على الرغم من قناعتي التامة بحاجة الكثير إلى كثير من المرافق والمشروعات وخاصة المشروعات المائية منها لما لهذا العنصر من أثر في حياة الناس عبر التسلسل البشري الا انني وقفت باعتزاز وافتخار أمام العديد من المشاريع الرائدة والهادفة في الجولة التي قام بها الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز باراً بوالده متابعاً ومنفذا لكل مشروعات سمو أبيه الخيرية في المنطقة، وقد استهواني ما رأيت من رجل كبير تتقدمه عصاه متوكئاً عليها حينما صرخ بصوت مرتفع وشلالات الماء تنهمر بالنعمة والخير. فكان يردد: جزاكم الله خيراً. وكأن الفرحة التي تبدت في عينيه دموعا ساخنة تجاوزت مقام الألقاب والتبجيل، لقد كانت دموعه تسقط قبل أن تصل شلالات الماء إلى الأرض نظرت اليه باعجاب وقلت: ما أجمل هذا الدعاء في هذا الوطن ياوالدي، قال: يابني وهل أملك إلا هذا؟ أدركت أن اجابته على بساطتها عظيمة بعظمة فرحته الرائعة لأنه لو ملك غير الدعاء لجاد به دون تمهل وما الدعاء بقليل، وانفتلت عنه لتعود الذاكرة إلى الوراء فاستعرض ما علمته وما قرأته مما كابده الآباء والأجداد، لقد كان البئر في الواحة كنزاً ثميناً يصل الاهتمام به إلى حد الخصومة، فكيف بنا اليوم وهذه الشلالات تعطي بسخاء والآبار تقذف بعظيم العطاء، وتركت ذكرياتي لاعدد هذه المشاريع التي اختلفت بين بئر ارتوازي ومحطات تحلية لماء البحر ومحطات تنقية لمياه الآبار، وسرني كثيرا ان يبلغ إنتاج كل محطة أكثر من خمسمائة ألف لتر يوميا اي بمعدل 500 متر مكعب ضمن منظومة المشاريع التي بلغت سبعة عشر مشروعا تم افتتاح بعضها وتجهيز بعضها الآخر بنسبة عالية جداً. والذي اعطى لهذه المشاريع بهاءها ان الأمير فهد بن سلطان اشرف بنفسه عليها مباشرة فمن شابه اباه ما ظلم، فهو أول من استن نهج المشروعات الخيرية من حيث النوعية والكم في المملكة العربية السعودية، فأي كرم أبلغ من هذا الكرم، واي عطاء أبلغ من هذا العطاء.. أخي القارئ: ان الوفاء لهذا الوطن الكريم يأتي في أولويات الاهتمامات الوطنية، ويأتي في رأس هذا الوفاء، الولاء لمن قدموا للوطن والمواطن جليل الخدمات وعظيم العطاءات حتى تظل المملكة العربية السعودية من دول الريادة في هذا المجال، لأن مثل هذه الخدمات والعطاءات تعكس المظهر الحضاري للأمة وتشير بافتخار إلى الدور الريادي لدولتنا العامرة، فماذا نقول بعد ذلك إلا ان نضرع لهم بالدعاء أن يوفقهم الله في قيادة هذا البلد. وإنني اذ أبارك للمحافظات المعنية، املج والوجه وضباء وتيماء في مشروعاتهم الخيرية والخيرة لأبارك لهم ايضا في قيادتهم الحكيمة التي جعلت المواطن في هرم أولوياتها. اخي القارئ: هل هناك أجمل من هذه الصدقة الجارية التي تفيض بالأجر والثواب على صاحبها أكثر مما تفيض من الماء إن شاء الله؟ ولك أن تقدر اخي الكريم ما لهذه المشروعات من أثر عظيم في نفوس المواطنين وفي الواقع الاجتماعي المعاش، فماذا نقول لصاحب السمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز الا الدعاء ان يجعل الله ما قدمه في محسوب أجره وجزيل ثوابه. والجميل في هذه المشروعات انها تناثرت في أماكن متعددة من محافظة أملج والوجه وضباء وتيماء، ولك أن تعلم صديقي القارئ هذه المساحات وتلك المسافات في عمق هذه العطاءات الرائدة. وعلى الرغم من ان المشاريع قد تبدو في نظر البعض اجراءً إدارياً اعتيادياً، ولكنها تستمد عظمتها وروعتها من أمور ثلاثة: أولاً: أن هذا العطاء في العديد من المشاريع كان مشروعا خيريا ينهال بنعمة الماء على العديد من سكان تلك المحافظات والمناطق،. ثانياً: أن المشاريع لا تقدر بكبرها، بل تقدر بحاجتها، واحتياج المواطنين لمثل هذه المشاريع كاحتياج الأرض للماء والنفس للهواء، ومن هنا نستطيع ان نلمس تقدير الراعي لمصلحة المسترعى وتحسس ولاة الأمر لأمور الرعية. ثالثاً: ان هذه المشاريع قامت على دراسة مستفيضة ودقيقة راعت الاستفادة من الأصلح والأجود دائما فمن لم يسعفه البحر اسعفه البئر، فقد تراوحت هذه المشاريع بين تحلية مياه البحر وحفر الآبار الارتوازية المفلترة حسب المواصفات الرائعة.