بعد مخاض عسير وطول انتظار حقق منتخبنا الفوز، وهو الذي لم يذق طعمه في الجولات الثلاث الأولى للتصفيات الآسيوية الراهنة، حتى تحقق أمام تايلاند، وكان حرياً بنا جميعاً أن نفرح ونبتهج للنقاط الثلاث التي دخلت رصيده في بنك المجموعة، وللأهداف الثلاثة أيضاً لما لها من دلالات أخرى؛ ولأن الفوز كذلك قد عدّل مسار القطار (الأخضر) في السكة المؤدية ل(مونديال البرازيل) بعدما كان مرشحاً له أن ينحرف عنها. البعض وبلا مبرر منطقي أراه حاول مصادرة الفرح؛ بحجة أنه كان مبالغاً فيه؛ سواء في نزول الأمير نواف بن فيصل وتحيته للاعبين والجماهير، أم في الأغاني الوطنية التي فتحتها إدارة استاد الملك فهد والتي واكبت تلك الفرحة، وأيضاً في مضاعفة المكافأة للاعبين، متذرعين بأن تلك الفرحة تأتي في سياق تهويل الفوز الذي تحقق على فريق اسمه تايلاند!، متناسين بل متجاهلين أن هذا الفريق هو من كان ولازال ينازعنا على بطاقة التأهل الثانية للدور النهائي. في ظني إن كان ثمة تحفظا على فرحة الفوز على تايلند ففي الحشد الذي رافق الأمير نواف، إذ بينه من لا علاقة له من قريب أو بعيد بشأن المنتخب، أما في نزول الرئيس العام لرعاية الشباب، وهو المسؤول الأول عن الاتحاد السعودي ما يبرره، خصوصاً من زاوية أنه المعني الأول بما تخلفه نتائج المنتخب، إذ في الوقت الذي نوجه له سهام النقد عند أي إخفاق، نمنع عليه ممارسة حقه الطبيعي في التعبير عن فرحته، حتى وهو يريد أن يحقن اللاعبين بإبرة الانتشاء بعد معاناتهم مع الإحباط، ويعطيهم كبسولة التفاؤل التي تنتشلهم من خيبة الأمل، حتى قيامه بمضاعفة المكافأة انتقدها أولئك؛ على الرغم أن لا شيء يضيره، طالما أن من شأنها أن تعزز في اللاعبين الدافعية نحو مواصلة رحلة الانتصارات، ولا أرى محاولة الاستخفاف بهذا الأمر من خلال تكرار عبارة "دبلها دبلها" من قبل البعض إلا سعياً لتوجيه بوصلة الرأي العام لأطروحاتهم من قبيل نحن هنا!. إنني أرى في الفرح الذي صاحب الفوز على تايلاند من الأهمية بمكان قبل مواجهة اليوم أمام عُمان، إذ يفترض أن يكون دافعاً لدخول اللاعبين للمباراة وهم يستشعرون أن كل ما حولهم يتعايش معهم الفوز والخسارة، وليس متربصاً لهم ساعة الإخفاق، ومديراً لهم الظهر ساعة الفوز، وهو ديدن بعض من يرتدون جلباب النقد، إذ يعتقدون أن النقد لا يكون نقداً صحيحاً إلا بزرع ألغام التثبيط في طريق الآخرين. صقورنا اليوم أمام مهمة العبور إلى آخر طريق مؤدية إلى بلاد السامبا، وهي الطريق التي كانت تحتاج إلى تمهيد أجوائها لهم للتحليق فيها بسلام، ولذلك فإن تداعيات النشوة التي خلفها الفوز على تايلاند، والتي لجمت بمجرد مغادرة استاد الملك فهد، وهو ما خالف توقعات المثبطين، كانت من الأهمية بمكان بحيث يحضر اللاعبون بنفسيات مطمئنة للفوز على عُمان، وبعزيمة أشد نحو تكرار الفرح الذي غادرنا منذ زمن طويل، ولعله يعود بإذن الله، ثم بعزيمة الرجال، وإصرار الأبطال.