متفائلون بأن وزير الاقتصاد والتخطيط الجديد سيحدث نقلة نوعية واضحة يجسد فيها ما كان غائبا في الخطط الخمسية منذ عام 1970 وعلى مدى 41 عاما من التخطيط ويحول العبارات المكتوبة إلى مؤشرات اقتصاديه طال غيابها والى معايير تقيس إنجاز الخطط المستقبلية عاما بعد عام. لقد طال الجدل حول مدى دقة وجودة تخطيطنا ففي 9-11-2006 كتبت مقالين بعنوان ( ما الذي حال بين وزارة الاقتصاد والتخطيط وأداء مهامها الاقتصادية) ولم تكن ردة الفعل ايجابية بل مازلنا متعنتين ومصرين على أن تخطيطنا أفضل تخطيط بشهادة الخبراء ولكن التخطيط يقاس بنسبة تحقيقه لأهدافه فكيف ندعي أنه فعلا تخطيط سليم ومبني على معلومات دقيقة ومحدثة والمخرجات سلبية إلى حد بعيد؟ إذ مازال اقتصادنا ريعيا لأن تنويع مصادر الدخل مازال محدودا فصادراتنا غير النفطية لا تتجاوز 11% من إجمالي الناتج المحلي والبطالة تجاوزت 10% ومعظم السعوديين لا يملكون مسكنا والمدن مزدحمة مروريا وبشريا بسبب الهجرة من القرى وغياب التنمية المتوازنة بين المناطق ومازالت مدننا تحتل المراكز الأولى في التلوث البيئي ولا يوجد بها شبكة مواصلات عامة. إن التخطيط يعزز الايجابيات ويجنب السلبيات ويضع الحلول المناسبة للقضايا الحالية والمتوقعة برؤية استراتيجية واضحة محددة الزمن والأهداف حتى يجني ثمارها الاقتصاد والمجتمع. إن التخطيط عملية مؤلفة من عدة خطوات تبدأ بعملية المسح البيئي، الذي يعني ببساطة أن المخططين يجب أن يدركوا الظروف الاقتصادية الطارئة والحرجة التي تواجه البلد ومحاولة استشراف الظروف المستقبلية، حيث تشكل هذه الاستشرافات أساسا للتخطيط. كما يجب على المخططين وضع الأهداف التي توضح ما يلزم تحقيقه ومتى وتحديد الاختيارات البديلة من خلال تقييم البدائل المختلفة واتخاذ أفضل القرارات للوصول الى الأهداف ووضع الخطوات اللازمة لضمان التنفيذ الفعال للخطط. وأخيراً على المخططين الاستمرار في تقييمهم نجاح خططهم من خلال المتابعة والمراقبة واتخاذ إجراءات تصحيحية عند الضرورة. لأن التخطيط هو إدارة مستقبل الموارد المتاحة في بيئة غير مؤكدة ومتغيرة يتم فيها تحديد الأهداف والإجراءات التي يجب اتخاذها خلال مدة زمنية محددة طبقا لعدد من الفرضيات والمعطيات التي تحدد اتجاه التخطيط مستقبليا. هكذا يصبح التوقع المستقبلي واتخاذ القرارات اللازمة لانجاز الأهداف التي يرغب المخططون في تحقيقها شاهدا على مدى فعالية هذا التخطيط وقدرته على توقع تلك المتغيرات الايجابية والسلبية التي تؤثر مباشرة أو غير مباشرة على أداء الاقتصاد تفاعلا مع نتائج تلك التوقعات والاستشرافات . إن التخطيط السليم عبارة عن ماذا نريد انجازه؟ متى؟ أين سيتم تنفيذه؟ من سيكون مسؤولا عنه؟ كيف سيتم تنفيذه؟ كم الوقت والطاقة والموارد المطلوبة لتحقيق الأهداف؟. هكذا نحتاج إلى عدة معايير تهدف إلى تمكننا من الوصول إلى الأهداف الواقعية والمحددة والقابلة للقياس مع التركيز على الأهداف الرئيسة التي تعزز أداء الاقتصاد. الخطة مهما كانت ناجحة لا بد أن تواجه عوائق متوقعة يجب تحديدها وكيف يتم التعامل معها من اجل رفع فعاليتها وتحقيق النتائج المطلوبة، على سبيل المثال، ضعف المعلومات (غير محدثه، رديئة الجودة، ناقصة) يؤدي إلى فشل الخطة أوالتركيز على الحاضر على حساب المستقبل أو التركيز على المتغيرات تحت السيطرة (العوامل الداخلية)، بينما يتم تجاهل العوامل الخارجية مثل المؤشرات الاقتصادية الايجابية أوالسلبية التي لا يمكن السيطرة عليها. إن تجاوز تلك المعوقات عند إعداد الخطة يتوقف على مدى فعالية الاتصالات ومشاركة جميع الإدارات من جميع المستويات الإدارية وجمع المعلومات الجيدة والكافية. نطلب منك وزير الاقتصاد والتخطيط نشر المؤشرات التالية: ثقة المستهلك، البطالة، مبيعات محلات التجزئة، مستويات المخزون، الإنتاج الصناعي، مبيعات السيارات، عدد المساكن الجديدة حتى يقيم المستثمر المحلي والخارجي قدرات اقتصادنا ومستوى المخاطرة.