التجاوز الحضاري والتاريخي صفة ملازمة تماماً لخادم الحرمين الشريفين – حفظه الله- تجاوزا لا تقف أمامه عقبات ولا تثنيه تحذيرات، إنسان لم يسكن ضميره حب السلطه بقدر ما سكن ضميره طموح الإنسان البسيط ومخاوفه وآماله وأراد أن يتجاوز بالإنسان الخليجي كل حدود التقسيم والإستقطابات الطائفية ونزاع المصالح إلى انتزاع المصالح له من فك التحولات الطاحنة ليضمن لأبناء الخليج موقعاً كريماً في زمن المستقبل التي غطت سماء الخليج إشاراته المحذرة من الانحدار باتجاه أصحاب الرضى الكاذب في محيطنا الإقليمي . هناك أشخاص عملوا على كتابة التاريخ وسخروا كل ما وقع تحت أيديهم من إمكانيات ليصنعوا لأنفسهم صورة يحفظها لهم التاريخ أقاموا تماثيلهم بكل ميدان يقع تحت سيطرتهم واشتروا أصحاب الأقلام وأقلامهم واستأجروا العقول المعروضة في المزاد الثقافي فكان لهم الحاضر تاريخا محدود الصلاحية ومقبوضا عليه بتهمة الانتهاك الأخلاقي والوطني بعد تاريخ انتهاء بقائهم مباشرة ، انشغلوا بكتابة التاريخ فأنصفهم التاريخ بالخروج من صفحاته الخالدة ، الملك عبدالله انشغل في بناء تاريخي تجاوز عطاؤه عصره لعصر الأحفاد ليكون حق جيل المستقبل وحده كتابة التاريخ ولم يكن من صنف عشاق الذات والذوبان في الانفرادية التي تسلب من الشعوب كرامتها وحقها في الحياة والإنجاز ، فدعوته من تجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد للدول الخليجية تعد اقتناصاً لزمن لم يكن حاضرا في حاضر واقعنا الخليجي زمن دعته شروط الحاجة وأبعدته التحديات وهنا أرسل عبدالله بن عبدالعزيز في طلبه ليشهد العالم لحظة ولادته التاريخية. الشخصيات التاريخية شخصيات لا يجود بها الزمن في كل حين ، فهي وحدها القادرة بعون الله على صناعة اللحظة التاريخية التي تغير وجه الحياة والزمن ، فهل نجد التعاطي المطلوب مع هذه الإرادة السياسية ؟ لنجعل من قضية الوحدة الخليجية واندماجها في كيان اتحادي واحد شيئا مرتبطا بالكرامة الوطنية ، إن هذه الدعوة التي قدمت لكل أبناء الخليج لم تكن دعوة لملء فراغ في بيان القمة ، بل هي دعوة لملء فراغ في التاريخ ، فراغ ظل أكثر من ثلاثين عاما محط أنظار الطامعين فأغراهم جشعهم للتسلل عبر منافذ وجودنا إلى ذلك الفراغ ، فهل نملأ هذا الفراغ بإرادتنا أم يملؤه الطامعون بمصالحهم ونطلب منهم حق البقاء بعد أن يسلب منا البقاء. ومع هذه الدعوة هل نتجاوز اختلافاتنا أم ان اختلافاتنا هي التي سوف تتجاوزنا لتلقي بنا إلى مناطق الهلاك، نعلم ان هناك اختلافا في أسلوب التنظيم والإدارة بين الدول الخليجية ، وتركيب نظام على نظام لا يعد أمرا محمودا، ولكن الاختلاف في الإدارة شيء ،وتحقيق القوة الاتحادية شيء آخر، أم نحن من الذين يعتقد أن مشاكلنا اسثناء، واستثناءنا مشاكل.