اعلن المجلس العسكري الحاكم في مصر امس اعتذاره رسمياً لسقوط "شهداء" خلال التظاهرات التي تشهدها البلاد منذ ايام، لكنه رفض مطالب المتظاهرين بالتخلي فورا عن السلطة، وكلف رئيس الوزراء الاسبق كمال الجنزوري تشكيل حكومة جديدة. وبعد خمسة ايام من الاشتباكات الدامية التي اندلعت الخميس واوقعت حتى امس 35 قتيلا، من بينهم 30 على الاقل قرب ميدان التحرير في القاهرة، اعرب المجلس الاعلى للقوات المسلحة عن "اعتذاره الشديد" لسقوط "شهداء". وكان الخطاب الذي القاه رئيس المجلس الاعلي للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي مساء الثلاثاء اثار استياء كبيرا بين المتظاهرين المعتصمين في ميدان التحرير لعدم تقديمه اي اعتذار عن اعمال القتل فضلا عن امتناعه عن وصف من قتلوا بانهم "شهداء" ووصفهم عوضا عن ذلك ب"الضحايا". لكن الجيش الذي يتولى حكم البلاد منذ تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، رفض التخلي فورا عن السلطة كما يطالب المتظاهرون. وقال عضو المجلس العسكري اللواء مختار الملا في مؤتمر صحافي الخميس ان ترك الجيش للسلطة الان سيكون بمثابة "خيانة للامانة" التي حمله اياها الشعب. إخلاء سبيل الأميركيين الثلاثة المعتقلين بميدان التحرير.. وصحافيتان أجنبيتان تتحدثان عن تعرضهما لتحرشات وقال "اذا تركت السلطة الان اكون خائنا للامانة وتكون القوات المسلحة تخلت عن الامانة" التي حملها اياها الشعب. وقد تدخل الجيش بقوة ليل الاربعاء/الخميس لوقف الاشتباكات بين قوات الشرطة والمتظاهرين في شارع محمد محمود المتفرع من ميدان التحرير. وافاد صحافي في وكالة فرانس برس ان قوات الجيش اقامت حواجز للفصل بين الشرطة والمتظاهرين وان الهدوء كان يسود صباح الخميس المنطقة. من جهة اخرى، اكدت عدة محطات تلفزيونية مصرية خاصة مساء امس ان المجلس العسكري الممسك بالسلطة في البلاد كلف رئيس الوزراء المصري الاسبق كمال الجنزوري (79 عاما) بتشكيل حكومة جديدة خلفا لوزارة عصام شرف التي استقالت مطلع الاسبوع تحت ضغط تظاهرات الشباب في ميدان التحرير. وشغل الجنزوري منصب رئيس الوزراء بين عامي 1996 و1999 قبل ان يغضب عليه الرئيس المصري السابق حسني مبارك ويقيله بشكل اعتبرته الصحف المصرية انذاك مهينا. وكانت طرحت قبل ذلك اسماء عدة شخصيات لتولي رئاسة الحكومة الجديدة على راسها محمد البرادعي وعمرو موسى. وقد انطلقت عدة دعوات لتنظيم تظاهرات "مليونية" اليوم الجمعة. فقد دعت عدة احزاب سياسية الى تظاهرة "مليونية" الجمعة اطلقت عليها "جمعة الشهيد". فيما ذكر الموقع الرسمي لجماعة الاخوان المسلمين ان الداعية يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، سيشارك الجمعة في جمعة "الأقصى" التي دعا اليها الاتحاد، والحملة الشعبية لمقاومة تهويد القدس، بالجامع الأزهر. بينما اعلن عن تظاهرة حاشدة في حي العباسية بالقاهرة "للاغلبية الصامتة" تاييدا لبقاء الجيش في السلطة، كما ذكر الموقع الالكتروني لصحيفة الاهرام. من جهة اخرى، قالت صحافيتان انهما تعرضتا لاعتداءات جنسية.. وقالت كارولين سينز الصحافية في القناة الفرنسية الثالثة لفرانس برس انها هي والمصور الذي يعمل معها ويدعى صلاح عقربي تعرضا للاعتداء في شارع جانبي حيث جرت اعنف الصدامات بين المتظاهرين وقوات الامن في الايام الاخيرة. وقالت "كنا نقوم بالتصوير في شارع محمد محمود عندما اعتدى علينا شبان صغار في الرابعة عشرة او الخامسة عشرة". واضافت "تعرضت للضرب من مجموعة من الشباب والكبار الذين قاموا بنزع ملابسي وبالامساك باعضاء جسدي بشكل يعد اغتصابا". كما اعلنت الصحافية المصرية الاميركية منى الطحاوي التي اعتقلت خلال اشتراكها في تظاهرات ميدان التحرير، انها تعرضت لاعتداءات جنسية من قبل رجال الشرطة وذلك بعد اطلاق سراحها الخميس. من جهة اخرى قررت محكمة جنح قصر النيل الخميس اخلاء سبيل الاميركيين الثلاثة الذين القي القبض عليهم في ميدان التحرير الا انهم مازالوا رهن التحقيق. وكانت النيابة العامة قررت الاربعاء حبس الثلاثة لمدة اربعة ايام على ذمة التحقيقات بعد ان اعتقلوا الاثنين خلال الصدامات الدامية بين الشرطة والمتظاهرين في ميدان التحرير. وبسبب عودة التوتر السياسي، خفضت وكالة ستاندارد اند بورز للتصنيف الائتماني الخميس قدرة مصر على الحصول على ديون سيادية، بواقع درجة واحدة من "بي بي-" الى "بي+"، وارفقت قرارها بتوقعات سلبية للاقتصاد المصري. من جانبها، حضت فرنسا السلطات الانتقالية في مصر على احترام العملية الانتخابية، واعربت عن الامل في ان تجرى في "ظروف ممتازة"، كما قال الخميس وزير التعاون الفرنسي هنري دو رينكور، معربا في الوقت نفسه عن قلق باريس. وقال دو رينكور في مجلس الشيوخ ان "فرنسا تشعر بالقلق" من الاحداث الجارية في مصر، لكنه حض "السلطات الانتقالية المصرية على احترام الاستحقاقات الانتخابية".