على مستوى التعليم القانوني الأكاديمي في المرحلة الجامعية الأولى (البكالوريوس) تم افتتاح قسم الأنظمة بكلية (التجارة) العلوم الإدارية بجامعة (الرياض) الملك سعود وذلك في بداية عام 1401ه، وتخرجت أول دفعة من هذه القسم عام 1404ه، ويعود لجامعة الملك سعود سبق الريادة في تأسيس هذا القسم المهمة مخرجاته للعملية التنموية في المملكة، ثم افتتحت جامعة الملك عبدالعزيز في عام 1405ه قسماً للأنظمة ضمن كلية الاقتصاد والإدارة وتخرجت أول دفعة منه عام 1408ه، وكذلك انشأت جامعة الملك فيصل عام 1420ه قسماً للأنظمة ثم اقفلته عام 1423ه دون وجود أسباب واضحة تبرر إقفاله. وإذا كانت إشراقات التعليم القانوني الجامعي بدأت قبل (25) سنة، فإن معهد الإدارة العامة يعود له سبق الريادة قبل (33) سنة عندما دشن عام 1393ه برنامج (دبلوم دراسات الأنظمة) بعد الشهادة الجامعية، وضم هذا البرنامج وقتها أستاذ القانون التجاري الكبير الدكتور أكثم الخولي، ولايزال هذا البرنامج مستمراً ويقتصر القبول به حالياً على خريجي كليات الشريعة. وعلى مستوى الدراسات الجامعية العليا انشأت جامعة الملك عبدالعزيز برنامجاً للماجستير في القانون تخرجت منه بعض الدفعات ولكن هذا البرنامج أيضاً لم يستمر طويلاً وهو موقف حالياً، كما دشن المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود عام 1409ه برنامج الماجستير في (السياسة الشرعية) وأحد شعبه (شعبة الأنظمة) ويقوم بالتدريس فيه أساتذة من دول عربية يحملون تخصص (القانون). هذا الواقع الحالي لمخرجات العنصر البشري المؤهل يجب أن يتغير مثلما تغيرت التشريعات والاختصاصات القضائية، وهذا التغيير يجب أن يلمس عاملين هما الكم والنوعية، والكم مهم، ولكن النوعية أهم في عصر اختلفت فيه المعاملات الإنسانية التي تتعامل مع الأنظمة المختلفة إلى آفاق جديدة، وهذه المخرجات مهمة وتحتاجها المملكة سواء على صعيد التطورات التشريعية والقضائية المحلية، أو على صعيد الالتزامات التي سيفرضها انضمام المملكة إلى عضوية منظمة التجارة العالمية، والتي تتطلب نوعاً متخصصاً من التعليم القانوني يوفره فقط التعليم العالمي الجامعي، أو بالأحرى برنامجاً متخصصاً يحصل الملتحق به على درجة (الماجستير). وإذا كان لجامعة الملك سعود سبق الريادة في تأسيس قسم متخصص في الأنظمة على مستوى الدرجة الجامعية الأولى (البكالوريوس)، فإنه من المأمول أن تقر الجامعة برنامج (الماجستير في القانون) وهو برنامج طموح يهدف إلى مسايرة التطورات القانونية في المملكة وإعطاء الدارسين خبرة وتعليماً اكاديمياً متخصصاً بشكل يختلف عن التعليم القانوني العام على مستوى درجة البكالوريوس، وهذا البرنامج تم إقراره من مجلس قسم الأنظمة ومن مجلس كلية العلوم الإدارية وهو في مراحله الأخيرة من الدراسة لدى كلية الدراسات العليا بالجامعة، ومن المؤمل أن يجيزه مجلس الجامعة كإضافة اكاديمية تتماشي مع جهود الدولة في بناء تركيبة جديدة للوضع القانوني في المملكة. ومن المهم هنا الإشارة إلى أهمية دراسة جامعة الملك سعود وتبنيها مشروع تطوير قسم الأنظمة الحالي عبر إنشاء كلية مستقلة للحقوق وذلك بحكم تشعب اختصاصات علم القانون وفروعه، وبحكم كون هذا التخصص ومخرجاته مهمة جداً للمسيرة التنموية في المملكة على ضوء التطور التشريعي والقضائي الملاحظ والذي يحتاج إلى متخصصين بجودة عالية ومؤهلين علمياً واكاديمياً لمواجهة الاستحقاقات القانونية التي تشاهد على الساحة حالياً، ومن المهم أيضاً أن تتبني الجامعة افتتاح قسم الأنظمة للطالبات تكون مخرجاته عوناً للمرأة السعودية في الحصول على الاستشارات القانونية من متخصصات سعوديات. ولعلي هنا اقترح أيضاً أن تقوم وزارة التعليم العالي بوضع استراتيجية لتعميم ونشر التعليم القانوني في المملكة عبر افتتاح أقسام للقانون في جامعات الملك خالد وطيبة والقصيم وذلك من أجل مواكبة الاحتياجات التي تفرضها طبيعة المرحلة التنموية التي تمربها المملكة حالياً.