً في اتجاههم للتعاطي من باب التقليد. وحول تأثير الأصدقاء أكدت الدراسة أن 85% من حالات الإدمان بدأت خطواتها الأولى للتعاطي بدافع التجربة وبتشجيع من أصدقائهم المتعاطين، واعترف ما يزيد على 60% أن عدم التزامهم بالقيم وأن الوازع الديني شجعهم على تجربة التعاطي حتى وصل الأمر إلى حد الإدمان. أما أسر مرضى الإدمان فقد اتفق 51% منهم على أن القسوة الزائدة في التربية دفعت أبناءهم إلى إدمان المخدرات، في حين اعترف 60% من الأسر على أن إهمالهم في الرقابة ساهم في سقوطهم في هذا المستنقع. وبيّن ما نسبته 44% من الأسر التي تناولتها الدراسة أن التفرقة في المعاملة بين الأبناء كانت سبباً في ذلك، بينما أشار 47% من الأسر إلى الخطأ الكبير الذي ارتكبوه بالتدليل الزائد والذي جرّ أبناءهم إلى التعاطي، وأقرّ قرابة 50% من الأسر بمسؤوليتهم عن انحراف الأبناء؛ بسبب عدم المبالاة بتصرفاتهم أو حرصهم على توجيههم، وأكد 57% من أسر ضحايا الإدمان على أن سوء الحالة الاقتصادية للأسرة ساهمت في اتجاه الأبناء إلى تعاطي المخدرات وإدمانها. وعلى ضوء ذلك طرحت الدراسة عشر توصيات لوقاية الأبناء من مخاطر الإدمان، كان أهمها توعية الأسر بأساليب التربية السليمة في التعامل مع النشء وتحصينهم ضد آفة المخدرات، والعمل على شغل أوقات الفراغ للأبناء بصورة أفضل، ومتابعة التقارير والأنشطة المدرسية، والوقوف على مشكلاتهم الخاصة، ومحاولة إيجاد حلول لها، والعمل على تعزيز حضور الوازع الديني في نفوس الأبناء، وإثراء معارفهم بالثقافة الدينية، لامتلاك القدرة الذاتية على رفض أي محاولات لسحبهم إلى دائرة التعاطي ولو من باب التجربة. وطالبت الدراسة بضرورة البحث عن أفضل السبل لتفعيل دور المدرسة في وقاية الطلاب من مخاطر إدمان وتعاطي المخدرات، وتنمية وعي الآباء والأمهات بأهمية شغل أوقات فراغ الأبناء ومتابعة سلوكياتهم.