المغص الكلوي نتيجة تكون الحصى حالة شائعة يصاب بها ملايين البشر حول العالم، ويصاب عدد ليس بالقليل من السعوديين بحصوات الكلى التي ما ان يتم التخلص من واحدة منها حتى تخرج اخرى وفي وقت ليس بالطويل. وتعد حصوات الكلى بلاء قديم. فهي مذكورة في قسم أبوقراط، وتم العثور على حصوة بداخل مومياء مصرية، وبحسب الإحصاءات الأميركية فان تلك الحالة تصيب حوالي 12٪ من السكان خصوصاً عند الرجال ما بين 20 و40 سنة من العمر ونسبة احتمال حدوثها عند اي رجل هي في حدود واحد لكل ثمانية رجال. وقد أظهرت عدة دراسات أن معاودتها من دون أي علاج تصل إلى 10٪ بعد السنة الاولى من حدوثها و35٪ بعد 5 سنوات و50٪ بعد 10 سنوات. ورغم ان المعالجة الحديثة التي تقوم بتفتيت الحصيات بالصدمات الترددية الخارجية أو الداخلية أو بالليزر او بالموجات الفوق الصوتية سهلت معالجة تلك الحالات من دون اللجوء إلى الجراحة المفتوحة كما كان مطبقاً في الماضي، إلا أن تلك المعالجة المبسطة لا تعالج أسباب تلك الحصيات بل إنها تزيلها مؤقتاً لتعود في كثير من تلك الحالات لتنغص حياة المريض بالآلام المبرحة والأعراض السريرية الأخرى كالغثيان والبيلة الدموية والالتهابات البولية ونادراً الفشل الكلوي نتيجة انسداد الحالب أو الكلية التام أو الجزئي. فما أسباب تكوين تلك الحصيات ولماذا تتعاود بنسبة عالية وما التغييرات النسيجية والعوامل الجزئية التي تساهم على تكوينها وهي الاسئلة التي تشغل بال المريض ودائما ما يتم التطرق لها عند مواجهة الطبيب المعالج؟ المعالجة الحديثة للحصوات لا تعالج أسباب تلك الحصيات بل إنها تزيلها مؤقتاً لتعود في كثير من تلك الحالات عوامل تكوين الحصيات الكلوية: حصيات الكلية هي عبارة عن املاح بلورية مترسبة ويحتوي بول الإنسان الطبيعي على مواد مثبطه تمنع تكون الترسبات وهذه المواد المثبطة قد لا توجد لدى كل إنسان وبالتالي يكون لدى هؤلاء الناس القابلية للاصابه بحصى الكلى. وهنالك عدة عوامل داخلية وخارجية تلعب دوراً أساسياً في تكوين تلك الحصيات. العوامل الخارجية: من أبرز الأسباب الخارجية التي تؤثر في تركيب البلورات في البول وتزيد تركيزها هو التقليل من شرب السوائل والحمية الغذائية الغنية بالكالسيوم وكذلك الطقس والطبقة الاجتماعية والمهنة وجميعها عوامل تساهم في تدني كمية البول المفروزة يومياً وتزيد معدل الكالسيوم والاوكسالات فيه وتبدل حموضة البول وتنقص نسبة المثبطات لتكوين الحصيات والتي تتواجد طبيعيا فيه. * الجانب الغذائي: ان الافراط في تناول البروتينات الحيوانية مثلاً كاللحوم الحمراء، او المأكولات الغنية بمادة الاوكسالات والتقليل من شرب السوائل تعرض الشخص إلى الإصابة بالحصيات الكلوية. ومع اهمية الجانب الغذائي نظريا في تكوين الحصوات الكلوية الا انه غير كاف لوحده لتكوينها في حال سلامة بقية العوامل الاخرى. العوامل الداخلية: أما بالنسبة إلى العوامل الداخلية فإنها تشمل التشوهات الجينية وعمر المريض وجنسه، وبعض الحالات الاستقلابية ومتلازمة سوء الامتصاص الامعائي والحماض الكلوي النبيبي وتعود بعض العوامل الداخلية الى آفات كلوية لا تزال مجهولة. وجميع تلك العوامل قد تسبب عطلاً وضرراً وتكاثراً في خلايا النبيبات الكلوية ما قد يؤدي إلى احتباس العديد من البلورات البولية وتراكمها حول بؤرة مركزية في البول مسببة الحصيات الكلوية. اولا: العوامل الجينية: إن الخلفية الجينية قد تلعب دوراً أساسياً في تكوين حصيات الكلية، إذ إن نسبة الإصابة بالحصيات أقل بكثير عند الأشخاص السود مقارنة بالبيض، كما ان عمر المريض وجنسه قد يؤثران أيضاً على تكوينها حيث ان معدل إصابة الرجال هي 3 اضعاف أكثر من إصابة النساء بهذه الحالة كما ان قمة حدوثها تقع في العقد الثالث والرابع من العمر. الجينات مسؤولة عن عدة أمراض غير شائعة تسبب تشكل حصوات الكلى، من ضمنها البول السيستيني، مرض زيادة أوكسالات البول الأولي، مرض الحمّاض الكلوي النبيبي الأقصى الوراثي، مرض دنت ، ومرض نقص المغنيسيوم في الدم وزيادة الكالسيوم في البول الوراثي. ثانيا: العوامل الايضية والميكانيكية: - عملية الأيض العظمية في حالات زيادة إفراز الكالسيوم في البول: نجد أن العديد من المرضى، خصوصا عند أولئك الذين تكون عندهم نسبة إفراز الكالسيوم عالية، يفرزون الكالسيوم بكمية أكبر من الكميات التي يتم امتصاصها من الطعام، وموازنة الكالسيوم يمكن أن تصبح أكثر سلبية إن تم إقلال كمية الكالسيوم في الطعام، ففي مثل هذه الحالات، فإن كثيرا من الكالسيوم المفقود ينتج من العظم، وهناك بضعة عوامل ومواد في العظم ربما تلعب دورا في زيادة إفراز الكالسيوم في البول، ففقدان الكالسيوم من العظم كسبب محتمل في زيادة الكالسيوم في البول لا يزال في مجال البحث ولربما يقدم وسائل جديدة للتدخل العلاجي. - مثبطات البلورة: البول الطبيعي يحتوي على مثبطات للبلورة تحمي ضد تشكل حصوات الكلى، خصوصا حصوات أوكسالات الكالسيوم، من أشهر هذه المثبطات، السيترات citrate، فهي تشكل مع الكالسيوم مركبات قابلة للذوبان، وبالتالي تخفض كمية الكالسيوم المتوفرة التي من الممكن أن تتحد مع الأوكسالات وتشكل مركبات لا تذوب، ويوجد مواد أخرى تمنع تشكيل الحصوات، ولكن لم يتم تحديد الصلة الطبية لبعضها إلى الآن. - التصاق البلورات على الخلايا المبطنة للجهاز البولي: تحت الظروف الطّبيعية، يتدفق البول بشكل سريع جدا لا يسمح للبلورات أن تتجمع وتشكل الحصى، ونتيجة لذلك، فإن البلورات المجهرية الحجم تفرز خارج الجسم قبل أن يكبر حجمها، والظروف التي تساعد على التصاق البلورات المجهرية على سطح الجهاز البولي تؤدي إلى ازدياد حجم البلورات بشكل كاف لتسبب مشاكل، ويوجد في جسم الإنسان مواد وعوامل كثيرة تساعد في منع أو تحد من التصاق البلورات على خلايا الجهاز البولي. - البكتيريا الضارة والبكتيريا النافعة: اقترحت مؤخرا مجموعة بحث فنلندية أن هناك بكتيريا صغيرة جدا (أصغر بكتيريا معروفة ذات جدار للخلية) تساعد على تكوين صدفة تحتوي على فوسفات الكالسيوم، وتمكن الباحثون من العثور على دليل أن مثل هذه الأصداف موجودة في حصوات الكلى الإنسانية. ولكن هذه الآلية لتشكل حصوات الكلى تحتاج إلى المزيد من الدراسة قبل أن تقبل على نحو واسع. وعندما يصاب البول بإنتان بكتيري منتج لإنزيم أو خميرة البولينا، يتم تحلل البولينا إلى ثاني أكسيد الكربون والأمونيا، وكثافة الهيدروجين الأيونية pH أعلى من 8.0 تشير إلى وجود مثل هذه العدوى. هذا التغيير في كيمياء الجهاز البولي تساعد على ترسب حصوات فوسفات أمونيوم المغنيسيوم، هذه الحصوات التي تدعى ستروفايت struvite هي غالبا ما تتشكل عندما تكون المسالك البولية معرقلة بشكل وظيفي أو بشكل تشريحي . في الختام اود التنبيه الى الدور المهم لكل من الطبيب المعالج والمريض في منع تكرار الاصابة بحصوات المسالك البولية ومن ضمن الإجراءات التي يجب أن يقوم بها الطبيب المعالج في حالة تكون حصوة كلوية ما يلي: - التأكد من أن مسار البول في المسالك البولية غير مسدود جزئيا او كليا وذلك عن طريق الفحص الاكلينكي والقيام بعمل الأشعة المناسبة. - تحليل نوع الحصوة. - عمل تجميع البول للمريض لمدة 24 ساعة والتأكد من الحمض البولي، كمية الكالسيوم، المغنيسيوم, الفوسفات، الاوكسالات، السيترات، كمية اليوريا، وكمية البول المفرزة. - تحديد أسباب ارتفاع كمية المواد المذكورة أعلاه سواء كانت داخلية او خارجية.