هاتفت «سعاد» صديقتها «منيرة» واتفقن على الخروج بعد صلاة العصر للسوق وشراء بعض مستلزمات المنزل، وأثناء تواجدهن بالسوق لفت انتباهن نظرة استنكار من أكثر المتسوقين؛ لأنهن لوحدهن في السوق دون محرم، بينما هما مطمئنتان لثقتهن بأنفسهن أنهن لم يقمن بشيء خاطيء، لاسيما أن المرأة للمرأة محرم لانتفاء الخلوة، كما أن المكان آمن. «الرياض» تتناول النظرة السائدة والقائلة بأن خروج المرأة للسوق أو من بيتها بدون محرم «لا يجوز»، بينما الصحيح أن المرأة للمرأة محرم، خاصة إن خرجن على شكل جماعات. أذن الخروج وأكدت «إيمان عسيري» على أنها كثيراً ما تلاحظ النظرات التي تأتيها من اليمين والشمال أثناء نزولها للسوق مع احدى أخواتها، أو حتى مع بناتها، قائلة: «زوجي كثير الانشغال ولا يسمح له وقته بأن يذهب معي للسوق، لذلك أخذ منه أذن بالخروج مع قريباتي للسوق وقضاء مستلزماتي الشخصية». ربات بيوت وأشارت «نادية صالح» إلى أن تواجد المرأة بالسوق ليس بالضرورة أن يكون ترفيهياً، وهناك نساء يتحملن مسؤولية بيوت لعدم وجود من يعولها، أو لانشغال محرمها أو لسفره، أو لعجزه، مطالبة بتغيير الصورة الراسخة في أذهان البعض بأن كل امرأة متواجدة في السوق فهي جاءت لملء وقت فراغها، مؤكدة على أن النساء في السوق لبعضهن محرم، لأنهن أصبحن بحكم الجماعة ولا خوف عليهن». حكم المحرم وذكر «محمد القحطاني» بأنه دائماً ما يترك والدته وأخواته لوحدهن في السوق، منوهاً بأن والدته في حكم المحرم لأخواته، مضيفاً: «ظروفي لا تسمح لي بأن أذهب معهن للسوق متى ما أردن، وغير هذا فأنا لا أتحمل أن أبقى بالسوق طويلاً». تصرفات مسيئة وقال «هادي منصور» أن المرأة المحتشمة التي لا تبدي زينتها في السوق تحظى باحترام الجميع، بعكس لو كانت لوحدها، متابعاً: «هناك بعض النساء يصدرن تصرفات غير لائقة ويجلبن لأنفسهن الكلام»، منوهاً بأن المرأة قد تستدعيها الضرورة للخروج من بيتها لقضاء احتياجاتها، ويكون ذلك مع أخواتها أو بناتها أو صديقاتها، إن تعذر ذهاب محرمها معها لانشغاله. د.خالد جلبان استقرار نفسي وشدد «د.خالد جلبان» -رئيس قسم طب الأسرة والمجتمع بجامعة الملك خالد بأبها- بأن الأسرة تحتاج إلى الترفية، بعيداً عن ضغوط الحياة والبحث عن الرزق، مما يقلل من الترفية، ويجعل رب الأسرة مشغولاً دائماً بالأولويات، لذلك فإن خروج المرأة من بيتها بصحبة عائلتها سواء أخواتها أو بناتها أو والدتها وحتى صديقاتها يتيح لها فرصة الاحتكاك مع بنات جنسها، كنوع من التغيير وتبادل الأفكار والاهتمامات، مشددا على أهمية إلتقاء المرأة بقريناتها أثناء خروجهن للمطاعم، أو السوق، أو الأماكن العامة، مستحسناً أن يكون العدد أكثر من اثنتين، قائلاً إن ذلك من أبسط الحقوق حيث أن الرجل لا يستطيع التفرغ التام لعائلته باستمرار، مما جعل الكثيرون يأذنون لزوجاتهم بالخروج لقضاء حوائجهن إذ أتيح لهن من يرافقهن وفق الشرع، مشيراً إلى أن منع خروج المرأة مع قريباتها أو صديقاتها للسوق يؤثر على نفسيتها وصحتها، مما يولد الكبت والحرمان الذي سينعكس سلباً على تربيتها لأطفالها واهتمامها بأسرتها. وأضاف أن الرجل يهتم بالأساسيات، والمرأة تنوب عنه في وقت غيابه أو انشغاله، مضيفاً: «هذا من شأنه أن يرتب الأسرة وينظم جدول اهتماماتهم بحيث لا تتراكم ولكيلا يكون اعتمادهم على شخص واحد، مما يعزز مبدأ التعاون والتنظيم الأسري»، مؤكداً على أن النظرة السائدة تجاه خروج المرأة للسوق يجب أن تتغير، وأن لا ينظر للمرأة على أنها عورة فقط، والتغاضي عن دورها الفاعل بالحياة، فهي لم تخرج للترفية أو الاستعراض، قائلاً:»مهما تعددت الأسباب لخروج المرأة إلى السوق، ما دامت قد خرجت وهي محتشمة فبالتأكيد لن ينظر لها غير نظرة احترام وتقدير»، مبيناً أن المرأة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانت تخرج لحاجتها وتعود لمنزلها بدون محرم، ولم ينكر الرسول عليهن ذلك، ومنهن من كان بغرض التسوق وشراء ما ينقص منازلهن، وبعضهن للتجارة، وأيضاً هناك من يخرج لدروس العلم، مشدداً أهمية تغير الصورة الذهنية لدى المجتمع بشأن خروج المرأة طالما كانت وفقاً للضوابط والأحكام، فليس هناك مايمنع خروجها ما دامت آمنة على نفسها وبرفقة جماعة.