استقبلتْ الرياض يوم السبت الفائت أول أيام العام الهجري الجديد 1433 بتباشير المطر والجو البديع . المطر هتّان ودرجة الحرارة لطيفة جداً. نادراً ما يكون الطقس بهذا الجمال في قلب بلادنا وفي عمق نجد تحديدا. السؤال كيف تفاعل الناس مع هذه الأجواء ؟؟ قد يبدو السؤال لا معنى له لو نظرنا إليه من زاوية تقليدية بحتة لكنني كنت أعني كيف كان تأثير الطقس على الناس. للأسف الناس هنا في العادة لا يبتسمون إجمالاً وحين تراهم في الطرقات تشعر وكأن الدنيا قد كشّرت بوجهها العابس فكشّر الناس معها. طقس الرياض حينما يكون حنوناً ولطيفاً يمتد تأثيره على سلوك الناس فيبتهجون تبعاً لذلك وتتبدل سحناتهم بتقاسيم البشر والفرح. هل اكتفى الناس بالابتهاج وقت نزول مطر طال غيابه وحين أتى في وقته المناسب (الوسم) تبادلوا التهاني والاستبشار بموسم ربيعي قادم؟ كلاّ فعقلية الماضي التي ترى في نزول المطر وكثافة الغيوم فرصه للتزويغ من الدراسة والعمل لا زالت موجودة. في صباح مطر الرياض دخلت على موقع (تويتر) كي أتابع آخر الأحداث التي يتناقلها الناس، وأصابني الإحباط حين قرأت من يدعو للذهاب إلى (البر) احتفالاً بالطقس بدلاً من التوجه للعمل..! أكثر من صوت يقول (لنسحب على الدوام) وهو تعبير يعني تجاهل أو نسيان العمل. أحدهم كان يحث أصدقاءه عبر الموقع بالذهاب إلى مكان معروف للنزهة قريب من الرياض للاستمتاع بجمال الطقس والمطر وعدم الذهاب للعمل وتعهّد بإحضار إفطارهم. حتى بعض طلاب الجامعات ينصحون بالسحب على الدراسة في ذلك اليوم..! أليس بالفعل أمر مُحزن أن يكون مفهوم العِلم و العمل بهذه الهشاشة ؟ أين مصالح الناس ؟؟ هل تتعطل بسبب جناب الموظف يرغب بالاستمتاع بجمال الطقس و (مالي ومال الناس ) ؟؟ الأمم العظيمة سرّ قوتها وتقدمها في الإصرار على العمل والإنتاج مهما كانت أحوال الطقس أو الإغراءات، فأين نحن منهم؟ في المقابل هناك ايجابيون كانوا يحثون البقية على الالتزام بالدوام ولو بطريقة كوميدية فهذا (أبو نواف) يقول:" اللهم خفف علينا حُب الفراش والمخدة، واجعلنا مُحبين للدوام و المكدّه". قيل إنما يُستدل على عقل المرء وخُلُقه حُب عمله، فماذا نستدل من قول القوم (اسحب على الدوام) ؟ يا كافي.