{تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ. لك الحمد ربنا حمداً فوق الحمد حتى ترضى، ولك الحمد ربنا إذا رضيت ولك الحمد ربنا بعد الرضا ولك الحمد إذْ قضيت ألاّ تموت نفس إلا بإذنك كتاباً مؤجلاً ، ثم الصلاة والسلام على سيد الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين. وصل نبأ رحيل سلطان الأمة فكان خبراً يخلخل فيك الوقار فلا تستطيع أن تتحكم بتقلص وجهك وارتجاف فكك الأسفل ثم بكائك. في غمرة ذلك الأسى العاصف ، في لحظة لم أكن قادراً على تصور شدة وطأتها وفي نبأ تركني ذاهلاً لا أجد لوقعه تعليلاً ؛ آمنت أنها إرادة الله تتجلى قاهرة لتتركنا حيارى في تعليل سرها. رحل سلطان الأمة رحل صاحب النفس المملوءة بكل معاني الانسانية ، رحل فشق على الدنيا رحيله واهتزت لفقده النفوس وما كان ذلك أن يكون لولا ما اختزنه من رصيد بشري هائل فكان يوم وفاته يوماً ينشر فيه كتابه بين الناس يسردون مناقبه ويتذكرون محاسنه، ويسألون الله أن يضاعف حسناته وأن يغفر سيئاته وأن يباعد بينه وبين خطاياه. إن رحيل سلطان أحد شوامخ العصر وعظمائه مصيبة تقتلع القلوب وتهتز لها أركان النفس، وفاجعة لا يُهوّن منها إلا مشاركة كل هذه الأمة في هذا الرزء العظيم. رحل سلطان الأمة وبقيت صورته زاهية بما قدم للبلاد والعباد ، كان مدرسة متكاملة جامعة لكل صفات العظماء ، كان غفر الله له ثاقب النظرة عميق الرؤى يميل للتأني والتقويم المتبصر متجرداً من الهوى في رأيه الذي كان أميل للحق والصواب ، وهبه الله مواهب وقدرات لا حدود لها ويزيد من عظمة هذه المواهب ؛ نفسه العظيمة القادرة والواثقة حتى ليخيل إليك أن هناك قوة إضافية تسري في كيانه تعزز قوته البشرية التي يمتلكها يساند ذلك كله توفيق الله له في كل خطوة. أما الحديث عن عطاء سلطان الأمة – غفر الله له – فهو حديث لن تسعه مجلدات تسطر فيها حقائق ذلك الخير الذي عم الداخل والخارج. كان دور سلطان الأمة كبيراً في دعم وتبني برامج الرعاية الاجتماعية والإنسانية وله باع طويل ممتد إلى إنشاء المشروعات الخاصة ببرامج الأنشطة الإسلامية الخيرية والثقافية والتعليمية جمعتها كلها مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية ليبقى ويستمر خيره، وعطاؤء لا يتوقف بوفاته غفر الله له. أمر سلطان الأمة بإنشاء مدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية تلك المدينة التي تعتبر ثمرة يانعة من ثمار أعماله الخيرية التي لن تنقطع ولن تذبل ، أنشئت تلك المدينة لتضاهي أفضل المدن في العالم المتخصصة في مجال معالجة الإعاقات. إن سلطان الأمة كان واحداً من العظماء الذين انبتتهم هذه الأرض الطيبة المباركة والذين ولدوا وقدرهم مسطر في كتب التاريخ ليحمل أمانة ويؤدي رسالة ويقود مسيرة. ويبقى طعم الموت غصة في الحلق لا يعتادها الإنسان مهما عبر الأحبة والأعزة فوق جسر الرحيل ساعة بعد ساعة وجيلاً بعد جيل . أمثالك ياسلطان الأمة تموت أجسادهم لأن الموت حق على الأحياء جميعاً ولكن ذكرك لا تموت لأنك من أولئك الذين فرضوا أنفسهم على الناس بالحب والرحمة والعطف والحنان. لك في قلوب معاصريك ذكر لن يموت، ولن يستأثروا بذكرك وحدهم وإنما ستشاركهم فيه الأجيال تلو الأجيال. اللهم اغفر له ، اللهم أحسن لقاءه وطيب روحه ووسع مدخله وأعلِ في الصالحين مقامه واجعله اللهم من المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر. * المستشار المشرف العام على مكتب وزير النقل