أعلن في نيويورك، في السابع والعشرين من سبتمبر 2011، أن مائة دولة وقعت، حتى الآن، على معاهدة دولية لمنع تجنيد الأطفال قسراً، للقتال في الجيوش والمليشيات. ووصل الرقم إلى المائة، بعد أن وقعت خمس دول جديدة على المعاهدة، المعروفة باسم "مبادئ باريس". وقد تم ذلك خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وهذه الدول هي: أنغولا وأرمينيا والبوسنة والهرسك وكوستاريكا وسان مارينو. وفي الأصل، تنص المادة (38) من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، التي صدقت عليها كافة دول العالم تقريباً، على تعهد الدول الأطراف باتخاذ جميع التدابير الممكنة عملياً، لكي تضمن ألا يشترك الأشخاص الذين لم تبلغ سنهم خمس عشرة سنة اشتراكاً مباشراً في الحرب. وعلى إثر خمس جلسات، عقدت خلال السنوات السابقة، وأسبوعين من المفاوضات خلال الفترة من 10 إلى 21 يناير 2000، اعتمدت مجموعة العمل، التابعة للجنة حقوق الإنسان بالأممالمتحدة، نص مشروع البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل، بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة. وقد دخل البروتوكول حيز التنفيذ بعد ثلاثة أشهر من توقيع عشر دول عليه. واتخذت مبادرة في إطار نظام الأممالمتحدة، بعد سنوات قليلة فقط من دخول اتفاقية حقوق الطفل حيز التنفيذ، وذلك من أجل رفع الحد الأدنى لسن التجنيد والاشتراك في الأعمال الحربية إلى 18 سنة. 300 ألف طفل يخوضون حروب الكبار في العالم وجاءت هذه المبادرة متسقة مع الموقف الذي اعتمدته الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، التي بدأت في العام 1993 تطوير خطة عمل ترمي إلى تعزيز أنشطة الحركة لصالح الأطفال. وذهب البعض في مناسبات عدة إلى أن القانون الدولي الإنساني يعتبر أن الطفل هو الشخص الذي لم يبلغ الخامسة عشرة من العمر. والقانون الدولي الإنساني، على العكس من قانون حقوق الإنسان، لا يتضمن أي تعريف للطفل. وعندما يستخدم القانون عبارة مثل "الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر"، فإن ذلك يعني أيضاً أنه قد يكون هناك أطفال فوق الخامسة عشرة من العمر. وفيما يتصل بالمعاملة التفضيلية للأطفال فوق هذه السن، يستخدم القانون عبارات مثل "الأشخاص الذين يقل عمرهم عن الثامنة عشرة". وتجنب هذه الصياغة إمكانية الاستنتاج بوجود أطفال فوق سن الثامنة عشرة، لكنها لا تستبعد في المقابل اعتبار الأشخاص دون هذه السن أطفالاً. وتشير تقديرات صندوق الطفولة التابع للأمم المتحدة (يونيسيف) إلى أن هناك نحو 300 ألف فتى، دون الثامنة عشرة من أعمارهم، مستغلون في أكثر من 30 حرباً، أو صراعاً مسلحاً حول العالم. وقد شهد معظم هؤلاء فظائع مروعة شارك كثيرون منهم في ارتكابها. وتشير وثائق "يونيسيف" للعام 2008، بأنها رصدت في 19 دولة ومنطقة صراع، خلال الفترة بين عامي 2004 و2007، عمليات تجنيد لأحداث، وإجبارهم على القتال أو معاونة المقاتلين. وساعدت "يونيسف" في العام 2010 على تسريح، وإعادة دمج، حوالي عشرة آلاف طفل، شاركوا بالقتال في جيوش أو مليشيات حول العالم. وتضم لائحة الأممالمتحدة للدول التي ترتكب، أو ارتكبت انتهاكات في هذا المجال، كل من أفغانستان وبوروندي وأفريقيا الوسطى وتشاد وكولومبيا والكونغو الديمقراطية والعراق وبورما ونيبال والسودان والصومال والفلبين وسريلانكا وأوغندا. وفي العام 2009، أجريت أول محاكمة لقائد ميليشيا سابق أمام محكمة الجزاء الدولية في لاهاي، بتهمة تجنيد أطفال في شرق الكونغو. وفي مطلع العام 2011، وردت تقارير عن قيام الجماعات المسلحة في الصومال بتجنيد المزيد من الأطفال في صفوفها، في الوقت الذي يقوم فيه بعضهم بإجبار المدرسين على تجنيد التلاميذ. ويعتقد أن عدد الأطفال الجنود في الصومال يتراوح ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف طفل، منخرطين في جماعات مسلحة مختلفة. وتشير ممثلة "يونيسف" في الصومال، روزان شورلتو، إلى أن "وضع الأطفال في خط النار وقتلهم، وتشويههم في سياق النزاع المسلح، هو من بين أخطر انتهاكات القانون الدولي. ويعد استخدام وتجنيد الأطفال تحت سن الخامسة عشر بمثابة جريمة حرب". وفي تقرير أصدرته في نيسان أبريل 2010، قالت الأممالمتحدة أن البحث الذي جرى في يونيو من العام 2009، أكد أن تجنيد الأطفال في الصومال قد أصبح ممنهجاً وأكثر شيوعاً. ويقول التقرير أن جميع الأطراف بمن فيهم الحكومة الانتقالية تقوم بتجنيد الأطفال. وتفيد شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) بأن العديد من الأسر الصومالية النازحة ترسل أبناءها إلى مخيمات اللاجئين في كينيا، أو إلى أجزاء آمنة من الصومال خشية أن يتم تجنيدهم قسراً. وقالت الشبكة: "لا يستطيع الآباء حماية الأطفال. وأي والد يحاول ذلك يخاطر بفقدان حياته". وتشير الدراسات الدولية ذات الصلة، إلى أنه غالباً ما يتعرض الجنود الأطفال، حول العالم، للإيذاء. ويشهد معظمهم الموت والقتل. ويشارك كثير من هؤلاء في أعمال القتل. ويعاني معظمهم من عواقب نفسية وخيمة، طويلة الأجل. أما التجنيد الطوعي للأطفال، فغالباً ما تكون دوافعه – وفقاً لهذه الدراسات - الفقر والأمية والتمييز، وانعدام التعليم النظامي وفرص الرزق. كما يضطر الأطفال إلى الانضمام إلى الجماعات المسلحة طلباً للحماية، أو رغبة في البقاء، أو في الثأر. أو الشعور بالانتماء، بسبب فقدان المسكن وأفراد الأسرة. وتشير الدراسات الدولية إلى أن الجماعات المتحاربة قد طوّرت طرقا معقدة لفصل الأطفال وعزلهم عن مجتمعاتهم. وفي بعض الأحيان يجبرون على المشاركة في قتل أطفال آخرين أو أعضاء أسرهم. وفي سيراليون درس الخبير، جون وليامسون، النتائج التي خرج بها الجنود الأطفال، الذين عاشوا في الحرب التي استمرت 12 عاماً. وجاء في دراسة وليامسون قوله: "كانت الفرص التي أتيحت بعد ذلك للأطفال للعودة إلى مقاعد الدراسة أو تلقي التدريب المهني عاملاً رئيسياً في نجاح عملية إعادة اندماجهم. ولم يساعد ذلك الأطفال في تشكيل هوية جديدة لهم وحسب، وإنما ساعد أيضاً في زيادة قبولهم بين عائلاتهم، وعند المجتمع ولدى زملائهم". يقول وليامسون: "أعتقد أن هناك إجماعاً بين المختصين على أنه بمجرد أن تتاح للأطفال الجنود السابقين الفرصة ذاتها، المتاحة لغيرهم من الفتيان في المجتمع، فلا تكون هناك عندئذ حاجة لبرامج تركز على الاهتمام بهم".