إن من فضل الله علينا نحن السعوديين ما نلمسه على مدار الأحداث وتوالي الأيام من ثبات للكيان الوطني الشامخ، واللحمة القوية التي نتفيأ آثارها جميعاً، والتي تستمد رسوخها من تحكيم القرآن والسنّة، ثم من أسرة مالكة كريمة تمرست في إدارة الحكم على مدى ثلاثة قرون بعد أن أسسته على نهج الشرع المطهر. وفي هذه الأسطر أتوقف عند الأمر الملكي الكريم بتعيين الأمير نايف بن عبدالعزيز ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء، إضافة لتوليه وزارة الداخلية والذي صدر مساء الخميس 29/11/1432ه واستقبله المواطنون بالسرور البالغ والارتياح الكبير، ثم الاعلان عن تلقي سمو ولي العهد الأمير نايف بيعة المواطنين بقصر الحكم بالرياض يوم السبت 2/12/1432ه وصدور توجيه سموه بالتيسير على المواطنين وإنابته لأصحاب السمو أمراء المناطق باستقبالهم في مناطقهم، وذلك نيابة عن سموه - حفظه الله - لتلقي البيعة بولاية العهد في يوم الأحد الموافق 3/12/1432ه. هذا التاريخ يجعل الذاكرة تستدعي حدثاً في السياق نفسه في عام 1373ه وهو التكليف الموجه من جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز - رحمه الله - إلى الأمير نايف بن عبدالعزيز وكان وقتها أميراً للرياض.. بأن ينوبه في قبول البيعة في مدينة الرياض بعد تولي الملك سعود مقاليد الحكم في المملكة. ووفق خطاب موجه بهذا الخصوص للعلماء ورجالات الدولة (كما في الصورة المرافقة من خطاب مرسل للجدِّ الشيخ حمد بن مزيد المزيد قاضي الرياض في وقته - رحمه الله - والذي زودني به الخال الشيخ أحمد بن حمد المزيد، وهذا هو نص الخطاب: «حضرة صاحب الفضيلة الشيخ حمد بن مزيد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد فإن إمام المسلمين صاحب الجلالة سعود بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل قد استخلف أخاه سمو الأمير نايف أمير الرياض لقبول البيعة نيابة عن جلالته وإن شاء الله سيكون سموه بمجلسه بالديرة الساعة الثالثة من صباح غد الأحد لقبول البيعة بحضور صاحب الفضيلة الشيخ الجليل محمد بن إبراهيم المفتي الأكبر، أحببت إخباركم بذلك والسلام عليكم..» رئيس الديوان فمن تاريخ هذه الوثيقة التي تعود إلى عام 1373ه إبان تولي الأمير نايف إمارة الرياض بتعيين من والده جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل - طيب الله ثراه - وحتى تعيين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لسموه ولياً للعهد هذا العام 1432ه - تتجلى لنا تلك المكانة المتميزة والمرموقة التي لم يزل صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز يتبوأها مشاركاً في إدارة الحكم منذ وقت مبكر، وعضداً قوياً وأميناً لإخوانه ملوك المملكة العربية السعودية. وهذه المشاركات لسمو ولي العهد أثمرت رصيداً ضخماً من الإنجازات في خدمة دينه ومليكه، ووطنه وسيجد المتأمل في شخصية الأمير نايف بن عبدالعزيز محطات متنوعة من تميزه البارز في جوانب متعددة: سياسية وأمنية، وإدارية وإغاثية، وإعلامية واجتماعية وعلمية، إضافة لعنايته الرائدة بسنّة النبي صلى الله عليه وسلم ودراساتها. حفظ الله مليكنا خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز، وجعل ولي العهد الأمير نايف خير عضد ومعين، ووفق الجميع لما فيه خير العباد والبلاد. * الأستاذ بجامعة الملك سعود بالرياض