انه لنافع للمواطن أن يُقدر سلطاناً.. بالشواهد والبينّات التي يراها الأغراب وغير المواطنين.. فلا يسعه إلا أن يقدّرها ويجري على مجراه فيها.. لأن مواطنا يقدر سلطان على هذا النحو.. يحب سلطانا مرتين.. مرة بحكم الشمائل الإنسانية.. والأخرى بحكم إدارته.. ولنا هنا أن نتطرق لإدارته.. لأن أعماله الوظيفية الوطنية.. لكافية أن تخوله المكانة التي يستحقها من الإعجاب والثناء، وحيث أنه ليس من السهل الحديث عن سلطان - رحمه الله - في عجالة أو مقال.. لأننا نتحدث عن شخصية خدمت هذا الوطن في شتى المجالات.. الإنسانية والأمنية والاقتصادية.. فقد تفانى في جميع المناصب التي تقلدها.. وساهم بشكل كبير في تعزيز مكانة الاقتصاد السعودي وشيّد صروحا كبيرة ومتعددة.. دفعت بالاقتصاد الوطني للتنمية.. نعم.. كيف لا وقد كان له الدور المكمل لدور خادم الحرمين الشريفين، من خلال موقعه كنائب لرئيس المجلس الاقتصادي الأعلى، وكرئيس لجنة التطوير الإداري بالدولة، ومجلس إدارة الخطوط السعودية، ومجلس القوى العاملة، ومجلس إدارة المؤسسة العامة للصناعات الحربية، واللجنة العليا للتوازن الاقتصادي، والهيئة العامة للسياحة والآثار، وما هذه المناصب التي تبوأها إلا تأكيدا لدوره الفاعل في دعم الاقتصاد الوطني. واسمحوا لي أن أتطرق إلى جزء يسير من مسيرته، وهي خاصة بوزارته للدفاع ودعمه للقطاع الخاص، حيث كان من ضمن أعماله التي تدل على اتساع أفقه وبعد نظره الاقتصادي إنشاء عدد من المدن العسكرية في مناطق مختلفة بالمملكة، وهي المدن التي كانت تؤدي إلى جانب أهدافها الإستراتيجية العسكرية الهامة أهدافا أخرى اقتصادية تتمثل في تنمية المناطق التي أقيمت فيها، حيث كان يقول رحمه الله "أن المدن العسكرية في السعودية ليست فقط حاميات عسكرية ترابط في أرض صحراوية، إنما هي مدن للصحة والعلم والتعليم والتربية، وتدريب الأجيال". وكان لإنشاء المدن العسكرية الجديدة بما تطلبته من تجهيزات أساسية وخدمات أثر كبير على تنمية ودعم مدن قائمة واستحداث مجتمعات جديدة، حيث شجعت هذه المدن على توجيه استثمارات القطاع الخاص في أنشطة وخدمات مساندة ووفرت فرص عمل للكثير من الأهالي مما انعكس إيجابيا على تطوير المناطق المجاورة، وخير مثال على ذلك مدينة الملك فيصل العسكرية التي أنشئت فى خميس مشيط بمنطقة عسير عام 1391ه، والتي عملت على تنشيط اقتصاد المنطقة بالكامل، حيث ينفق القاطنين بها من رجال القوات المسلحة نحو 50 مليون ريال شهريا تقريبا في أسواق عسير، هذا بالإضافة إلى مدن عسكرية انتشرت في مناطق أخرى. ومن النظرات الثاقبة الأخرى حول اهتمام تطبيق الأمير سلطان هذا التوجه، عندما تحولت المدن العسكرية، ومشاريع وزارة الدفاع والطيران إلى مراكز حضارية للعلم والتعليم والتربية والصحة والتدريب، فهناك المستشفيات العسكرية التي تُصنف في قائمة المستشفيات التخصصية الكبرى، وتُجرى فيها مختلف العمليات المعقدة والنادرة، وتعتبر مضرب المثل في الدقة والتنظيم. وبتوجيهات الأمير سلطان أضحت هذه المدن مركزا للأبحاث التطبيقية التي عملت على استثمار مصانع مؤسسة التصنيع الحربي السعودية في تحسين وسائل الإنتاج القائمة وتصنيع آلات تخصصية، وتطوير منتجات جديدة وتحقيق نسبة عالية من الاكتفاء الذاتي في مجال إنتاج العدد التشكيلية وقطع الغيار وبعض المستلزمات الصناعية الأخرى، إضافة إلى تحقيق التكامل مع القطاع الخاص السعودي عن طريق تنفيذ مشاريع مشتركة لها دور مهم لتعزيز قدرة صناعتنا الوطنية، بجانب الاعتماد على هذا القطاع في مجال التوريدات المختلفة لكل ما تحتاجه هذه القوات المسلحة، هذا بالإضافة إلى شراكة القوات المسلحة مع القطاع الخاص في مشروعات صناعية. رحم الله الفقيد الذي لن نكون مبالغين عندا نقول إن المدن العسكرية التي أنشأها، والتوجه نحو شراكة المؤسسة العسكرية مع القطاع الخاص تعتبر نصف التنمية الغائب.. إن ذلك يعد خير شاهدا على حنكة هذا الرجل في منح دفعة قوية للاقتصاد الوطني بأسلوب يعتبر نمطا جديدا من أنماط التنمية السعودية. * رئيس مجلس الغرف السعودية*