تجري في ولاية آسام حاليا حملة مكثفة منذ أسبوعين لطرد المسلمين من بعض المناطق بحجة أنهم «بنغلاديشيون». وتقوم بهذه الحملة منظمات ذات صلة بحزب الشعب الهندي الهندوسي الطائفي الذي خسر في انتخابات العام الماضي. وقد بدأت الحملة يوم 7 مايو الماضي حين لجأت منظمة طائفية مغمورة إلى إرسال رسائل اليكترونية (إس.إم.إس.) في مديرية ديبروكره يوم 7 مايو الماضي تطلب من «البنغلاديشيين» مغادرة المنطقة وإلا تعرضوا للذبح والتنكيل..وأدى هذا إلى فرار آلاف من المسلمين من نحو 12 مدينة في الولاية وهم عمال وصغار التجار وحرفيون. وقد وصلت هذه الحملة تباعا إلى مناطق أخرى من الولاية مثل مديريتي (غولغات) و(جورهات). وقد تطورت الأمور إلى نشوب اضطرابات في مديريتي (تينسوخيا) و(نورث لخيمبور) يوم 17 مايو الماضي حيث اعتدى بعض «الطلبة» على «بنغلاديشيين» وأحرقوا أكثر من 20 بيتا ومتجرا يملكه هنود من خارج الولاية لا يتحدثون باللغة الآسامية المحلية. وكثيرون من هؤلاء يأتون إلى الولاية من ولايات متاخمة بسبب توفر العمل بها لأن ولاية آسام غنية بمزارع الشاي كما توجد بها حقول الغاز والنفط. وقال كبير وزراء الولاية تارون غوغوي - من حزب المؤتمر - أن برامود ماهاجان منسق حزب الشعب الهندي في الولاية هو مصدر هذه الحملة. وقضية «البنغلاديشيين» قديمة في ولاية آسام التي يوجد بها تواجد إسلامي جيد (31 في المائة من سكان الولاية البالغ عددهم 26 مليون نسمة) مما يمكن مسلمي هذه الولاية من التأثير في العملية السياسية وقد سبق أن حكم المسلمون هذه المنطقة قبل الاستقلال وبعده. وهذا يقض مضاجع الطائفيين الذين يثيرون قضية «البنغلاديشيين» بين الحين والآخر زاعمين أن عددا كبيرا من مسلمي آسام هم مهاجرون غير شرعيين من بنغلاديش وبالتالي ليس لهم حق في العيش في الولاية وبصفة خاصة لا حق لهم في المشاركة في الانتخابات. وسبق أن قامت منظمات طائفية وعرقية باحتجاجات في هذا الصدد فلجأت الحكومة سنة 1985 إلى سن قانون يشرح أسلوب التعرف على الأجنبي في الولاية وكيفية طرده بعد صدور حكم قضائي من محكمة مختصة. والمحاكم مستمرة في عملها هذا وهي تطرد من يثبت لديها أنهم «أجانب» إلا أن أعداد هؤلاء المطرودين تعد بالمئات فقط كل سنة وهذا لا يعجب الطائفيين والعرقيين الذين يريدون طرد ما أمكن من المسلمين بسرعة ولذلك يلجأون إلى حملات لإذكاء نار الاضطرابات الطائفية من وقت لآخر مثل مذبحة (نيللي) سنة 1983 التي ذبح خلالها نحو ثلاثة آلاف مسلم ومسلمة خلال ليلة واحدة في بلدة (نيللي) وهذه المذبحة تعتبر واحدة من أكبر الاضطرابات الطائفية في تاريخ الهند إلا أن الجناة لم يعاقبوا بل وصلوا إلى الحكم لعدة سنوات وهم لا يزالون يتهربون من العدالة إلى اليوم. ووصل الأمر بالسلطات أنها منعت عقد ندوة حول مذبحة نيللي في 10 نوفمبر من العام الماضي في عاصمة الولاية (غواهاتي) حيث كانت الباحثة اليابانية (ماكيكو كيمورا) المتخصصة في تاريخ آسام ستقدم ورقة حول مذبحة نيللي. ولم تقم سلطات الولاية حتى الآن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف النزوح الحالي. وحتى الحكومة المركزية لم تقم بشئ ملموس سوى طلب تقرير من حكومة الولاية حول التطورات والطلب من المخابرات أن تعد تقريرا عن الأحداث. وقال كبير وزراء الولاية أن حكومته أنشأت «مجموعات يقظة» في كل المديريات لمنع ترويع الهنود تحت حجة طرد البنغلاديشيين. وقال وزير داخلية آسام (رقيب الحسين) ان الذين فروا من مناطق شرق الولاية هم ليسوا «بنغلاديشيين». وقد أقام مسلمو ولاية آسام إضرابا في بعض مناطق الولاية يوم الثلاثاء الماضي - 24 مايو - بقيادة «اتحاد طلاب الأقليات لعموم آسام» احتجاجا على الحملة الطائفية الحالية.. وكانت السلطات هذه المرة سريعة في منع الإضراب ومعاقبة الذين يقفون وراءه فقامت باعتقال 500 من نشطاء هذه المنظمة في مختلف مناطق الولاية إلا أنه رغم ذلك شوهد أثر الإضراب في مختلف المناطق حسب تقارير وسائل الإعلام الهندية. وقال (برومود غوغوي) زعيم الحزب الشيوعي في الولاية أن كل الاضطرابات الطائفية الكبيرة في الولاية قد وقعت عندما كان حزب المؤتمر يحكمها ومنها مذبحة نيللي والاضطرابات التي وقعت بعد هدم المسجد البابري وأضاف الزعيم الشيوعي قائلا: الآن قد عاد التوتر إلى الولاية حين وصل حزب المؤتمر إلى الحكم في كل من الولاية والحكومة المركزية. ومن المعروف أن حزب الشعب الهندي من وقت لآخر يثير قضية المهاجرين البنغلاديشيين غير الشرعيين في الهند وهو يذكر في هذا الصدد أرقاما خيالية مثل «30 مليون» بنغلاديشي في الهند وهو يقول ان هؤلاء خطر على أمن الهند القومي وهو يشرح زيادة أرقام مسلمى الهند في إطار هجرة البنغلاديشيين غير الشرعية إلى الهند.. وشك في أنها ظاهرة موجودة بسبب دواع اقتصادية إلا أنها ليست بالحجم الكبير الذي يذكره حزب الشعب الهندي الطائفي. ومن المعلوم أن هناك هجرة مماثلة إلى الهند من دول مجاورة أخرى مثل نيبال إلا أن الطائفيين لا يتعرضون لها مطلقا. وقال وزير الداخلية الهندي (شيوراج باتيل) يوم الثلاثاء الماضي أن رفع قضية البنغلاديشيين في الهند في هذه الآونة سيسيء إلى العلاقات الهندية البنغلاديشية التي أخذت إلى التحسن بعد تدهور ملحوظ في الشهور الأخيرة. واتهمت جبهة تحرير آسام المتحدة (أولفا) - التي تعمل لإنشاء دولة مستقلة في آسام - أن الحملة الحالية تروع المسلمين المحليين وأنها تهدف إلى إشعال نار الفتنة الطائفية في الولاية. وقالت الجبهة ان جهات متعددة قد لجأت إلى هذه الحيلة لإيجاد استقطاب طائفي في الولاية قبل انتخابات المجلس التشريعي بالولاية في أوائل السنة القادمة. ومن جهته اتهم كبير وزراء الولاية تارون غوغوي أن حزب الشعب الهندي وحركة الآر.إس.إس. الهندوسية يعملان لإشعال اضطربات طائفية في الولاية.