لم تحظ الاحتياجات الصحية النسائية بقدر كبير من الاهتمام إلا منذ 20-25 عاما، حيث كانت الاحتياجات الصحية النسائية في السابق تقوم على تنبؤات على أساس دراسات تُجرى معظمها على الرجال وتطبق نتائجها بالقياس على النساء، فيما عدا فترتي الحمل والرضاعة، وغالبا ما تكون التغذية هي أهم المبادرات التي تستهدف صحة المرأة. وعندما ننظر إلى الفوارق في التغذية بين الجنسين، نلاحظ أن المرأة بحاجة إلى نفس العناصر الغذائية التي يحتاج إليها الرجل، ولكن مع اختلاف أن المرأة قد تحتاج إلى زيادة كمية بعض العناصر وذلك بناء على العمر، بمعنى أنها قد تتغير احتياجاتها الغذائية بناء على العمر، وربما تحتاج إلى سعرات أقل عندما يكون حجم الجسم صغيرا. بينما الرجال لا تتغير احتياجاتهم الغذائية كثيرا عبر مراحل حياتهم ما لم يتغير مستوى النشاط البدني، لذا فإن تذبذب مستوى هرمونات الأنوثة بين صعود وهبوط، إضافة إلى احتياجات جسم المرأة في سن الإنجاب كلها لها أمور تؤثر في الاحتياجات الغذائية والصحية، فالحيض والحمل والإرضاع من الثدي وسن انقطاع الدورة الشهرية كلها عوامل مؤثرة للاحتياجات الغذائية للمرأة. الدورة الشهرية تحتاج المرأة أثناء سنوات الإنجاب إلى مزيد من الحديد يفوق ما يحتاجه الرجال، وذلك بسبب ما تفقده المرأة أثناء الدورة الشهرية، وتزداد المشكلة لدى بعض النساء اللاتي ينزفن بغزارة أثناء الدورة الشهرية، وبالتالي يفقدن كمية أكبر من الحديد أثناء الدورة، وعندما لا تعوض المرأة احتياجات جسدها من الحديد بعدم أو قلة تناول الأغذية الغنية به، ومع استمرار فقد الحديد مع الدورة الشهرية فإن ذلك قد يتسبب في حدوث الأنيميا (فقر الدم)، ويزداد الأمر سوءا مع انخفاض تناول فيتامين (ج) ولجوء المرأة إلى الحمية الخاطئة. تبلغ التوصيات الغذائية RDA من الحديد 18 ملليجرام يوميا وذلك للمرأة بين عمر 19و50 عاما. وأثناء الحمل تزيد الكمية الموصى بها إلى 27 ملليجرام، بينما الرجل يحتاج فقط (8) ملليجرامات من الحديد يوميا، وعندما تنقطع الدورة الشهرية عن المرأة فإن احتياجاتها من الحديد تتعادل مع احتياجات الرجل. وللحصول على احتياجات أجسامنا من الحديد من الغذاء، علينا تناول أغذية غنية بالحديد مثل اللحوم ووجبات السيريال المدعمة بالحديد والبقوليات، علما بأن الحديد الموجود في الأغذية النباتية لا يمتص بنفس كفاءة امتصاص الحديد الذي من المصدر الحيواني، لذلك يفضل تناولها مع الأغذية الغنية بفيتامين (ج) مثل الحمضيات، ويجب استشارة الطبيب فورا عند الشعور بأعراض الأنيميا، الذي قد لا يكفي بالغذاء فقط وذلك بناء على الحالة الصحية، فقد يرى الطبيب حاجة المرأة إلى سرعة تعويض النقص وتلافي المشاكل الصحية وذلك بتناول المريض مكملات الحديد. أعراض متلازمة ما قبل الدورة الشهرية قد تصاب المرأة بأعراض ضيق مزعجة تصاحب ما قبل الدورة الشهرية PMS، ولقد وصفت النساء ما يصل إلى مائتي عرض مختلف مثل حب الشباب وأوجاع الظهر والانتفاخ وحساسية الثدي للمس ونوبات الصداع ونوبات الشره للأطعمة وأعراض نفسية مثل القلق والعصبية والأرق، إن PMS هي حالة وليست مرضا حيث قد تبدأ أعراضها قبل الدورة الشهرية بمدة تصل إلى 14 يوما ثم تقف بمجرد بدء الدورة، وقد تكون سبب هذه الأعراض هي التحولات التي تطرأ على مستوى الهرمونات، وحيث إن مستوى الماء بالجسم يتذبذب أثناء الدورة صعودا وهبوطا، فجسد المرأة قد يحتفظ بالسوائل قبيل نزول الدورة، إلا أنها عادة ما تتلاشى عملية احتباس السوائل بالجسم بمجرد انتهاء الدورة. تشير بعض الأبحاث عن وجود روابط بين التغذية وبين أعراض متلازمة ما قبل الطمث PMS، ورغم وجود بعض الادعاءات فإنه لا يوجد أي دليل على وجود ترابط بين هذه الحالة وبين نقص العناصر الغذائية، وأهم الأبحاث: - ربما يساعد الكالسيوم على خفض معدل احتباس السوائل وتنظيم مستوى كيمياء المخ المرتبط بالحالة المزاجية، إلا أن الأبحاث لم تكن نتائج مؤكدة، ولكن هناك مبرر مهم لزيادة مقدار ما تتناوله المرأة من عنصر الكالسيوم، فهو عنصر مهم وضروري لصحة العظام، وللأسف فإن معظم النساء لا يحصلن على قدر كاف. - قد تساعد الاستروجينات النباتية، التي تتواجد بصفة طبيعية في النباتات في تخفيف بعض أعراض PMS، ولم يحدد العلم بصورة قاطعة المقدار الكافي منها، ومع ذلك فإن الأغذية التي تحتوي على الاستروجينات النباتية مثل التوفو وتمبيه ومنتجات الصويا تستحق أن تتناولها المرأة لفوائدها الصحية. - عندما تلاحظ المرأة احتفاظ جسمها بقدر كبير من الماء قبل موعد الدورة الشهرية، فعليها محاولة خفض مقدار الملح الذي تتناوله لمدة أسبوع أو عشرة أيام قبل الدورة، وتشير الأبحاث إلى أنه كلما ارتفع مستوى البرجيسترون قبل الدورة فإن ذلك يتسبب في إخراج الصوديوم من الجسم بطريقة طبيعية، لذا يُنصح بتقليل مقدار تناول الصوديوم إلى 2400 مليجرام يوميا، علما بأنه لا يوجد حدود لمعظم النساء في تناول السوائل. - برغم الادعاءات المنتشرة عن فوائد المكملات الغذائية، إلا أن النتائج لا تشير إلى فائدة فيتامين ب 6 وفيتامين ه أو الماغنسيوم في تخفيف أعراض حالة PMS، علما بأن الجرعات العالية من فيتامين ب 6 قد تتسبب في تلف الأعصاب. إن أفضل الطرائق الطبيعية لتلافي أعراض متلازمة ماقبل الطمث هو تناول الأغذية الصحية، ومحاولة أن تكون الحياة مفعمة بالحيوية والنشاط مع الاسترخاء ومحاولة التغلب على التوتر مع الحصول على أكبر قدر من الراحة الجسدية والنفسية، ويساعد النشاط البدني وممارسة الرياضة في تقليل الأعراض، حيث يساعد النشاط البدني في تنشيط إفراز "إندروفينات" المخ التي قد تساعد في تخفيف التقلبات المزاجية التي تصاحب حالة PMS مثل القلق والاكتئاب.