فجعت الأمة العربية والإسلامية عامة والمملكة العربية السعودية خاصة في رجل من أقوى وأعظم رجالاتها، نعم رحل سلطان الخير، رحل عن عالمنا، رجل أعطاه الله من الحكمة والذكاء وسرعة البديهة والقدرة على الحسم في المواقف الصعبة، رحل الوالد الذي أثرى الشعب بينابيع الخير التي حرص عليها طيلة حياته. نعم، إن فقد الرجال العظماء يضع في النفس الأسى والحسرة، فالموت هو الحقيقة التي بيننا دائما ولا مفر منها، كان سلطان الخير على غير العادة في شخصين فالمألوف عالميا، أن شخصية وزير الدفاع والطيران تكون حادة في الغالب، ولكن سلطان كان مختلفا: البسمة كانت عنوان شخصيته منطلقا من قوله صلى الله عليه وسلم «تبسمك في وجه أخيك صدقة»، إذ لم يكن يبحث إلا عن الخير، حتى أنه كان رجلا في إنسان وإنسانا في رجل، فلم يمنعه مركزه الحساس في الدولة من تعامله الاجتماعي مع كل من حوله، فتجده تارة بين جنوده وأولاده القائد الحكيم، وتارة تجده بين أفراد الشعب والدا حنونا على أبنائه يبذل الغالي والرخيص في سبيل إسعادهم وتوفير الأمن والأمان لهم، فكانت الشريعة الإسلامية هي ما تربى عليها وما يسعى للعمل بها فأدرك رحمه الله أن إدخال السرور على المسلم من أعظم الأعمال قربة إلى الله، حتى استحق لقب «سلطان الخير» فحق فيه قول أخيه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز بأنه «مؤسسة خيرية متنقلة». ولا يمكن لأحد إغفال أن سلطان رجل الدولة الذي شهدت في عهده القوات المسلحة السعودية طيلة خمسين عاما التي تولى فيها وزارة الدفاع والطيران بناء نظام دفاعي متكامل، حيث نقل القوات المسلحة نقلة عالمية وأوصلها إلى مصاف متقدمة فكان رحمه الله سياسيا محنكا من الطراز الفريد. وباختصار، فإن سلطان الخير يمثل ورقة ناصعة البياض من تاريخ المملكة العربية السعودية إذ لم تكن خدمته للشعب منصبا يتقلده أو دورا عاديا في الحياة، بل كانت شغله الشاغل، فكان ينقل بدوره الوزارات التي تولاها إلى مصاف الإبداع والنجاح، فالأمير سلطان لم يكن رجل دولة وسياسة فحسب بل كان أحد المفكرين والبارعين في إعداد مستقبل هذا الكيان الكبير حيث ساهم بأدواره التاريخية في بناء الدولة السعودية على أسس ودعائم قوية جعلتها في مصاف الدول الكبرى. وعندما يكون المصاب جللا، وعندما يكون الفقيد عظيما بحجم سلطان الخير، فأي فقد يوازي رحيله سوى فقد الآباء الأوفياء؟، فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الدرجات العلى من الجنة. إن رحيله خسارة جسيمة للأمتين العربية والإسلامية، ولكن هذه هي إرادة الله وسنته في خلقه فلا نملك إلا أن نقول «إنا لله وإنا إليه راجعون». العميد (م) نايف بن صقر العطاوي