ما حدث في ملعب نادي الشعلة ليلة الخميس الماضي في كأس ولي العهد وما أعقبه من تصريحات وردود فعل كشف أن جهات حكومية عدة تنافح للهروب من المسؤولية بقدر يفوق الهدف الذي وضعت من خلاله الثقة فيها لتقديم الخدمات المثالية للمواطن الذي يهمه فقط الحصول على كل الخدمات التي تليق به، وتنفيذ المخططات التي رسمت من أجله على أصعدة عدة، والفوضى التي حصلت دفعت لإقناع كل من تابع مباراة الشعلة والهلال وقبلها كثير في عدم قدرتنا على تنظيم بعض المباريات المحلية، وتوجيه رسالة بافتقاد كثير من محافظاتنا للملاعب الرياضية القادرة على استيعاب الجماهير المحبة لكرة القدم. ضاعت القضية في زحمة تبادل التهم، فكل مسؤول في جهة أخرج نفسه راميا بتبعات الأحداث على غيره؛ ليظل المشجع الرياضي المراهق الذي وجد الأبواب مشرعة أمامه لدخول ساحة الميدان على الهواء مباشرة وأمام نجوم كبار يتابعه الملايين هو المسؤول الوحيد والضحية الوحيدة. متابعو كرة القدم في السعودية تتضاعف أعدادهم، مع ارتفاع نسبة المشاهدة والتغطية الإعلامية والتحفيز للحضور والمساندة في القنوات الفضائية ووسائل الإعلام فضلا عن ازدياد عدد السكان في السنوات الأخيرة وغالبهم من فئة الشباب، في وقت لم تزد فيه أعدادا ملاعبنا، ولم يتم صيانتها وإعادة ترتيب وضعها بالطريقة التي تتلاءم مع المتغيرات الجديدة، فملاعبنا في كثير من المدن والمحافظات لا تزال غير قادرة على استيعاب الأعداد المنتظرة، ولنا في ملعب الأمير عبدالله الفيصل بجدة والذي يحتضن مباريات اثنين من أكبر الأندية الجماهيرية خير مثال على الصعوبات والزحام والضغط الجماهيري الشديد الذي يقود لمشاكل تنظيمية، وتدافع جماهيري، وعدد مشجعين يفوق عدد المقاعد المتاحة، وسوق سوداء عند بيع التذاكر؛ فإذا كان هذا هو الحال في مدينة جدة، فكيف سيكون الوضع في محافظات ملاعبها تفتقد لأبسط أنظمة السلامة، ولا تستوعب أكثر من 2500 مشجع، وأظن أن الموافقة على استضافة ملعب الشعلة للمباراة خطأ استراتيجي، ونقص التواجد الأمني ساهم في سهولة إقدام مراهقين على نزول الميدان. من كبرى مشاكلنا في عمل جهاتنا الحكومية أننا لا ننتلمس حجم الخطر إلا بعد وقوعه، كما حدث في كارثة سيول جدة، لكن في الخرج نحمد الله أن العواقب لم تتجاوز ما خرجت به المباراة، وأن منسوبي الفريقين، والحكام والجماهير الرياضية وكل من في الملعب خرجوا بأقل الأضرار. وإذا لم يكن لهيئة دوري المحترفين علاقة بالمباراة القضية كونها ضمن كأس ولي العهد، فإن المؤكد أن من يرأس الهيئة، هو ذاته من يرأس اتحاد الكرة المنظم لكل البطولات السعودية، ومن في الهيئة أعضاء في الاتحاد، فلماذا يهتم أصحابنا بالهروب من القضايا بدرجة تفوق اهتمامهم بعلاجها؟!.