سئل ابن عباس رضي الله عنه :ما حسن الخلق؟قال( حسن الخلق أمر هين.. وجه بشوش وكلام لين). لقد فارقنا سلطان الخير صاحب الوجه البشوش أو الأمير المبتسم كما تطلق عليه الصحافة العالمية لقد فارقنا الخطيب المفوه صاحب الكلمة الطيبة في كل المواقف!رحمك الله يا أبا خالد. إن الكتابة عن قامة من قامات العرب والمسلمين ليست سهلة خصوصا ان الحزن يطغى على كل حواسنا بهذا الفقد العظيم! أنتكلم عن خصائصه كرجل دولة من طراز نادر وسياسي محنك له وزنه الدولي أم نتكلم عن سلطان الخير رجل يحوي قلبه مملكة كاملة من أعمال البر والإحسان والمساعدة وصلت أعمالها إلى كل الأرض من أقصاها شرقا إلى أبعد حدودها غرباً ! سلطان الخير غيّر مبادئ كثيرة في الإدارة السياسية فأسس مدرسة من طراز خاص سواء كوزير دفاع وكولي عهد أو حتى بالمهام الكبيرة التي كان يتولاها .أجزم انه لا يوجد وزير دفاع مقرب من جيشه كما كان سلطان الخير وعلاقته مع أبنائه فقد كانوا يعتبرونه الأب الروحي لهم جميعا كيف لا وهو من أسس القوات السعودية الحديثة وطورها لتكون على ما هي عليه الآن من تقدم !لقد جمع سلطان الخير رحمه الله بين الحسم واتخاذ المواقف الكبيرة بكل حكمة فكان صاحب قرارات مهمة ومصيرية في وزارة الدفاع وفي نفس الوقت ترك بصمة سلطان المؤدبة على كل القرارات فحتى عندما يختلف مع القرارات التي ترفع إليه فانه يرفضها بصيغة محببة بقوله (لا أرى ذلك) كان يعفي عمن أخطأ ما دام خطأه لم يؤثر على العمل والوزارة!كان صاحب القلب الأبيض الذي لا يحمل الحقد على أحد رغم ما عرف عنه من امتلاكه لذاكرة قوية كما روى عنه الفريق هنيدي في مقابلاته. هو الفارس الذي تحمل العبء الأكبر في تحرير دولة الكويت ويا لها من مهمة معقدة تحتاج إلى رجل بفطنة وسياسة سلطان لكنه صاحب العفو عند المقدرة أيضا فهو من فتح الأبواب لياسر عرفات بعد موقفه السيئ من أزمة الخليج وقوله إن قضية فلسطين أهم وأكبر من خلافنا مع عرفات وذلك بشهادة الفلسطينيين أنفسهم. أما الجانب الإنساني في سلطان الخير فهو بحر ومملكة واسعة لكني سأتطرق إلى جزء بسيط من أعماله يرحمه الله مع أن هذا الجزء يعتبر عظيما بكل المقاييس خصوصا لذوي الخلفية الطبية والإنسانية الا وهو مدينة الأمير سلطان للخدمات الإنسانية هذه الرؤية الثاقبة منه عالجت قصورا كبيرا في النظام الصحي السعودي فقد أنشأ صرحا فريدا في ذاته كان المرضى بأشد الحاجة لوجوده وكانوا يعانون بشدة من نقصه وأزال همّا كبيرا من صدور الأطباء الذين كانوا يحملون همّ إكمال الخطة النقاهية لمرضاهم لتتم على أكمل وجه لعدم وجود مدينة متخصصة لنقاهة وإعادة تأهيل المرضى .لا بالغ إن قلت إن بعد نظر سلطان الخير وضع ركنا من أركان العناية الصحية التي لم تكن تكتمل منظومة العمل الصحي بدونها وساعد آلاف المرضى والأطباء في تقديم خدمة صحية متكاملة . أعمال الخير لدى سلطان الخير تحتاج مجلدات وليس مقالة فلن تجد مكاناً في المملكة رغم اتساعها إلا وتجد بصمة سلطان الخير عليه من مساعدة أيتام وفقراء وعتق رقاب وجمعيات خيرية وعلمية ومساجد وغيره كثير ولم يكن خيره لوطنه فقط بل تعداه لعالمه العربي والإسلامي وحتى الدولي . الحق يقال ان لسلطان الخير عزاءين فنحن نعزي الملك حفظه الله بوفاة أخيه وولي عهده الأمين والأسرة المالكة كما نحن نعزي أنفسنا أفراد الشعب بوفاة أب وأخ لكل الشعب السعودي .وان ذهبت روحه إلى برائها فستبقى أعماله محفورة في قلوب الشعب. من أجمل ما قرأته وهو يدل على تعلق الشعب السعودي بسلطان الخير (اللهم ابعثه مبتسما في الاخره كما كان مبتسما في الدنيا)