لقد أحدث نبأ وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع والطيران، والمفتش العام رحِمَهُ الله صدمةً كبرى لدى أبناء الشعب السعودي والأمتين العربية والإسلامية، وذلك نظراً لما يمتلكه رحِمَهُ الله من رصيدِ محبةٍ لدى الجميع. ونيابةً عن جميع زملائي منسوبي وزارة العمل، أرفع لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله، وسمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز، ولأبناء الفقيد رحمه الله، وجميع أفراد الأسرة الحاكمة، والشعب السعودي أصدق التعازي مقرونةً بخالص الدعاء للمولى عزّ وجلّ أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ومغفرته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يَمُّنَّ على الجميع بالصبر والسلوان. ليس من السهل الفصل عند الحديث بين الجانب العام والخاص من شخصية سموه رحِمَهُ الله؛ فقد كانت صفاته الشخصية الفريدة من نوعها التي يتحلى بها تنعكس انعكاساً واضحاً على أسلوبِ عملِه ونهج تعامله وإدارته للشأن العام. ولعلِّي لا أضيف جديداً عندما أقول ان الكثير من هذه الصفات التي اكتسبها سموه كانت من صفات مدرسة المؤسس العظيم الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود طيب الله ثراه، الذي أجاد أساليب الحكم والسياسة، وكان حريصاً على ترسيخ قيم الدين الحنيف بمعناها الرحب العميق في نفوس أبنائه وأبناء شعبه رحمه الله. لقد حظيت قضايا القوى العاملة الوطنية باهتمامِ وعنايةِ ورعايةِ سموه رحِمَهُ الله في جميع المسؤوليات والمهام التي أنيطت بسموه طوال فترة حياته الزاخرة بالإنجازات. فقد كان سموه رحِمَهُ الله بالإضافة إلى مسؤولياته في المجال العسكري وتطوير القدرات العسكرية للوطن الغالي راعياً لتنمية وتطوير القوى العاملة، وفتح مختلف المجالات أمام المواطنين للعمل والمساهمة في خطط التنمية. لذلك فقد أولى رحِمَهُ الله عنايةً خاصة موضوع توطين الوظائف، وإكساب أبناء وبنات الوطن المهارات والمعارف المطلوبة للمشاركة في عملية التنمية الشاملة التي تعيشها مملكتنا الحبيبة في هذا العهد الزاهر، كما اهتم سموه بالتعليم والتدريب، ونقل التقنية المتطورة لأبناء الوطن. وإذا كان للالتزام أشكال فإن أبرزها لدى سمو الأمير سلطان رحِمَهُ الله هي أن المسؤولية أمانة ثقيلة تتطلب عزيمه صلبة ومثابرة جادة وحرصاً على أداء الواجب. فبالرغم من دقة سموه وصرامة التزامه بها فإنها لم تؤثر في طابع السماحة التي تعامل بها رحِمَهُ الله مع الجميع؛ بغض النظر عن مواقفهم ومراكزهم ومسؤولياتهم. كما أن سموه امتلكَ ميزةً مثيرةً للإعجاب، وهي قدرته على الاستماع والإنصات لمحدثيه وذلك لما يبعثه ذلك في نفوسهم من اطمئنان عند عرض مطالبهم واحتياجاتهم. لقد حافظ رحِمَهُ الله - مع تعدد مسؤولياته وكثرة واجباته الرسمية - على صلته التي لم تنقطع مع المواطنين، لِتَلَّمُسِ همومهم ومطالبهم المستمرة، سواء من خلال لقاءات سموه المباشرة معهم في مجلسه الخاص أو من خلال القنوات الرسمية المتمثلة في الوزارات التي تتعاطى يومياً مع مطالب المواطنين واحتياجاتهم. كل ذلك إضافة إلى ما عرف عنه -رحمه الله -من اهتمام بالأعمال الخيرية وعناية بالقرآن الكريم وحَفَظَتِهِ، والمَبَرّاتٍ الخيريةٍ المتعددة، وكراسي البحث العلمي، وبرامجَ التمويل.. إلى آخر قائمة طويلة من أعمال البر والإحسان أسال الله عز وجل أن ينفعه بها وقد أصبح اليوم في ذمته. لذلك فإن الكلمات والأسطر والصفحات محدودة ولا تستطيع أن تختزل إنجازات وصفات هذا الراحل العظيم. ولكن ما يعزِّينا ويعزِّي جميع محبي سموه أنه كان وسيظل دائماً ماثلاً أمامنا بإنجازاته العظيمة، وقيمه ومثله النبيلة، التي نستمد منها روح الإصرار والمثابرة والتحدي، لتحقيق الغدِ المشرق لوطننا الغالي تحت قيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله – وأدام عِزّه وتَوفيِقِه. ورحم الله سلطان الخير والعطاء وإنا لله وإنا إليه راجعون. * وزير العمل