لم تكن زيارتي الأخيرة لمدينة الرس كغيرها من الزيارات المتكررة التي اقوم بها لمدينتي المحبوبة (الرس) - المدينة الجميلة التي ترسو على الجانب الجنوبي لوادي الرمة الشهير بمنطقة القصيم- وهذه الزيارة التي كانت مخصصة لصلة الارحام كما امرنا بها ربنا عزوجل، تعلمت منها دروسا لاتنسى، وعظات وعبر لاتعد ولاتحصى، كان ذلك عندما اخذني الفضول إلى حي الجوازات الذي شهد خلال الفترة من 25-27/2/1426ه موقع الملحمة البطولية التي سطرها رجال امننا البواسل لضبط ومحاصرة شرذمة باغية يقودها فكر منحرف دخيل على هذه البلاد، وذلك لاشاهد بأم عيني مافعلته هذه الشرذمة الخبيثة الباغية في جسد الوطن الغالي، وما فعلته يد الغدر والعدوان بأرض الاسلام الخالدة، وبعد وصولي للحي وبالمصادفة دخلت برفقة صاحب الشقة المطلة مباشرة على الموقع نفسه، وهالني حجم الدمار الذي عم ارجاء الموقع، وسألت نفسي، هل حقا ما اشاهده أمام ناظري الان فعل ابناء الاسلام، ابناء هذا الوطن؟، والحقيقة أن ماشاهدته على الواقع لايفعله مسلم يدين بالاسلام او مواطن تربى في احضان الوطن الكريم، والله ان المسلم الحق والمواطن الحق ليتقطع قلبه حسرة ومرارة بمشاهدة آثار رصاصة واحدة لمست جدار منزل مواطن، فما بالكم بآثار مئات الرصاصات والقنابل اليدوية، التي ادمت القلوب قبل المساكن (انا لله وانا اليه راجعون). في حقيقة الأمر، وقفت مذهولا للمشهد الذي لم نتعود عليه، وانا أكثر من الحمد والثناء والمنة لله عزوجل ان رد كيد الكائدين في نحورهم وحما البلاد والعباد من شرورهم، وأن جعل لنا الله من انفسنا رجال أمن بواسل يذودون عن حياض الوطن ويفدون بدمائهم الطاهرة كل ذرة من ترابه الغالي، هولاء الرجال الذين يتصفون بالشجاعة والاقدام لنيل رضا الله والذود عن العقيدة الاسلامية والارض المباركة. كما خرجت بقناعة راسخة وأكيدة بأن أعمال هذه الفئة الإرهابية الباغية لن ولم تنال بحول الله وقوته من عزة وشموخ وأمن هذا الوطن في ظل هذا التلاحم المشرف بين قادته الاوفياء وأبنائه البررة، وانها سوف تزيد لحمة وتكاتف الجميع خلف قيادتهم الحكيمة، كلهم كما شاهدنا وسمعنا كانوا على قلب رجل واحد فداء للوطن، مهما كلف الثمن انفسا او ممتلكات، ونشيد هنا بالمواقف العظيمة التي تجلت في هذه الازمة ومنها موقف المواطنة الصالحة مديرة المدسة المحمود عندما وجدت نفسها فجأة بالقرب من الحدث، وكذلك مواقف رجال الأعمال بإمداد رجال الأمن البواسل بالمؤن وغيرها، ووقفت متأثرا بحس الوطن أمام لافته كتبها مواطن أمام منزله المدمر (انا ومنزلي ومالي فداء للوطن)، وقلت ياوطن ما بعد هذا ...، هؤلاء هم ابناؤك، سجية جبلوا عليها منذ الصغر ولايحيدون عنها قيد انمله وهي حبك، نعم هؤلاء هم ابناؤك رجالاً ونساء كباراً وصغارا يقولون بلسان واحد: تبا للإرهاب، وتبا لمن يعبث بأمنك ياوطن. وفي الختام أقول لنا الحق ان نفخر كمواطنين سعوديين بأننا مسلمين نشأنا وتربينا على ملة الاسلام وفي بلد الاسلام بلد الأمن والامان بلد الخيرات، ولنا الحق كذلك ان نفخر بأمننا الوارف في كافة ارجاء وطننا الكبير. جعل الله بلادنا بلاد الحرمين الشريفين وكافة بلاد المسلمين امنة مطمئنه وحرسها الله بعينه التي لاتنام، قال الله تعالى (واذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا امنا وارزق أهله من الثمرات من آمن بالله واليوم الاخر). مدينتي الجميلة الرس كما عرفتك، جميلة في هدوءك، بليغة في ردك، عصية على الإرهابيين.