يستضيف المتحف البريطاني في قلب العاصمة لندن في منتصف فبراير المقبل 2012 م ,الاجتماع العالمي للحج والعمرة. تلك الشعيرة الإسلامية التي تهز وتلامس قلوب البشر في كل مكان حتى من غير المسلمين عاما بعد عام. ويزداد معها هذا الأثر بازدياد التميز الذي توليه لها الحكومة السعودية. وتزداد بالحضور الإعلامي الذي نشهده من اللقطات الجوية المهيبة . وقبل التطرق لبعض جوانب هذا الملتقى العالمي للحج لابد من وقفة تأمل لجانب من جوانب التميز السعودي والاهتمام بخدمة حجاج بيت الله . فقد عاشت المملكة الأسبوع الماضي أياما حزينة ودعنا فيها الأمير سلطان بن عبدالعزيز إلى رحمة الله وإلى مثواه الأخير.ولكن في هذه الفترة العصيبة التي انشغل فيها المجتمع بهذا الحدث الجلل , إلا أن هناك عملا مؤسسيا وتنظيما فريدا لخدمة حجاج بيت الله يعمل على مدار الساعة ولا يتوانى مهما عظمت الأحداث. فالكثير من الإعلاميين ومن المتابعين المنصفين حول العالم لموسم الحج يدرك حجم المسؤولية وعظمها، ويقدر الجهود المبذولة في هذا الموسم . ولتبسيط الصورة الذهنية عن الاستعداد للحج على المستوى الفردي نرى كم يحتاج الفرد منا للاستعداد لأداء شعائر فريضة الحج؟ ولن أتحدث عن الاستعداد النفسي ولكن يكفي الاستعداد المادي والجسدي فهما بلا شك كبيران جدا ويأخذان حيزا من جل اهتمامه . ولو ارتقينا بالمشهد لصاحب حملة حجاج آتياً بهم من دولة من دول الجوار فقط لعرفنا حجم الترتيب الذي يعمله وكيف هي حاله واستعداده لعدد ضئيل من الحجاج في حملته؟ ومعها تتعزز الصورة وتكبر دوائر المسؤولية إلى أن تصب في لجنة الحج العليا التي يرأسها الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية منذ العام 1385ه ومعها لجنة الحج المركزية التي يرأسها أمير منطقة مكة . فهذا الموسم العظيم لملايين المسلمين على صعيد مكة وبقية المشاعر يعكس الجوانب الجوهرية الصعبة في إدارة شؤون الحج والحجاج. وإذا أخذنا رقما بسيطا لعدد من يتوه عن مخيمه من الحجاج بسبب الزحام وتشابه الخيام وضربات الشمس نجد أن الرقم يصل إلى ستة آلاف حاج يوميا, وهذا يعكس عظم المناسبة وبالتالي عظم حجم الخدمات الأخرى المطلوبة لتواكب المناسبة من طبابة وغذاء وأمن وسلامة وسهولة سير وتحريك للمركبات ... الخ القائمة من الاحتياجات التي تؤمنها المملكة سنويا لضيوف بيت الله.ولقد أصاب الزميل عبدالله بن بخيت في مقال سابق له حول الذكريات الجميلة التي يحملها الحجاج معهم من مكة وبعيون منصفة كالتي لمسها من المسلمين في كندا.وبالتالي أتمنى أن تحملها أيضا عيون المواطن والمقيم أولا وبالتالي تنعكس في منظومة بشرية نخدم فيها جميعا حجاج بيت الله ابتغاء لمرضاته. يقول نيل ماكريغر مدير المتحف البريطاني إن الملتقى العالمي للحج والعمرة يهدف بشكل رئيس لتمكين الجمهور العالمي من التعرف عن كثب على شعيرة الحج وتاريخها وهي تتيح لغير المسلمين التعرف على شعيرة لايمكن لهم أن يشاهدوها، أو أن يعايشوها أو يصلوا إلى أماكنها وهي رمز من رموز الوحدة الإسلامية وبناء الصورة الذهنية عن الإسلام والمسلمين عالميا. ولذا يركز الملتقى على الجوانب السياسية والاقتصادية للحج عالميا وليس في الأماكن المقدسة.وكأن هناك من يريد توسيع دائرة "ليشهدوا منافع لهم" لتصبح في دائرة عالمية لا نستبعدها لعظم هذه الشعيرة في الإسلام. التميز السعودي في الحج والذي يقوده الأمير نايف بن عبدالعزيز باقتدار وكفاءة لا يقفان عند حدود الأمن والسلامة والسكينة وإنما يتجاوزانها للتميز من خلال العلم. فهناك معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج ومعه مركز تميز علمي للحج في جامعة أم القرى. وهناك جهود غير مسبوقة عالميا للإفادة من لحوم الهدي حيث وُسعت دائرة فقراء مكة لدائرة فقراء العالم الإسلامي. وهناك روافد مستمرة من الشباب السعودي الذي يشارك في الموسم من الكليات العسكرية والصحية والخدمية وحتى التطوعية كالجوالة والكشافة. وهي روافد بشرية تصب في نهر الخدمات للحجاج. يقول الخليفة عمر بن عبدالعزيز: أحب الأشياء الى الله أربعة:القصد عند الجدة , والعفو عند المقدرة,والحلم عند الغضب ,والرفق بعباد الله في كل حال.وهذا ما يتم ولله الحمد في الحج رفقا بعباد الله.