«سدايا» تعزز مشاركة السعوديات في مستقبل الذكاء الاصطناعي    الجامعات السعودية تتصدر قائمة أفضل 100 جامعة في العالم    الإدارة الجديدة تكبح الفلول وتبسط سيطرتها.. سوريا.. العمليات في الساحل تقترب من نهايتها    أمريكا ترصد 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن متزلج كندي    حبست زوجها على شرفة المنزل.. فمات من البرد    الاتفاق يعبر العروبة بثنائية    قطبا مدريد يخوضان ديربيين في سباقهما على اللقب    1340 حالة ضبط ممنوعات في المنافذ الجمركية خلال أسبوع    ضبط أكثر من 20.7 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    نادي الأخدود الرياضي يحتفي بيوم المرأة بشراكة مجتمعية    عبر أنشطة وفعاليات ثقافية.. برامج رمضان في جدة التاريخية تعزز التراث والأصالة    الموت يغيب أيقونة الطرب المغربي نعيمة سميح    المرأة السعودية.. شريك أساسي في بناء المستقبل بفضل رؤية القيادة الرشيدة    أسعار الذهب تتراجع بشكل طفيف مع تحقق مكاسب أسبوعية    مجموعة الدكتور سليمان الحبيب الطبية تحصل على شهادة الريادة الذهبية في تصميم الطاقة والبيئة النظيفة LEED    «الزعيم» يختلف عن «السداسي»    كنو يمدد عقده مع الهلال    النجم الأزرق .. المصيف .. القارة والعلمين تصعد لدوري الدرجة الثالثة    الرياض يفوز على الأخدود في دوري روشن    أمين منطقة القصيم يفتتح مقر حملة جود القصيم    ثلاثة شهداء في قصف إسرائيلي شرقي رفح.. ومنع إدخال المساعدات لغزة مستمر    الدوادمي الأعلى في الأمطار    سارة بنت خالد ترعى حفل السحور السنوي ل"إنسان"    370 كشافاً يقدمون خدمات إنسانية لزوار المسجد النبوي    زيلينسكي يدعو إلى تشديد العقوبات على روسيا    سباق أشباه الموصلات    الملك وولي العهد يتبرعان ب70 مليون ريال ل«حملة العمل الخيري»    40 مبدعًا يمثلون المملكة في آيسف 2025    "مشروع الأمير محمد بن سلمان" يجدد مسجد الدويد بالحدود الشمالية    «رواشين» التوسعة.. لمسة تراث وتخليد تاريخ    تقنيات عالية لأنظمة الصوت بالحرم المكي    أجواء روحانية ومزيج من العادات الرمضانية يعيشها المقيمون في المملكة    حملة "صم بصحة" تسجل ملياري خطوة    الصيام الإلكتروني    أمير نجران يقلد الشمري رتبته    نائب أمير حائل يستقبل العياد    فلسفة الطير: حكمة العلوّ ورؤية ما لا يُرى    حين تربي طفلك فأنت تصنع مجتمعا    العلم شامخ والدعوة مفتوحة    وزارة الداخلية.. منظومة متكاملة لأمن وطمأنينة قاصدي الحرم النبوي    المرأة ومأزق المربع الأول    الدولة بين واجبات السياسة وفنون الإدارة 2/2    "حارة الأحمدي" تقيم أطول مائدة رمضانية في جازان من صنيع الأمهات    %59 من السعوديين لا يمارسون الأنشطة الثقافية.. وجازان تتصدر    براءة اختراع لكشف سوسة النخيل    الجامعة العربية تدين تصاعد العنف في الساحل السوري    الذكاء الاصطناعي يقتحم المطبخ    تقنية متطورة لاستئصال أورام الدماغ    موقف لودي من مواجهة الهلال وباختاكور    الفتح يعاود تدريباته و "دجانيني" يواصل برنامجه العلاجي    كفاءة الإنفاق بالتعليم تلغي اللجان المركزية    في يومها العالمي.. المرأة السعودية تتقدم وتشارك بفعالية في بناء الوطن    Pressreader: السعودية الخيار الجذاب للدبلوماسية العالمية    أمير القصيم يشارك أبنائه الأيتام وذوي الإعاقة مأدبة الإفطار    الجامعة العربية تتابع بقلق بالغ تطورات الأوضاع الأمنية في سوريا    صناعة المدير الجنرال    أمير منطقة جازان يشارك رجال الأمن في الميدان إفطارهم الرمضاني    رئيس محكمة استئناف جازان وقائد حرس الحدود بالمنطقة يزوران أسرة الخرد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسات الزراعية العربية والفجوة الغذائية
نشر في الرياض يوم 18 - 12 - 2011

دخلت أوضاع الزراعة والغذاء في المنطقة العربية منذ منتصف السبعينيات مرحلة حرجة تزداد حدتها يوماً بعد يوم, تجلت أهم ملامحها في تنامي الطلب على المنتجات الزراعية عموماً والسلع الغذائية على وجه الخصوص نتيجة زيادة معدلات النمو السكاني، والقفزة النوعية في دخول الأفراد في بعض الدول العربية, بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق العالمية، وتقلص الأهمية النسبية للقطاع الزراعي في الهياكل الاقتصادية العربية. وقد نجم عن هذا الوضع تفاقم العجز الغذائي وبالتالي اللجوء إلى الأسواق الخارجية لسد هذا العجز. ونتيجة لهذا الوضع، حاذت التنمية الزراعية بالمنطقة العربية اهتماماً بالغاً في الآونة الأخيرة، وليس منبع هذا الاهتمام أن الغذاء يشكل جوهر صراع الإنسان من أجل البقاء, بل لعل فشل الجهود المبذولة لتجاوز الفجوة الغذائية التي تعاني منها المنطقة العربية زاد من ضرورة تقييم ومراجعة هذه الجهود.
ويقودنا تشخيص جذور أزمة الغذاء في المنطقة العربية وتحليل العوامل الكامنة وراءها إلى التعرف على بعض العوامل المؤثرة فيها حيث تعتبر أسباب الفجوة الغذائية العربية متعددة ومتشعبة، ويختلف الدور الذي تلعبه هذه الأسباب في تعميق الأزمة حسب طبيعة الدول من حيث ثقلها السكاني وتوزيعهم بين الريف والحضر، وندرة أو محدودية الموارد الطبيعية والمالية، أو عدم نجاح الهياكل الإدارية والتنظيمية في الدول، وعدم الاهتمام بالزراعة ضمن مخططات التنمية، وهي عوامل لها تأثير مباشر أو غير مباشر على الإنتاج والإنتاجية. ولعل من أهم أسباب العجز الغذائي العربي، السياسات الزراعية العربية, حيث تعتمد خطة توفير الغذاء بشكل مباشر على السياسات الزراعية والاقتصادية وهناك مؤشرات ومعايير دولية تعكس درجة نجاح تلك السياسات.
وتتجسد السياسات الزراعية في مجموعة متكاملة من الإجراءات والتشريعات التي تتخذها السلطات العامة في الدولة وتساهم فيها بعض الهيئات الخاصة بغية تحقيق أهداف محددة تتضمنها الخطط التنموية الزراعية. هذه الأهداف غالباً ما ترمي إلى زيادة الإنتاج لتحقيق الأمن الغذائي، وزيادة العائد من الصادرات، وتكثيف الجهود لتضييق الفجوة بين الطلب على الغذاء وإنتاجه. وقد مرَّت السياسات الزراعية العربية في تطورها بمراحل مختلفة، اتسمت بمظاهر تتعلق بالأنظمة الإيديولوجية المهيمنة في كل مرحلة. ويمكن التمييز بين سياسات زراعية ذات طابع اشتراكي وسياسات زراعية ذات طابع ليبرالي. إذ تركز السياسات الزراعية الاشتراكية على دور البنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي ينفرد بها كل بلد. وتركز هذه السياسات أيضاً على محو التفاوت في ملكية الأرض والقضاء على صور استغلال الملكيات الكبيرة. أما الاتجاه الثاني فيتبنى اعتماد آليات السوق ويرمي إلى القضاء على التدخلات من طرف الإدارة. وتعمل بالتالي هذه السياسات على نزع كل أشكال الرقابة على الأسعار. وظلت هذه الثنائية تحكم السياسات الزراعية العربية من الخمسينات حتى الثمانينات، حتى مالت لصالح السياسات الزراعية الليبرالية. ونتيجة لضعف الأداء الزراعي والتكلفة الباهظة للتدخل الحكومي والتحول العام في النماذج السياسية في المنطقة العربية، تم تنفيذ سياسات وإصلاحات زراعية متدرجة إلى أن شهدت نقلة نوعية في بداية التسعينات تمثلت في تحرير التجارة الزراعية في معظم الأقطار العربية.
وعلى الرغم من كل هذه الجهود فإن الأقطار العربية لم تتمكن من تضييق الهوة بين الطلب على الغذاء وإنتاجه. وفى ظل الاحتياجات الغذائية العربية، تفيد الإحصاءات إلى زيادة القيمة الإجمالية للفجوة الغذائية من حوالي 600 مليون دولار عام 1970م إلى 10.5 مليار دولار عام 1980م ثم استمرت في الزيادة لتبلغ نحو 12.2 مليار دولار عام 1990م وبحلول عام 2006م بلغت القيمة الإجمالية للفجوة الغذائية العربية نحو 18 مليار دولار. ويرى العديد من الخبراء، أن العجز الغذائي في المنطقة العربية، لم يكن وإلى درجة كبيرة، مشكلة نقص في الموارد المتاحة، ولا معدلات نمو متسارعة للزيادة السكانية، أو عجزاً في الإمكانات المالية، وإنما بالدرجة الأولى مسألة خلل في السياسات الزراعية العربية وسوء استغلال الموارد المتاحة.
ويوضح الواقع، أن رد الفعل العربي لمواجهه أزمة الغذاء العربي، لم ترق إلى مستوى التخطيط الإستراتيجي المنشود، فهو غالباً ما يتسم بالفردية والتعامل مع العجز الغذائي في أطر جزئية ومحدودة داخل كل قطر عربي عن طريق بعض الإجراءات العاجلة منها زيادة الأجور، أو منع تصدير بعض السلع الغذائية، وتخفيض الرسوم الجمركية على بعض السلع الغذائية، أو زيادة الدعم للسلع الأساسية. ورغم أهمية تلك الإجراءات والسياسات كخطوات عاجلة للتعامل مع العجز الغذائي داخل كل قطر عربي، إلا أن ذلك كله يظل قاصراً ولا يكفى لوضع سياسات للتعامل مع واقع إنتاج الغذاء العربي ومواجهه الأزمات وتداعياتها في المستقبل.
ويعتبر " إعلان الرياض " من أبرز فعاليات التحرك العربي المشترك لمواجهه العجز الغذائي العربي، والذي جاء عبر اجتماع وزراء الزراعة العرب في الرياض عام 2008م في إطار المنظمة العربية للتنمية الزراعية، حيث تضمن هذا الإعلان عشرة تدابير لتعزيز التعاون العربي في التنمية الزراعية، والدعوة إلى إنشاء صندوق طوارئ بهدف مساعدة الدول العربية الأكثر تضرراً. كما تضمن " إعلان الرياض " أيضاً توصيات هامة منها التحرك السريع لتحقيق التنمية المستدامة في إنتاج الغذاء وخاصة السلع الرئيسية، كما تضمن أهمية التزام الدول العربية المستضيفة للمشاريع الزراعية العربية المشتركة بمنح التسهيلات والامتيازات والضمانات المشجعة على الاستثمار العربي في مجال الأمن الغذائي، بالإضافة إلى دعوة القطاع الخاص ورجال الأعمال العرب للتوجه إلى الاستثمار في المشروعات الزراعية.
* الخبير الاقتصادي والزراعي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.