الأمير محمد بن عبدالعزيز يطّلع على روزنامة "مهرجان جازان 2026    ضباب على المنطقة الشرقية    الذهب يستقر قرب أعلى مستوياته في أسبوعين    فوز كاتبة فرنسية بجائزة ابن خلدون – سنغور للترجمة    علماء صينيون يطورون لسانا اصطناعيا لقياس مستوى الطعم الحار    الرياض أصبحت حاضنة عالمية لتمكين الشباب من مهارات مستقبل الصناعة    ارتفاع طلبات التمويل العقاري في أمريكا رغم ارتفاع الفائدة    وسط تحذيرات إسرائيلية من تصعيد محتمل.. اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص    وسط خلافات مستمرة حول بنود حساسة.. الكرملين يؤكد استلام النسخة الجديدة من «خطة السلام»    وزيرا داخلية البلدين يبحثان مكافحة الجريمة.. خطة سعودية – إسبانية مشتركة للتعاون الأمني    أبطال أوروبا.. ليفربول يسقط برباعية أمام آيندهوفن    في ربع نهائي كأس الملك.. الأهلي والاتحاد يواجهان القادسية والشباب    «المالية»: نظام الرقابة المالية نقلة نوعية    تقمص هيئة والدته «المتوفاة» لأخذ معاشها    «مدينة القدية» تقدم ألعاباً عملاقة مبتكرة    «هيئة العقار»: تعديلات نظام التسجيل العيني تحفظ الحقوق    «الثقافة» تعزز الهوية الوطنية في المؤسسات التعليمية    أكد أن مؤتمر «حل الدولتين» حقق نجاحاً كبيراً.. الدوسري: توظيف العمل الإعلامي العربي لخدمة القضية الفلسطينية    تقليد إلفيس بريسلي ينهي مسيرة قاض    استعرضا عدداً من المبادرات والمشروعات التطويرية.. أمير المدينة والربيعة يناقشان الارتقاء بتجربة الحجاج    عبر منظومة خدمات لضيوف الرحمن.. الحج: 13.9 مليون مرة أداء للعمرة خلال جمادى الأولى    تشمل خمس قرى وتستمر لعدة أيام.. إسرائيل تطلق عملية عسكرية واسعة بالضفة الغربية    خلال المؤتمر العالمي ال48 في جنيف.. السعودية تحرز 18 جائزة دولية عن تميز مستشفياتها    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح أوروبا    40% يضعون الطاقة الشمسية ضمن خياراتهم    أمير الرياض يلتقي "تنفيذي حقوق الإنسان" في منظمة التعاون الإسلامي    وفد من وزارة الخارجية والكومنولث البريطاني يطلع على جهود مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن    مبابي يسجّل ثاني أسرع «هاتريك» في تاريخ دوري أبطال أوروبا    أمير قطر وتركي بن محمد يبحثان العلاقات الثنائية    أحلام آل ثنيان: «الدرعية للرواية» يقدم فرصة لنكون جزءًا من سرديات العالم    أرقام خاصة بالهلال    نشر 500 عنصر إضافي من الحرس الوطني في واشنطن    أكثر من 66 مليون قاصد للحرمين الشريفين في شهر    مركبة لناسا ترصد "برقا مصغرا" على المريخ    القبض على مهربي قات    أمير تبوك يستقبل قنصل الفلبين    المملكة تحرز 18 جائزة دولية عن تميز مستشفياتها    بدء أعمال الدورة ال55 لمجلس وزراء الإعلام العرب    ملف الرفات وتحديات الهدنة: تبادل هش ومصير معلق في غزة    تصاعد الدبلوماسية بين موسكو وواشنطن: جهود مكثفة لإنهاء حرب أوكرانيا    محافظ الأحساء يطلع على جهود مركز عبدالله بن إدريس الثقافي    غداً .. انطلاق الجولة الثانية من جولات الرياض لقفز الحواجز    أمير قطر يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    "دعوة خميس مشيط" تواصل برامجها الدعوية في سجن الخميس العام لشهر جمادى الآخرة    إتاحة التنزه بمحمية الطوقي    المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب يعقد أعمال دورته ال21    الأمن العام يدعو ضيوف الرحمن إلى الالتزام بالممرات المخصصة داخل الحرم    نجاح النسخة الأولى من منتدى الأعمال الذي نظمته وكالة التجارة الإيطالية في المملكة العربية السعودية    13.9 مليون إجمالي مرات أداء للعمرة خلال شهر جمادى الأولى    التأكيد على أهمية ضمان مسار حقيقي للتوصل إلى حل الدولتين    خالد بن سلمان يرأس وفد المملكة في اجتماع مجلس الدفاع الخليجي    علماء: مذنب يقترب من الأرض مطلع يناير    موسكو تطالب بجدول زمني لانسحاب الاحتلال    «الجوازات» تصدر 25,646 قراراً بحق مخالفين    تماشياً مع الأهداف العالمية للصحة والتنمية.. الربيعة: السعودية حريصة على حماية حقوق التوائم الملتصقة    الداخلية تسهم في إحباط تهريب 28 ألف كلجم من الكوكايين ومادة الإكستاسي    أمير تبوك يستقبل سفير دولة الكويت لدى المملكة    تحت رعاية عبدالعزيز بن سعود.. تكريم المتقاعدين من منسوبي الأحوال المدنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدعاية الإعلانية تصنع ثقافتنا
ايقاع الحرف
نشر في الرياض يوم 01 - 12 - 2011

يعدّ الإعلام اليوم بصيغته الحديثة أحد المؤثرات القوية في تشكيل الثقافة، كما أنه بطبيعة الحال يتأثر بها. وهذه العلاقة تجعل من وسائل الإعلام مادة حساسة للغاية ومهمة للجميع. ولهذا، فإنه من الضروري التعامل مع وسائل الإعلام والمساهمة في تشكيلها بطريقة مفيدة للصالح العام.
إن جهاز التلفزيون، على سبيل المثال، من أكثر الأجهزة الإلكترونية شعبية، ونادرًا مايخلو منزل منه، بل أصبح هناك أكثر من جهاز في البيت الواحد، لتوفير راحة الاختيار لجميع أفراد العائلة وتلبية أذواقهم المتنوعة. والحقيقة أننا نفتقر للإحصائيات حول مقدار مشاهدة الفرد العربي للتلفار، وليس أمامنا سوى الاستعانة بإحصائيات عالمية منشورة من أجل المقارنة بين مايحصل لدى الآخرين، وبين مانقوم به في حياتنا.
توضح إحدى الدراسات الأمريكية أن الفرد الأمريكي يشاهد التلفزيون قرابة 4 ساعات يوميًا، وهذا يعني أنه يشاهد التلفزيون لمدة شهرين متواصلين دون انقطاع في السنة الواحدة. ولشخص يبلغ من العمر 65 عامًا، فإنه -وفقًا لهذه الأرقام- يكون كأنه قد أمضى قرابة 9 أعوام متواصلة في مشاهدة التلفزيون!
لهذا، فإن مايعرض على التلفزيون كثيرًا مايؤثر في بعض الناس، من خلال عوامل كثيرة كالعمر والمستوى التعليمي والثقافي والاقتصادي. وعند النظر لمادة محددة تعرض على التلفزيون مثل الإعلانات التجارية، والتي تكون في الغالب قصيرة ومركزة، فإنه يمكن لنا أن نفهم مدى تأثير المادة الإعلامية المرئية على الجمهور.
إن هذا الجمهور يختلف في تلقي الإعلان، وتصاغ المادة الإعلانية والمنتَج وفقًا لطبيعة المتلقي؛ فهناك إعلانات موجهة إلى الأطفال مثل بعض مستلزمات المدرسة أو بعض المأكولات، وأخرى للرجال مثل الملابس أو السيارات أو العقار، وغيرها للنساء مثل الماكياج وخلافه من حاجيات المرأة، وبعضها لكبار السن مثل بعض أنواع الأدوية، وبعضها الآخر لعِرق معين مثل كريمات التبييض أو منعّمات الشعر التي تهتم بها بعض الأعراق الآسيوية والأفريقية والشرق أوسطية.
ولكي يقوم المسؤول عن هذا الإعلان بجذب الجمهور المناسب فإنه في الغالب لايكتفي بأن يتحدث عن المنتج، بل كثيرًا مايربط المنتج بشيء له دلالة مؤثرة أو بمعنى يجلب أحاسيس جميلة لدى المتلقى وهذا مايسميه الباحث "جب فلولز" (Jib Flowles) في كتابه "الدعاية والثقافة الشائعة" (Advertising and popular culture) بالإعلان المركب؛ فمثلا يمكن ربط نوع من أنواع القهوة باللقاء مع الأصدقاء فيبدأ المشاهد بإسقاط الشعور الجميل الذي يعتريه من تذكر وقته مع أصدقائه على هذا النوع من القهوة، وهناك تصبح هذه القهوة مماثلة في الشعور للقاء الأصحاب ما يجذب المشتري ويشجعه على شرائها.
وأيضًا، هناك من يربط العطر بالكاريزما أو النجاح في العمل، وكلها أمور مألوفة تحرض على الشعور بأحاسيس إيجابية لدى الكثيرين فينجذبون لهذا العطر الذي تبرمجت دلالته في اللاوعي عن طريق هذا الإعلان؛ ليصل المرء إلى قناعة بأن هذا العطر يعني الثقة بالنفس والنجاح مثلًا.
يذكر "فلولز" أن الاقتصاديين لم يتمكنوا من شرح الآلية التي تربط بين المشتري، والمنتج، ولكن الإجابة أتت من باحثي الأنثروبولوجيا فتقول الباحثة "ماري دوغلاس" (Mary Douglas): «إن البشر يضعون معاني اجتماعية وثقافية للمقتنيات المادية تفسر حاجتهم لها».
وهنا يمكن فهم كيف أن القائم على الإعلان سينجح على الأغلب إن فهم تلك المعطيات الثقافية لدى المنتج ومن ثم يرسم خطة لتسويقه.
وهنا انطلق الإعلان من الثقافة وبنى مادته منها، ولكن حينما يظهر على التلفزيون، فإنه بلاشك سيكون مؤثرًا على الثقافة. وهنا يمكن تذكّر علاقة صورة العارض أو العارضة في الإعلان أو السينما بالواقع، وتأثير مايظهر على الشاشة لدى بعض الناس. فقد أظهرت دراسة قام بها الثنائي Myers and Bioca أن هناك عناصر كثيرة غير واقعية في الصور الإعلانية التي يظهر بها رجال ونساء لعرض منتج ما؛ فهناك الكثير من التحسينات والتغيرات التي تجعل من الشخص غير مطابق أحيانًا لواقع حاله. وعلى أي حال، فالمنظر النهائي هو مايراه الجمهور بغض النظر عن واقعيته، والبعض يتأثر بذلك فينشد أن يشابه هذا الوجه أو الجسم بينما هم لايعرفون أن تلك المعطيات الجسدية هي محسنة، وقد تكون من صنع الكمبيوتر. وعليه، فإنه لايمكن الحصول عليها واقعيًا.
ومن هنا ظهرت انعكاسات نفسية وجسدية قد تكون وخيمة على المتلقي المراهق أو الطفل.
هذه الدراسة أجريت على بالغين وأظهرت أن هناك آثارًا سلبية للمادة الإعلانية غير الواقعية، فما بالنا حينما يكون جمهور المادة الإعلانية هم الأطفال وثم يحمل الإعلان لهم رسائل سلبية أو مضرة. فمثلًا حينما نشاهد الإعلانات التي تظهر على قنواتنا، فإنه لن يكون صعبًا أن نرى بعض هذه الإعلانات الضارة. تقول الباحثة الأردنية "خولة مناصرة": «إن الشركات العالمية توظف متخصصين في نفسية الطفل حتى يمكن صنع إعلان ناجح يجذب الأطفال، وقد تربى الأطفال بشكل عام على ثقافة الاستهلاك وذلك بتعزيز قوي من هذه الاعلانات».
ويمكن ربط كلام الباحثة ببعض الأمثلة المعروضة حاليًا على بعض القنوات الفضائية، فعلى سبيل المثال، هناك إعلان تظهر فيه الشخصية التي تلعب دورًا مهمًا في قصة أطفال، وهي ترفض أكل التفاحة المفيدة وتفضل شرب المياه الغازية وتبرر ذلك أنه موضة، ثم تفوز هذه الشخصية بالأمير الوسيم في النهاية! وهناك إعلانات تستهدف المراهقين، فمثلًا هناك مزيلٌ للعرق الذي سيسحر الناس، ويصبحون تحت تصرفك؛ وهناك الساندويتش من شركة عالمية للطعام السريع والذي وفقًا للإعلان لايأكله إلا الرجال؛ ثم هناك العطر الذي سيجلب من أول شمة العريس وهو جاثم على ركبتيه! ولا ننسى مشروب الطاقة الذي سيحل كل مشكلاتك، ويجعلك خارقًا تسابق الطيور في السماء.
قد تستغرق تلك المواد الإعلانية ثواني معدودة، ولكن تأثيرها لدى البعض قوي للغاية، خصوصًا فئة الأطفال والمراهقين الذين يصدقون مايُعرض عليهم، وينجذبون لبعض الممارسات حتى يشعروا بالتميز أو النضج، وحين يتزامن هذا التعرض للتلفزيون بعدم وجود النصح من الأسرة في تفسير مدى واقعية تلك الإعلانات وغيرها من عدمه؛ فإن الطفل أو المراهق قد يًكوّن صورة خاطئة عن العالم. وهذا أقل شيء يمكن أن يحدث لأنه من الممكن أن يقلد مايرى ويؤذي نفسه أو على أقل تقدير يضع نفسه في موقف محرج.
وعلى أي حال، تبقى الإعلانات وسيلة قوية للتواصل؛ وهنا يمكن الاستفادة منها في مجالات متنوعة في بث أفكار ثقافية وتعليمية وليس فقط لأغراض اقتصادية أو سياسية كما هو الحاصل حول العالم بشكل كبير الآن..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.