إن من أهم الأمور في زماننا الحالي بالنسبة للصغار دفء المشاعر من الوالدين، ودفء العواطف التي تفيض من الوالدين على أبنائهما، فلذلك أثر عظيم على الصغار، وعلى نشأتهم، واتزانهم، ونموهم. ونحن في هذه الحياة التي تعددت وتنوعت فيها سُبل الترفيه، والمغريات، نقول إن دفء مشاعر الوالدين تجاه الأولاد له أثر كبير عليهم، فعندما ينشأ الأولاد ويكبرون، وهم يجدون من الوالدين مشاعر طيبة دافئة، وعواطف جياشة، من غير إفراط ولا تفريط، لا شك أن هؤلاء سوف ينشأون نشأة سوية، ويكونون متميزين بين أقرانهم، سواء في حياتهم العلمية - صغاراً وكباراً - أو في حياتهم العملية في المستقبل، وذلك لما ينهلون منه من غذاء روحي ونفسي يتمثل في تلك المشاعر الدافئة التي يجدونها من الوالدين. أعرف أحد أقاربي رزق بأبناء وبنات، تسألني عن محافظتهم على العبادة والصلاة، وتفقده لهم في ذلك، فأقول لك: هم نموذج في ذلك. إذا سألت عن حالهم في الدراسة أقول لك تفوق لا حدود له. حبهم للآخرين، ونظرتهم المعتدلة الوسطية للحياة ولما حولهم على أكمل وجه، تراه إذا لقيهم يقبل هذا، ويضم هذا، ويربت على كتف هذا، ويعانق هذا. يسألهم عن أحوالهم، يعطيهم الثقة في الحديث، ويعامل كلاً منهم باحترام، ويستمع لهم باهتمام، وينصح لهم، ويتابع أخبارهم الدراسية باهتمام، ويسأل عنهم. ويُجلسهم بجانبه، وينظر إليهم بمودة واهتمام واحترام. قريبي هذا كان من أبر الناس بوالديه، ولعله والله أعلم - قد دعا له أحد والديه أو كلاهما في لحظة إجابة فاستجيبت دعوته فلقي البر من أولاده. أقول: ما أحوجنا جميعاً إلى أن نغرس في أبنائنا وبناتنا تلك المشاعر الدافئة التي تدغدغ عواطف الإنسان، وتبعث فيه الانشراح، والراحة النفسية، وتجعل عينه قريرة، وباله هانئاً عندما تشيع هذه المشاعر في النفس، فتبعث فيها الطمأنينة، والإحساس بأنه جزء من كل، وبأن من حوله يحوطونه بالرعاية والعناية، ويولونه المشاعر الدافئة، من حنان وعطف ورعاية. إن كثيراً من الشباب الذين انخرطوا في أعمال غير سوية، أو سلكوا طرقاً غير حميدة قد عانوا الحرمان من تلك العواطف إما نتيجة لجمود الوالدين عاطفياً أو لدوام انشغالهما عن الأولاد، فيشعر الأولاد بفراغ روحي وعاطفي يحاولون شغله بأي طريقة فيقعون فريسة لأهل الشر ولا يجدون من الوالدين فرصة لكي يبثوهما همومهم، ويصارحونهما بمشاكلهم، ويستشيرونهما في أمورهم. ألا فهذه دعوة لكل والدين لملء هذا الفراغ عند أولادهم بتلك المشاعر الدافئة.