من يتابع المشهد السعودي يجد أننا نعاني من حالة تخمة بسبب الجدل حول كل شيء.. منذ سنوات ونحن نتجادل حول قيام النسوة ببيع ملابسهن لبعضهن مؤكدين لبعضنا أن في ذلك حفاظا على نسائنا ليرفض بعضنا أيضا خوفا على نسائنا..؟؟ بين الخوف والخوف بقي الجدل لنكتشف مع مرور الأيام أن حالة البطالة زادت من انخفاض نسبة الأكسجين في رئة المجتمع ككل وبات بعضه يختنق ببعضه، واكتشفنا مع بدء التطبيق وعلى نطاق ضيق أن الأمور لا تفتح أبواب الفساد، بل هي باب رزق حلال، أما الفساد فيمكن أن يأتي من العقول الضعيفة تحت زخات المطر، فهل لتلك التصرفات المتهورة لا نستسقي أو نفرح بالمطر..؟؟ تزايد الجدل حول قيادة المرأة للسيارة واكتفينا بالجدل لتبقى الحال كما هي عليه في تنقل أسرنا مع السائق القادم من حيث لا نعلم. والغريب أن بعضنا لم تخنقه خلوة نسائنا في السيارة كما خنقته مخاوفه على المرأة في قيادة عربتها وسط المدينة وكأنه ينكر على مجتمعنا ككل رجاله ونساءه قيمهم وتدينهم ومخافتهم من الله قبل أي شيء آخر. ويتوقع ممن أتوا من مجتمعات أخرى وبثقافات مختلفة، بل ودين مختلف أن يكونوا أكثر مخافة فينا من بعضنا بعضا..؟ حالة الجدل لا تقف عند حدود نون النسوة، بل اخترق كل شيء..، فمازلنا نتجادل حول ساهر وحول سعودة سائقي الليموزين وباعة محلات الذهب والآن جدلنا حول من يستحق "إعانة " حافز وهي بالمناسبة لا تدخل ضمن الإعانات الخيرية، بل هي جزء من منظومة الحقوق الوطنية للمواطن..؟؟ هل توقف الجدل عندنا حول المرأة أبدا، بل بات بعضنا يتداخل معك وفق منظومة تقدير النوايا، حيث عليك أن تحتمل تبعات ما قلت وتبعات ما لم تقل.. ؟؟ لم ينجح في سوق الجدل إلا مفسرو الأحلام، حيث أسهمهم تتزايد، بل إن بعضهم ومن حسن حظه أصبح مفسر أحلام دون تخطيط. والجميل أن التفسير لم يعد يتوقف عند الحالمات بالزوج والطفل، بل اخترق جدار الطموحات الإنسانية، حيث بات يتصل على هؤلاء المفسرين شخصيات اعتبارية تسألهم عن تفسير أحلامهم وليس تفسير تصرفاتهم. فقد خدمتهم ثقافة مؤسسات المجتمع عموما والتي تسامح من تلبسهم الجن حتى وإن قتلوا أو سرقوا وتسامح بكل أريحية من امتدت يده وأخذت بدون إدراك شيئا ليس له، فثقافة التسامح جزء من قيم حقوق الإنسان التي قد لا تعطيك سريرا وأنت مريض، ولكنها تعطيك أسرة وأنت بكامل صحتك.. نعم ذلك جزء من الخصوصية السعودية..؟؟ ولأن الجدل أيضا جزء من ثقافتنا وخصوصيتنا فعلينا أن نستمر في "الحوار " والجدل دون أن نتعب نحن الكبار، ولكن هل يوافق على منهجنا البطيئ والمرتكز على ثقافة الجدل والجدل مع بقاء الحال كما هو أقول هل تتقبل ذلك عقول شابة تدرك أن الغد لا يقوم على الكلمات، ولكن الأفعال..