ونحن نعيش على أعتاب مرحلة انتقالية جديدة في سدة الحكم، نعيش معها بمشاعر مختلطة، فهناك حزن عميق لفراق قائدٍ عشقناه طيلة حياتنا بإنجازاته وبراعته في إدارة البلاد والمساهمة في نهضتها وبعطاءاته التي لا تنضب، ونعيش في المقابل الآخر فرحة كبيرة لتولي قائد فذ لا يقل أهمية وقدراً عن سابقة فهو خير خلف لخير سلف لتولي زمام أمور ولاية العهد لإدارة شئون البلاد... بالنسبة للأمير الراحل، سلطان بن عبدالعزيز، وعلى الصعيد الإنساني، هو رجل الخير الذي يعطي بسخاء لا يتوقف، بل يبحث بنفسه عن أوجه الخير أينما كانت حتى لو في آخر بقاع الأرض رغم كثرة مشاغله ولنا في ذلك مشاهد كثيرة، هذا هو سلطان الخير، الذي بكى الجميع لأجله بلا استثناء، لأنه ترك له في كل بيت بصمة وأثراً لن ننساه ماحيينا... عندما نتطلع لمنجزاته على صعيد العمل الخيري المؤسسي نجد له سجلاً حافلاً بأعمال الخير في الداخل والخارج يصعب ذكرها لكثرتها، وقد رغب سموه رحمه الله في مراحل معينة -إضافة للعمل الخيري الشخصي- بأن يجعلها تنظيمياً على هيئة مؤسسات خيرية ضماناً لها للعمل بشكل منظم وحفاظاً على بقائها وديمومتها... الحديث عن سلطان الخير حديث ذو شجون ولن ينتهي بمقالة لأن أعماله تستحق تأليف الكتب والدواويين... أما ولي عهدنا الجديد، الأمير نايف بن عبدالعزيز، فهو غني عن التعريف وإنجازاته يشار لها بالبنان ويكفي لنا أن نعيش كل هذا الأمن والأمان طيلة الثلاثة عقود الماضية إبان فترة رئاسته لوزارة الداخلية وحتى الآن... الحديث عن نايف بن عبدالعزيز لن ينتهي أبداً طالما أن الرجل كرس نفسه لخدمة الدين والوطن وكذلك الشأن الداخلي وحقق الكثير من الإنجازات وأشرف على العديد من المشاريع الهادفة كترؤسه للجان تهتم بخدمة الشريعة ورفعة الوطن والمواطن منها ماله علاقة بالشئون الإسلامية والحج والتنمية البشرية وكذلك الإعلام بالإضافة إلى تبنيه للعديد من الجوائز التي تخدم مقاصد الشريعة كجائزته العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة، هو بالفعل رجل المرحلة القادمة ويستحق كل الدعم وهذه الثقة من قبل الجميع... في المقابل أمامه ملفات إستراتيجية ساخنة أعانه الله على تحملها، ففي الشأن الداخلي هنالك قضايا عدة منها مسألة القضاء على البطالة ودعم السعودة، كما أن عملية الإصلاح الإداري ومحاربة الفساد وتطوير العمل الحكومي واستمرار المحافظة على الأمن والأمان ودعم قضايا المرأة والمحافظة على حقوقها وتطوير العمل القضائي ومحاربة الفقر ودعم الحرية الإعلامية، واستمرار الدعم لمنهج الحوار الوطني والعالمي...الخ، كلها قضايا هامة وحساسة وبحاجة لعمل كبير وللمسات خاصة من سموه. كما أن التعامل مع القضايا الدولية والعربية الحساسة في الوقت الراهن ليس بالأمر الهين وخصوصاً في ظل التطورات العربية الحاصلة في الوقت الراهن ومنها ثورات الربيع العربي والتغيرات الحاصلة في الأنظمة والضغوطات العربية والدولية... الأمير نايف بن عبدالعزيز سيكون أمام تحديات كبيرة، وهو الشخص الأنسب للتعاطي معها في هذه المرحلة وبكل جدارة واستحقاق... أهنىء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على حنكته وبعد نظره، وفي المقابل أهنىء الشعب السعودي الكريم بنايف بن عبدالعزيز رجل المهمات الصعبة...