لا أملك في بداية حديثي عن فقيد الوطن الغالي، صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز - رحمه الله - إلاّ أن أرفع أحر التعازي، وصادق المواساة لملك البلاد، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، ولجميع إخوته وأشقائه وأبنائه، وعموم الأسرة المالكة الكريمة في هذا المصاب الجلل، سائلاً الله سبحانه وتعالى ان يتغمد الفقيد برحمته ورضوانه، وان يسكنه فسيح جناته انه سميع مجيب. أما الحديث عنه - رحمه الله - وعما كان يتمتع به من كريم السجايا، وحسن الصفات، وما اضطلع به من المهام العظام والمسؤوليات الجسام، وما قدمه في حياته - رحمه الله - من أفعال الخير والبر والعطاء لوطنه ولشعبه، وللإنسانية جمعاء في مختلف أنحاء المعمورة - فإنه حديث يطول ويتشعب ويتسع بحيث لا يحصيه عدّ، أو يقع تحت حصر، أو تفي به أضخم المجلدات فهو - رحمه الله - نسيج وحده في بره وإحسانه ومعروفه وسخائه وكرمه وجوده الذي لا يحده حدود، أو تشوبه أي شائبة، أو يخالطه رياء وسمعة. فجود الأمير سلطان - رحمه الله - جود غير متكلف، جود نابع عن سجية وطبع متأصل عرف به سموه في جميع مراحل حياته، وحري به أن يلقب سلطان الخير؛ ذلك لأن جوده ومكارمه ومؤسساته الخيرية المتعددة، وأعطياته السخية شملت القاصي والداني ليس في المملكة العربية السعودية وحدها، وإنما تخطتها إلى أمكنة كثيرة من أنحاء المعمورة، ودخلت أعطياته كل بيت، ومسحت كل دمعة، وجبرت حاجة كل محتاج. وحينما يختاره ربه إلى جواره، ويوارى ثراء وطنه الذي أحبه، وأخلص له، وأعطاه كل شيء في حياته، فإن موت سلطان ودفنه يعد دفناً للجود الذي كان سجية من سجاياه الحميدة، وصفة من صفاته الحسنة النبيلة، وخاصية من خصائصه المتأصلة فيه، وطبع من طباعه الفطرية التي جُبل عليها رحمه الله. إلاّ أن ما تركه سموه من أعمال ومؤسسات خيرية وتعليمية وثقافية وصحية وخلافها كلها صدقات جارية ستظل دائماً تجود بالخير والبر والعطاء من كرم الأمير سلطان وجوده الذي سيظل - إن شاء الله - حياً حتى يرث الله الأرض ومن عليها. رحم الله الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وحفظ الله المملكة العربية السعودية، وأدام عليها أمنها واستقرارها في ظل ملكها المفدى، وقيادته الحكيمة، وحكومته الرشيدة. * عضو مجلس الشورى