عقدت الجمعية السعودية للطب النفسي سلسلة من المحاضرات الطبية الهامة في كل من الخبر والرياض وجدة لمناقشة آخر المستجدات في مجال معالجة مرض الاكتئاب وذلك بحضور عدد من كبار استشاريي وخبراء الصحة النفسية بالمملكة ودول العالم. وتهدف هذه الندوة العلمية إلى تزويد أخصائيي الصحة النفسية بأحدث المعلومات الطبية ورفع مستوى الممارسات المهنية بهذا القطاع الحيوي ومن ثم تحسين مستوى الرعاية الصحية العامة بالمملكة. ويعد الاكتئاب نوعا من أنواع الاضطرابات النفسية ويصيب أكثر من 211 مليون شخص على مستوى العالم1، كما أنه أحد أهم المشاكل النفسية التي تهم المختصين بالمملكة العربية السعودية، ووفقاً للتقارير الصادرة عن منظمة الصحة العالمية فقد أصبح الاكتئاب بحلول عام 2001م رابع أهم الأسباب المؤدية للإعاقة والوفاة في سن مبكرة على مستوى العالم2، كما يتوقع أن يتحول إلى السبب الرئيسي للعديد من الأمراض بحلول عام 2030م3. وتعليقاً على ذلك أكد الدكتور مهدي أبو مدني، رئيس الجمعية السعودية للطب النفسي أن نقص الوعي بمرض الاكتئاب بالإضافة إلى عنصر الخجل المرتبط بتشخيص هذا المرض يعد من أهم العوائق المؤدية إلى عدم التشخيص الصحيح له وحرمان المريض من الحصول على العلاج المناسب، وهو ما يؤدي بدوره إلى المزيد من المعاناة في صمت. هذا بالإضافة إلى أن هناك العديد من المرضى الذين تم تشخيص إصابتهم بالاكتئاب ووصف العلاج لهم لكنهم لا يتناولونه على الإطلاق أو حتى يتجاهلون تعليمات الاستخدام الموصوفة من قبل الطبيب وهو ما يمثل مشكلة أخرى. ويلقي أحد التقارير الطبية في نشرة الطب النفسي السريري The Journal of Clinical Psychiatry الضوء على الأعباء المترتبة على الإصابة بمرض الاكتئاب، حيث أشار التقرير إلى وجود فجوة كبيرة بين عدد الأشخاص الذين بحاجة للمعالجة من مرض الاكتئاب مقابل عدد الأشخاص الذين يحصلون فعلياً على العلاج من المرض في منطقة الشرق الأوسط4. كما أكدت الدراسات التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية أن نحو 75 بالمائة من المصابين بمرض الاكتئاب في الدول النامية لا يتلقون العلاج المناسب من المرض وهو ما يتعارض مع أهداف منظمة الأممالمتحدة المعلنة في بيان Millennium Development Goals1-5 أما على المستوى المحلي بالمملكة العربية السعودية فقد أوضحت إحدى الدراسات الهامة إلى أن 22 بالمائة من المرضى بمدينة الخبر يعانون من أحد أنواع الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق، غير أن 8 بالمائة فقط من هذه النسبة تم تشخص حالاتها على النحو الصحيح6، في حين تراوحت نسبة من يعانون بالاضطرابات النفسية من بين الأشخاص الذين قاموا بمراجعة عيادات الرعاية الصحية الأولية بالرياض بين 30 – 40 بالمائة، إلا أن معظمهم لم يتم تشخيص حالاتهم7. كما وجد أن 18 بالمائة من البالغين في المنطقة الوسطى بالمملكة يعانون من نوع من الاعتلالات النفسية بدرجة تتراوح بين خفيفة إلى معتدلة8. ومن جهته قال الدكتور عبدالله الشرقي، رئيس اللجنة المحلية بالرياض، الجمعية السعودية للطب النفسي: «تؤثر الاضطرابات الاكتئابية الرئيسية بشكل واضح على الأشخاص المصابين وعائلتهم وكذلك المخالطون لهم، حيث أظهرت إحدى الدراسات في الولاياتالمتحدة أن أكثر من 50 بالمائة من الذين تم فحصهم وتشخيص حالتهم بالاكتئاب وجد أنهم يعانون من أعراض شديدة أو شديدة جداً للمرض وكانت مصحوبة بمضاعافات رئيسية9.» فيما شدد الدكتور سهيل خان، رئيس اللجنة الفرعية بجدة، الجمعية السعودية للطب النفسي، على أهمية الإسترشاد بالقواعد الإرشادية العالمية في تشخيص المرض وتحديد العلاج المناسب بشكل دقيق مؤكداً أن ذلك ولاشك سيساعد الأطباء في تقديم أفضل مستوى ممكن من الرعاية الصحية للمرضى. وأضاف: «نحن كأخصائيين في الصحة النفسية بحاجة لأن نطور فهماً دقيقاً موحداً حول الإعتلالات والاضطرابات النفسية، لاسيما الإعتلالات الاكتئابية الرئيسية، ومن ثم ضمان تقديم أفضل النتائج المرجوة للمرضى المحتاجين مساعدة طبية.»