أدت التقنية الحديثة، وما يشهده المجتمع من تغيرات اجتماعية وثقافية، إلى تغيير أساليب ارتكاب الجرائم، وبالتالي إلقاء مسؤولية كبيرة على عاتق الفنيين في معامل «إدارة الأدلة الجنائية»، من حيث جمعهم الأدلة المتوافرة في مسرح الجريمة، وكذلك تتبع الآثار الموجودة التي يمكن الإفادة منها كدليل قاطع لإثبات التهمة مهما صغر حجمها، وصولاً إلى المجرم الحقيقي. ومع ذلك فقد حرصت وزارة الداخلية على تطوير معامل إدارات الأدلة الجنائية، التي تُعد إحدى الركائز المهمة التي أنشأتها الوزارة لمواجهة الجريمة وخدمة العدالة؛ بفضل ما تحويه من أقسام تخصصية وكشف الجريمة واستقرائها. «الرياض» جالت في معمل «إدارة الأدلة الجنائية» التابع ل «شرطة منطقة تبوك»، برفقة المقدم «طارق بن أحمد الغبان» - مدير شعبة المختبرات الجنائية بشرطة منطقة تبوك - لتُسلط الضوء على الجهود التي يبذلها رجال الأمن في تحقيق العدالة، إضافة إلى الدور الكبير في الكشف عن الجرائم ومرتكبيها. استحداث «شعبة الفحوص الوراثية» (DNA) لكشف الآثار الحيوية للمتهمين كوادر مؤهلة منذ إنشاء شعبة الأدلة في شرطة تبوك حتى عام 1416 ه كان يعمل في شعبة الأدلة الجنائية (3) فنيين من جنسيات عربية، و(3) ضباط جنائيين، وكان دور الفنيين في السابق أخذ العينات والتصوير فقط، وبعد ذلك العام شهدت الشعبة تطوراً كبيراً حتى أصبحت فيما بعد «إدارة الأدلة الجنائية»، وقد بلغت نسبة السعودة فيها (100%) حيث يعمل بها أكثر من (10) ضباط و(45) فني من المواطنين المتخصصين في علم الجريمة، حاصلين على مستوى عالي من التعليم والتأهيل المهني، وموزعين على كافة أقسام الإدارة، ولمواكبة التطور الحاصل حرصت مديرية الشرطة في تبوك على رفع مستوى وكفاءة منسوبيها من ضباط وأفراد بالحاقهم بدورات تدريبية على مدار العام سواء داخل المملكة أو خارجها. فني يرفع البصمات تجهيزات حديثة وتُعد تبوك ثالث منطقة على مستوى المملكة في استحداث «شعبة الفحوص الوراثية» (DNA)، الذي يعمل على الكشف عن الآثار الحيوية المرفوعة من مسارح الجريمة؛ لغرض تحديد الأنماط الوراثية لها ومقارنتها مع العينات القياسية المرفوعة من المجني عليهم، والمتهمين في القضايا المختلفة، ومن التجهيزات الحديثة «المجهر الالكتروني» الذي يعد أحد أهم الأجهزة المستخدمة في إدارة الأدلة الجنائية، والوحيد في المنطقة، ولما له من دور كبير في الكشف على العينات المأخوذة من مسرح الجريمة أو المتهمين، وهذه الطريقة تستخدم في التعرف إلي الآثار الدقيقة من المواد ك «الدهانات» أو «الألياف» أو أي مواد أخرى، كما زُود القسم بأجهزة فحص الذخائر والأسلحة، التي يتم من خلالها تحديد مسافة الإطلاق والاتجاه، واظهار أرقام الأسلحة المطموسة، إلى جانب احتياجات العمل الميداني عند مباشرة المحققين لأي قضية، فقد تم تجهيز سيارات حديثة مزودة بأحدث الأجهزة الفنية اللازمة للانتقال لمعاينة مكان الحادث في وقت قياسي لجمع الأدلة المادية، كما زودت الإدارة بأجهزة حاسب متطورة مدعومة بشبكة اتصال مع الإدارة العامة للأدلة الجنائية في الرياض، إضافة إلى إدارات حكومية ذات علاقة على مستوى المملكة ودول الخليج. المقدم الغبان يشرح للزميل العمراني شُعب تخصصية وتضم إدارة الأدلة الجنائية في تبوك عدداً من الشعب التخصصية من أبرزها «شعبة اجراءات تحقيق الشخصية»، وتضم «قسم السوابق» و»الاستكشاف» و»التصوير الجنائي»، إضافة إلى «قسم الحاسب الآلي للبصمات» و»قسم رد الاعتبار»، كما تضم الإدارة «شعبة المختبرات الجنائية»، وتضم «قسم السموم» و»المخدرات» و»الكيمياء الجنائية»، إلى جانب قسم «العوامل الوراثية»، أما «شعبة التزوير والتزييف» فتضم قسمي «فحص الخطوط والتواقيع» و»تزييف العملات»، كذلك تضم شعبتي «فحص الأسلحة النارية والآلات» و»المعاينة» «قسم مسرح الجريمة» و»الحوادث المرورية» و»الحرائق»، إلى جانب قسمي «الانفجارات» و»فحص العينات». وأنشأت شرطة تبوك ممثلة في إدارة الأدلة الجنائية بالمنطقة نهايات طرفية على مستوى المنطقة في كل من «ضباء» و»الوجه» و»تيماء»، كما تم إنشاء مختبر جنائي في «محافظة تيماء» كمرحلة أولى، ويجري العمل على استكمال بقية المحافظات في المراحل القادمة. عينات من مواد مخدرة تم احتجازها قاعدة بيانات ومن الخطط المستقبلية يجري العمل على إحداث شعب جديدة في الإدارة، مثل «شعبة فحص جرائم الحاسب الآلي»، وتضم فحص الجرائم المعلوماتية، وفحص الأدلة الرقمية، وكذلك فحص جرائم الحاسبات الآلية، إضافة إلى دعم الشُعب الأخرى بفتح أقسام جديدة ك «قسم المقارنة البصرية» و»قسم مقارنة الأصوات» و»قسم مقارنة الصور» و»قسم الجودة النوعية»، ومع التطور التقني الحاصل فقد تم انشاء قاعدة بيانات على مستوى المنطقة يتم من خلالها توثيق بيانات أرباب السوابق والمجرمين، التي ساعدت على التعرف إلى كثير من مرتكبي الجرائم في مواقع مختلفة، إضافة الى ربط «قسم البصمات» في الشعبة بالإدارة العامة للأدلة الجنائية في الرياض، فقد كان سابقاً يتم إرسال البصمات إلى الرياض، وتستغرق عملية الرد من (2-3) أسابيع، بينما حالياً بعد عملية الربط لا تستغرق العملية سوى دقائق قليلة. آلية مجهزة بأحدث التقنيات للإنتقال الى مسرح الجريمة التجمهر مشكلة وعن المعوقات التي تواجه عمل فرق الأدلة الجنائية قال المقدم «طارق الغبان»: إن تجمهر الموجودين في موقع مسرح الجريمة يؤدي أحياناً إلى فقدان بعض الأدلة المادية؛ نتيجةً للتدخل اللاواعي من بعضهم في مهام عملنا، كذلك من المعوقات التأخر في التبليغ عن أي جريمة قد تحدث أو ملاحظتها، نتيجة الفكره الخاطئة والسائدة لدى بعض، أن ذلك يعرضهم للمساءلة، ونحن نقول ونردد مقولة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد ووزير الداخلية «أن المواطن هو رجل الأمن الأول»، مشيراً إلى أن سرعة التلبيغ تساعد رجال الأمن على إلقاء القبض على المجرمين في وقت قياسي، بل ويساعد على كشف تفاصيل أي جريمة تقع لا قدر الله، ذاكراً أن من يعمل على التبليغ هو محل اعتزاز وتقدير من قبل المسؤولين في كافة مراكز الشرطة، موضحاً أن ما تحقق من إنجازات أمنية على أرض الواقع ما كان ليتحقق لولا فضل الله ثم بفضل جهود المسؤولين في وزارة الداخلية، الذين لم يألوا جهداً في دعم وتطوير مختبرات الأدلة الجنائية في مختلف مناطق المملكة، حيث لا يوجد أمام المجرمين أي مجال للهرب من وجه العدالة. «الرياض» بدورها تقدم شكرها إلى اللواء «حمد السالم» - مدير شرطة منطقة تبوك - الذي وجّه بتسهيل مهمة الفريق الصحفي. ضابط يُحلل عينة مأخوذة من مسرح جريمة «عدسة- محمد الحويطي» المجهر الالكتروني أحد أهم التجهيزات الحديثة ضابطان يجريان التحاليل على عينة مرفوعة من مسرح الجريمة استخدام التقنية الحديثة في تسجيل البيانات