د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري - الاسلام اليوم لا أزعم أني سأكون موضوعياً عندما أتحدث عنه، ولا أني سأحاول ذلك، ولكني سأتحدث بقلب المحب، وأنظر بعين الرضا، ولا أبغي عن ذلك حولاً. فحديثي مزيج من الحب والإعجاب؛ فقد استطاع أن يفتل حبل التواصل المتين من هاتين الضفيرتين الحب والإعجاب، الحب من خلال العلاقة الجميلة الدافئة المتدفقة بمشاعر النبل والوفاء وصدق الأخوة، والإعجاب من خلال الإنجاز الضخم الذي يتفتق بين يديه، فيوجد حيث ما وجد. حديثي عنه مجدول بالحب والإعجاب، وقلّ أن يجتمع الإعجاب والحب . فقد غمرني دفء مشاعره ووفاء صداقته وحميمية علاقته في مواقف جميلة، يظل وجداني يضج بها إذا تذكرتها، وما حسبتني نسيتها قط، لا يمكن أن أنسى العارض الصحي الذي مر بي، فشعرت أنه يفيض عليّ من حنانه وعواطفه وحبه ما أشعرني أني وإياه روح واحدة انشعبت في جسدين. ولا يمكن أن أنسى دفء المشاعر وأنا على سرير المرض، وللمشاعر روح لا تفيضها الكلمات، ولكنها تبرق في عيون المحب عطفاً وتحناناً، حتى تكاد تشعر أن عينيه تستصرخ الألم لتحمل عنك بعضه، هتافه لا ينسى وهو يتصل بي ليخبرني بعبارات تقطعها العبرات، وهو يبث إليّ بشرى مبشرة، فتذكرت قول عائشة رضي الله عنها: "والله ما شعرت أن أحداً يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي من الفرح". ولقد رأيته يبكي فرحاً لي، فكيف يُجزى مثل هذا الشعور؟! وفي الأحباب مختصٌ بوجدٍ وآخرُ يدّعي معه اشتراكا إذا اشتبكت دموعٌ في خدودٍٍ وآخرُ يدّعي معه اشتراكا أشعر أن الكلمات قليلة لا تسعفني لأعبر عن مشاعري تجاه من رأيت عظمة مشاعره، وهو يعاطيني الحب بصدق ودفء وانفعال تبينه التعابير الحميمة أكثر ما تصوغه العبارات الجميلة. كيف لي أن أعبر عن فيض المشاعر الإنسانية عندما أتلقاه في موقف صدق، أو عن أصالة الخلق عندما أتلقاه في موقف نبل، شتان بين الرسم بالكلمات والتجسد في المواقف، إنه الفرق بين الصورة الصامتة والحقيقة النابضة بالحياة. نظرت إليه بإعجاب وأنا أراه يتوثب في مراقي النجاح بخطا واسعة متسارعة. عرفته في بدايته المبكرة فتى في المرحلة الثانوية، وعرفته يدلف إلى مؤسسة (الإسلام اليوم) في مرحلة التأسيس قبل أن تعرف وتشهر إلاّ لدى القلة القليلة من الذين ائتمروا بخير على إقامتها، فكان بالنسبة لمؤسسة (الإسلام اليوم) من أهل بيعة العقبة الأولى. لا أستطيع أن أكابر إعجابي، وأنا أرى توهّج إبداعه، بحيث لا يستطيع مكان أن يحتوي طاقته المتدفقة، ولذلك كان يتدرج صعداً في المؤسسة التي هو فيها، فما كانت زاوية بيت الأسرة تستوعب هذه الطاقة المتدفقة، وإذا بها تصعد به إلى إدارة التحرير، ثم إدارة المؤسسة، ثم تبعت عيناي تحليقات نجاحه في الآفاق عالية، وكل مكان يصل إليه يملؤه بالحيوية والفاعلية والإنجاز، إنها الطاقة المتدفقة المبهرة تألّقاً ونجاحاً. عرفته فعرفت لديه طاقة ليس في أنه يفعل أو ينجز؛ بل أن يبث الفاعلية فيمن حوله، وأنا مدين له بجزء من هذه الفاعلية التي سربت إلى روحي من خلال مشوراي معه. ودعوني أفشي سراً أن أول مقال كتبته في حياتي احتال عليّ فيه، وكان طالباً في المرحلة الثانوية لينشره في المجلة التي كانت مدرسته تصدرها. وأن أول مقال نشرته على الإنترنت كان مقال (امرأة في حياتي) أوحى إليّ بفكرته، وجعل يداورني يمنة ويسرة حتى استحلبه مني، ثم أولجني عربة الكتابة المنتظمة، ولذلك فإن أول كتاب خرج لي، وهو كتاب "لوحات نبوية" كان بتحفيزه ومتابعته. هو من تلك النوعية النادرة الذي أتى ليقاسمك رفع حمل احتواه بكلتا يديه، فحمله عنك كله. أخي أبو رناد أسطورة من النجاحات، جزء من نجاحاته في الإنجازات الرائعة التي توجد حيث يوجد، وجزء من نجاحاته الرائعة هذه العلاقة التي يلحمها مع زملائه، وهذه الفاعلية التي يبثها فيمن حوله، وجزء من نجاحاته قوة سيطرته على عواطفه، بحيث إن مشاعر الإنجاز تتغلب على كل الهنات الصغيرة التي قد تواجهه في مجال العمل. فدوائر العمل لا تخلو من الاحتكاكات، وقد ينشأ من بعض الاحتكاكات انقداح شرارة، لكن بوجوده فإن هذه الشرارة تشتعل طاقة منتجة، ولا يمكن أن تشتعل حريقاً مدمراً. دخل إلى مؤسسة (الإسلام اليوم) فصعد إليها من عتبتها الأولى، لكن كان في صعوده يقفز قفزات نجاح هي نجاح للمؤسسة، ولذلك فإني أشهد له أنه قد دفع مؤسسة (الإسلام اليوم) بكلتا يديه، فانطلقت مسافات لا أستطيع أن أتخيل تلك الانطلاقة لو لم يكن هو موجوداً. كان أخي أبو رناد معنا في مؤسسة (الإسلام اليوم)، فكان بين أيدينا، ثم انطلق إلى قناة (المجد) فصار في قلوبنا، ولإن كنا نعزي أنفسنا بانتقاله فإننا نعيش نشوة الفرح أنه انتقل إلى مكان يتسع لطاقاته وإبداعاته وقدراته المتدفقة على النجاح والإنجاح، فهنيئاً لنا كما هنيئاً لقناة (المجد) بهذه الطاقة الكبيرة المنتجة المبدعة. جرى معك الجارون حتى إذا انتهوا إلى الغاية القصوى مضيت وقاموا بقي أن هذه النجاحات في حياة د. أحمد هي كلها واحد من نجاحات معالي محمد بن ناصر الصقر، والذي جعل من حيوات أبنائه عبد السلام وعبد العزيز وأحمد مسارات متوازية من النجاحات؛ فلكل واحد منهم قصة مع النجاح والتفوق الشريف تُضاف إلى النجاح الكبير الذي حققه أب عصامي علمهم فيما علمهم الدأب بصمت، والمنافسة بشرف والعطاء بسخاء؛ فهم كلهم كواكب سابحة في فلكه الواسع. فقرة عين لك أبا عبد السلام . ثم أما بعد فأفضال كهذه ونجاحات كهذه لا أحسب أنني أستطيع أن أكافئها إلاّ بحسن الثناء إذا ذكرته، وبإخلاص الدعاء كل ما وجدت لذة الدعاء، وتحرّيت ساعة الإجابة، فأسأل الله -عز وجل- لأخي د. أحمد بن محمد الصقر أن يجعله مباركاً حيثما كان، وموفّقاً حيثما توجه، وأن يجعل عقباه في كل عمل نجاحاً وصلاحاً وفلاحاً، وأن يدخر له في العقبى ما هو خير وأبقى، وأسأل المولى الذي أقر عيني والديه به أن يقر عينه بصلاح ذريته، فيرى فيهم أفضل مما تمنى، وأكثر مما سأل. إن ربي لطيف لما يشاء، إنه هو العليم الحكيم.