لا حدّ - زماني ولا مكاني - للعزاء في سلطان، وتمر مع الثلاثة أيام ثلاثة أخر وأخر، ويمتد سرادق العزاء من بيت عبدالله بن عبدالعزيز ليجتاز حدود الوطن الباكي إلى البعيد في شمال الدنيا وجنوبها، بكل لغات أهلها. المصاب جلل !! فكيف تبدأ في رثاء سلطان ؟ وكم هي حيرة الغصة متعبة حد البوح للصمت في دمعها الكئيب حال الحزن عندما يعتصر قلبا تختلط فيه مشاعر الذاتية اللصيقة بالروح المشتركة مع الآخر، مع الجميع، لتبتدئ حيرة أخرى في مَن يعزي مَن ؟ الوطن أم أهله ؟ ومن المعزى ومن المعزي داخل أسرته في عموم الوطن المكلوم ؟ ولمن هو في مثل سني أو بعبارة أدق جيل ابتسامة سلطان الذين لم يدركوا عنت الحياة في بداية البدايات الصعبة للجيل الذي سبقنا في عناء وحدة بلادنا وهول أحداثها من الآباء والأجداد الذين أسسوا بدمائهم وكفاحهم بالرغم من قسوة الحياة لبداية التشكل السريع لحاضر الأمل المنبعث من أعماق ذاك الألم الشاهد الواضح المختبئ خلف ابتسامته رحمه الله منذ ذلك الزمن الذي راح يبني من خلاله سني طفولته برفقة تلك المصاعب في سني بناء طفولة وطن أعياه الشتات والفقر والمرض والخوف وترقب المجهول بقلقه السرمدي. قد تتجاوز ربما إلى الأكيد في اكتشاف سر ابتسامة الرضا في تعابير وقسمات وجه الصبح المشرق في وجهه المضيء دائما، حتى وهو يعاني ويصارع أشرس نوع من الأمراض التي لم تعرف البشرية له مثيلا طوال تاريخها منذ بداية التدوين الطبي المعروف بأدواته القديمة والحديثة. ولأن الباكين كُثر، وقد ذكروا الكثير من مآثره في الوظيفة والقيادة والبر والإحسان، ومعنى أن يعيش الإنسان للإنسان، ولذلك وسواه يمكنك القول بإيجاز أن المصاب الفقيد أو الفقيد المصاب ( تاريخ ابتسامة لبكاء تاريخ )، كما أنه كان تماما (ابتسامة تاريخ لتاريخ بكاء ) أو قل: ( تاريخ بكاء لابتسامة تاريخ )، وربما لو قدمت وأخرت في الجملة والمفردات لحصلت في كل صورة على صورة أبلغ وأقرب للواقع الذي تقرأه عندما تتأمل ابتسامته التي فطره الله عليها وهو يكتب بها شاهد التاريخ والرضا في بلاده لكل أجيالها.