يمثل الحج الركن الخامس في الإسلام، الذي تهوي إليه أفئدة المسلمين على اختلاف مذاهبهم في شتى بقاع العالم لأدائه مرة واحدةً في العمر على أقل تقدير وفق تعاليم الشريعة الاسلامية. والمملكة تسخر كافة إمكاناتها لإنجاح موسم الحج كل عام ، وتعمل أجهزتها المعنية طيلة العام لأجل التحضير لموسم الحج وإنجاحه. ونحن نحتفي بحجاج بيت الله الحرام لا نتباهى بما نقدمه لهم بقدر ما نشير إليه كتأكيد على اهتمامنا بهم، وبهذه الشعيرة الغالية على قلوبهم وقلوبنا. شعيرة الحج تختلف عن أي تجمع آخر في عدة جوانب منها: هذه الشعيرة تحدث في مواسم مختلفة من ناحية الطقس، فهذا العام تقام وسط أجواء معتدلة قد تتخللها أمطار وفي أعوام سابقه جاءت في فصل الصيف بلهيبه الحار. هذا التنوع يعني أن الاستعدادات لا تكون متشابهة طيلة السنوات، ففي عقد من الزمان تأتي الفريضة في موسم حار وفي عقد آخر تأتي في موسم بارد وعلينا أن نكيف منشآتنا وخططنا وفق هذه التغيرات. شعيرة الحج لا مجال كبيرا في تغيير مساراتها وإعادة ترتيب الأدوار المكانية والزمانية لها كما نشاء ، فهي مرسومة منذ فرضت على المسلمين ومهمتنا تنفيذها وفق أسسها وأصولها. شعيرة الحج يؤديها مختلف البشر، ذكورا وإناثا، كبارا وصغارا، عربا وعجما، ومن مختلف المذاهب الإسلامية، وبالتالي لا مجال في تقنين بعض أدوارها لتوافق فئة عمرية أو جنسا أو مذهبا دون غيره وعلينا أن نتكيف في تقديم الخدمة للجميع، بما يحملونه من اعتقادات وثقافات وعادات...إلخ. اشتراطات الحج تأتي عامة وبعضها يكون على سبيل التوصية والنصح. بمعنى أنه لا يمكن تحديد معايير دقيقة لمن ينطبق عليه الحج أو لا، فيأتي للحج المريض وكبير السن والمحتاج والغني، وكخدام لبيت الله وحجيجه يجب أن نتعامل مع مختلف الفئات وحالاتها... حجاج بيت الله يأتون للحج ولهم هدف روحاني يتمثل في طاعة الله وأداء شعائره دون تباهٍ بزي أو لون أو صفة تختلف من حاج إلى آخر. يلبسون لبساً موحداً وليس همهم الحصول على ميدالية دنيوية أو التسابق على خط مرسومة له جوائزه. من هنا أرى أن بعض المقارنات التي نسمعها أو نقرأها من البعض كتلك التي تقارن الحج بالمسابقات الأولمبية أو بالتجمعات الانتخابية ليس منطقياً ويجب أن نبتعد عنها، فالحج إلى بيت الله الحرام شعيرة فريدة لا تقارن بغيرها. فريدة بزمانها وبشعائرها وبحجاجها وبأهدافها وبروحانيتها وبكل شيء. نرحب بحجاج بيت الله وكل عام والجميع بخير * * * تفتقد مكةالمكرمة والمملكة بصفة عامة في حج هذا العام ابنها البار الفقيد معالي الدكتور محمد عبده يماني. معالي الدكتور يماني خدم بلاده كأكاديمي وكرجل دولة وتفرغ في الجزء الأخير من حياته للعمل التطوعي والخيري والثقافي والدعوي، فترك جملة من الآةثار منها المكتوب ومنها غير المكتوب المتمثل في سيرته العطرة التي تحتذى في التسامح والطيب والعمل الدءوب دون كلل حتى آخر لحظة من حياته. صادق العزاء والمواساة إلى أسرته وإلى أهالي مكة التي أحبها وكافة محبيه في كل مكان. وبصفته ابن مكة وابن جامعة الملك عبدالعزيز التي درس بها ورأسها في فترة من حياته العملية، ندعو جامعتيْ أم القرى والملك عبدالعزيز إلى المبادرة بتكريمه بما يليق به في جانب اهتماماته العلمية والثقافية والدعوية، سواء عن طريق كراسي علمية ، أو جمعية علمية خيرية باسمه أو بما تراه الجامعتان ويليق بمقام الراحل، رحمه الله..