بيروت عندما تكون على موعد مع الكتاب.. إذ كانت يوم أمس على موعد مع أهمّ حدث ثقافي سنوي ينتظره اللبنانيون والعرب عامة.. الموعد مع الكتاب والمعرفة وكلّ ما أبدعه الكتّاب العرب.. وما أنتجته جهودهم ومخيّلتهم على مدار عام.. إنه الموعد مع انطلاقة معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في دورته الخامسة والخمسين، والذي ينظّمه النادي الثقافي العربي بالتعاون مع اتحاد الناشرين اللبنانيين في مركز المعارض "البيال" وسط بيروت، برعاية وحضور رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، الرئيس الأسبق فؤاد السنيورة ممثلاً الرئيس سعد الحريري، وزراء ونواب وسفراء عرب وأجانب، تقدّمهم سفير المملكة العربية السعودية في لبنان علي عواض عسيري والملحق الثقافي للمملكة مساعد بن أحمد الجرّاح وفعاليات ثقافية وإعلامية وسياسية وحشد من أصحاب دور النشر العربية. نجيب ميقاتي: يشكل المعرض حدثاً هاماً لتلاقي أفكارنا الثقافية وقد بدأ الاحتفال بكلمة وجدانية لرئيسة اللجنة الثقافية نرمين الخنسا أكدت فيها أن "معرض بيروت للكتاب صار أقوى من أن يغيَّب ومن أن يزول أو يشيخ، إنه معرض يقارع الخريف ويختزل الفصول ويبقى هو الربيع، إنه المكان الذي تعبق أروقته دائماً بشذا الوجدان العربي، وأجنحته تتألّق أبداً بفيض من كنوز الفكر وروائع الأدب وعيون الشعر". ثم ألقى رئيس النادي العربي فادي تميم كلمة تحدث فيها عن ومسيرة المعرض منذ خمسة وخمسين عاماً وأهم المحطات في تاريخه وصموده رغم كل الصعوبات التي مرّ بها لبنان.. وقال: أردنا هذا المعرض فسحة للحرية ومساحة للإبداع، فلم تنل منه الدعوات الكيانية المنفصلة ولم تُسقطه مشاريع الفتنة في الداخل، وبقي حتى اليوم أميناً لرسالته وأميناً للمدينة التي أعطته اسمها أميناً لبيروت عروس المدن وسيدة العواصم، لبيروت الرسالة والدور، كما بقي متمسّكاً بموقفه المبدئي من قيم الحرية والديموقراطية، ممتطياً صهوة الحصان العربي ومؤمناً بالعروبة هوية قومية جامعة، فيما لا تزال فلسطين قضيته المركزية وبوصلة المؤمنين بغد أكثر إشراقاً. سميرة عاصي: المعرض له استثمارات متعددة المستويات وأكد تميم ثبات معرض بيروت العربي للكتاب على نهجه وسياسته الوطنية، على الرغم من تبدّل أحوال وتغيّر أوضاع مع تغيير طفيف في الشكل تمثّل في إضافة مساحات وإدخال التكنولوجيا، معاهداً على بقاء المعرض حدثاً ومنبراً ومكاناً للتلاقي ومساحة تتلاطم فيها الأفكار لتطلق إبداعات في شتى الميادين. أما رئيسة نقابة اتحاد الناشرين في لبنان سميرة عاصي، فقد أكدت أن معرض بيروت العربي للكتاب يشكّل إحدى الفعاليات الثقافية الأساسية التي يُفترض أن تبني دور لبنان في نظامه العربي المتوسطي والعالمي.. لبنان المكتبة.. والمطبعة.. والمتحف.. والمحترف والإنتاج.. مؤكدة على أهمية استقرار النظام الثقافي والاستثمار فيه كوسيلة للاندماج الوطني، ولفتت إلى "أن إحدى صادرات لبنان غير الملحوظة في النظام الاقتصادي هي المطبوعات والنصوص والنوتات والصوت والصورة وموارده البشرية المتخصّصة في المجالات الإبداعية والثقافية المتنوعة". فادي تميم: سيظل المعرض متألقاً في أداء رسالته العربية من جانبه تحدّث الرئيس ميقاتي مؤكدا على دور معرض بيروت العربي للكتاب.. مشيرا إلى أنه أصبح حدثاً ثقافياً مهماً ومركز تلاقٍ فكري، وما المشاركة الكثيفة فيه إلا دليل على أن لبنان بخير.. محييا النادي الثقافي العربي ونقابة اتحاد الناشرين قائلاً: نعتزّ بأن الحرف انطلق من عندنا إلى رحاب الكون الواسع ونفتخر أننا أمّة تقرأ". بعد ذلك جرى توزيع جوائز لأفضل مصممي ومخرجي أغلفة الكتب، ثم قصّ الرئيس ميقاتي شريط الافتتاح، وخصّ الجناح السعودي بوقفة مطوّلة استمع فيها من الملحق الثقافي للمملكة في بيروت مساعد بن أحمد الجراح لشرح حول إصدارات المملكة وكلّ ما تحتويه من إصدارات أكاديمية وثقافية وفكرية. وفي حديث خاص ل "الرياض" أوضح الجراح بأن مشاركة المملكة ممثّلة في وزارة التعليم العالي عن طريق الملحقية الثقافية تُعتبر من أهم المشاركات، لما تمثّله المملكة من ثقل في الوسط الثقافي العربي الإسلامي ودورها في نشر الفكر والمعرفة وفي مضمار البحث والتأليف والنشر الذي تنقله إلى أروقة معرض بيروت العربي للكتاب.. وأعلن الجرّاح عن مشاركة واسعة لأدباء وشعراء سعوديين من مختلف مناطق المملكة في المعرض، حيث تراعي وزارة التعليم في برنامج مشاركتها التوزيع الجغرافي، الذي يُسهم في تنويع الأصوات والأنشطة وأجناس الكتابة والإبداعات السعودية، مشيراً إلى أن المعرض سيشهد ندوات ومحاضرات فكرية لمثقفين سعوديين تتناول تاريخ وحاضر المملكة، لافتاً إلى أن الملحقية الثقافية في بيروت ستستضيف شعراء وأدباء بارزين في الساحة السعودية للمشاركة في فعاليات المعرض ومن بينهم عضوا مجلس الشورى الأستاذين عبدالله الناصر وحمد القاضي والأديب سعد البواري والشاعر جاسم عساكر وعبد الله الماجد وعبد الرحمن الوهابي والدكتور حسن الحازمي والدكتورة أروى خميس والأديبة هيفاء الفريح. مساعد الجراح: مشاركة المملكة تجسد اهتمامها بالدور الثقافي وأضاف الجراح بأن جناح المملكة في المعرض يضم أهم إصدارات الجهات الحكومية ومراكز البحوث المتخصّصة في الجامعات السعودية.. مشيراً إلى أن جديد الجناح السعودي هذا العام هو عرض مجسّمين للحرمين الشريفين أمام الجمهور اللبناني والزائرين وذلك بمبادرة من وزارة التعليم العالي لما تمثّله هذه المجسّمات من قيمة لبلد عربي له تراثه الإسلامي العريق، إضافة إلى تصميم الجناح السعودي المستوحى من مكونات المملكة التراثية مع إضافات معمارية عصرية، إلى جانب معرض لوحات لفنانين تشكيليين سعوديين. تجدر الإشارة إلى مشاركة 180 دار نشر لبنانية في معرض بيروت للكتاب هذا العام وبزيادة 20 داراً عن العام الماضي. السفير علي عسيري والملحق الثقافي مساعد الجراح جانب من حضور حفل الافتتاح