دأبت الحملات الممهدة للانتخابات الرئاسية الفرنسية خلال العقود الثلاثة الماضية على إفراز مرشحين غير عاديين يسميهم بعض المحللين السياسيين " توابل الرئاسيات". ولم تشذ الحملة الانتخابية الممهدة لانتخابات العام المقبل الرئاسية عن هذا التقليد. وبالرغم من أنها لم تبدأ بعد بشكل رسمي ، فإن " توابلها " المبكرة مرشحان اثنان يدعى أحدهما كلود فيبير . ويبلغ المرشح من العمر الثالثة والستين . وهو أطلق حملته قبل أيام من مدينة ستراسبورغ حيث يقيم وحيث يوجد مقر حزب أسسه عام 2006 ويسمى " اتحاد المسنين الموسع" . وأما قاعدة المرشح الانتخابية فهي شريحة المسنين والتي يقول عنها السيد فيبير إنها ما انفكت تزداد عددا. بل إنه يذهب إلى القول معتمدا في ذلك على إحصاءات جادة إن عدد الذين تصل أعمارهم الخمسين على الأقل سيشكلون قريبا نسبة خمسين بالمائة على الأقل من السكان. . ومن الدوافع التي حملت كلود فيبير -وهو متقاعد كان مسؤولا في إحدى الصناعية الغذائية –على الترشح للانتخابات الرئاسية للدفاع عنهم أن أوضاعهم المعيشية والاجتماعية والصحية ليست جيدة في العموم وبخاصة بالنسبة إلى الشرائح المتوسطة والفقيرة. فالمتقاعدون منذ فترة قصيرة أو أولئك الذين يستعدون للتقاعد ليست لدى الكثيرين منهم الإمكانات المادية التي تسمح لهم بالعيش الكريم حتى ان جزءا منهم لا يزال يتقاضى مخصصات من صناديق الشيخوخة تقل مستوياتها القصوى عن مستوى عتبة الفقر في فرنسا . ويقول كلود فيبير وتشاطره في ذلك نتائج الدراسات الميدانية إن المقدرة الشرائية لدى المسنين الفرنسيين أو الذين يقيمون في فرنسا من العمال المهاجرين لن يجد جزء كبير منهم في المستقبل الإمكانات اللازمة لتأمين الحد الأدنى من المرافق الحياتية. وكثير من هؤلاء المعوزين المسنين يعانون كثيرا من الهموم والأمراض لأسباب عديدة منها فقدانهم لعملهم لمدة طويلة قبل أوان موعد التقاعد والتغييرات الجديدة التي طرأت على أنظمة التقاعد والتي تطيل فترات العمل أكثر من اللزوم في وقت تقلصت فيه فرص العثور على عمل إلى حدود غير معهودة . وهناك قناعة لدى كلود فيبير بأنه بإمكانه الحصول على تزكية خمسمائة من المسؤولين المحليين المنتخبين عبر صناديق الاقتراع . وهذا هو الشرط الأساسي الذي يسمح للناخبين بالمشاركة على الأقل في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية. معاينة عدو يسمى " السرطان" ومن الأشخاص الآخرين الذين أعلنوا الترشح في إطار المرشحين " التوابل " بالنسبة إلى الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة التي ستجري في شهر أبريل القادم واحد يسمى " فيكتور إسرائيل" وهو طبيب متخصص في الأمراض السرطانية . وهو يتولى نشاطه في باريس ويبلغ الرابعة والسبعين من العمر. وقد أطلق حملته الانتخابية قبل أيام واعلن أن همه الأساسي هو حمل الناس والسياسيين بشكل خاص على شن حرب حقيقية من أجل التصدي للأمراض السرطانية ومعاينة هذا العدو بشكل مبكر عبر البحث العلمي والتقدم التكنولوجي. ومن الشعارات التي اختارها لحملته الانتخابية اثنان يقول أحدهما " صوتوا للحياة عام 2012" ويدعو الشعار الآخر بشكل غير مباشر لمزيد العناية بمرضى السرطان فيقول " لماذا يتم إصلاح نظام التقاعد إذا كان المتقاعدون غير قادرين على الانتفاع بها" في إشارة إلى هلاك كثيرين بالأمراض السرطانية قبل بلوغهم سن التقاعد. ويلح الدكتور فيكتور إسرائيل على ضرورة تحرك السياسيين لتطوير آلية مكافحة السرطان فيقول إن نسبة الأطباء الذين يعنون في فرنسا بالأمراض السرطانية لا تتجاوز صفرا فاصل سبعة بالمائة بالنسبة إلى كل مائة ألف ساكن وهي تقريبا النسبة ذاتها في بلد كألبانيا. أما نسبة توفر المعدات الحديثة للكشف المبكر عن الإصابات بمرض السرطان في فرنسا فهي لا تتجاوز النسبة ذاتها الموجودة في تركيا اليوم أي تسعة أجهزة بالنسبة إلى كل مليون ساكن. وعندما يضايق الصحافيون فكتور إسرائيل بأسئلتهم معتبرين أن طبيبا لا يعرف من عالم السياسة شيئا لا يكمن أن يدير سياسيا فرنسا ، يرد عليهم بين الجد والمزح والغضب والسخرية فيقول إن أمريكا حكمها مثلا ممثل من الدرجة الثانية في إشارة إلى رونالد ريغان الرئيس الأمريكي الأسبق. ويمضي هذا الطبيب المرشح للانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة فيقول إن ممثلا فرنسيا هزليا كان قد استطاع شد انتباه الفرنسيين كل الفرنسيين إلى مشاكل البؤس في البلاد من خلال الترشح إلى الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 1981. ويعني بذلك " جان ميشيل كولوتشي" المعروف باسم " كولوش" . وبالرغم من أن هذا الممثل الهزلي الذي توفي في حادث طريق عام 1986 لم يخض عملية تجربة الانتخابات الرئاسية كمرشح عام 81 من القرن الماضي، فإنه استطاع بحق خدمة ضحايا الفقر المدقع في فرنسا من خلال إعلان ترشحه لاسيما عبر المجتمع المدني. فلا يزال كثيرون من ضحايا البؤس يحصلون على الطعام في فصلي الخريف والشتاء عبر شبكة خيرية كان كولوش وراء إنشائها وتسمى " مطاعم القلب" أو " مطاعم الرأفة"