يعد برنامج «الإسكان الخيري» الذي تتبناه مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية، من أبرز المشروعات التنموية التي عمت أرجاء المملكة من جنوبها إلى شمالها ومن شرقها إلى غربها، لتجسد روح التكافل بين أبناء المجتمع، وتعزيزاً لمبدأ العمل التطوعي، من خلال توفير مسكن لائق لكل عائلة مستحقة، وإتاحة الفرصة لأعضائها للاندماج في المجتمع، ومنحها القدرة على العطاء، إلى جانب المشاركة الفاعلة في ملحمة النهضة الحضارية التي تعيشها المملكة منذ عدة عقود، ولعل هذه المراكز التنموية قد جاءت تأكيداً من سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- في أكثر من مناسبة على أن الهدف من مراكز النمو لا يقتصر على الأخذ بيد أخوة لنا حالت ظروفهم دون تحقيق حياة مستقرة كريمة لهم، بل يهدف إلى أن يكون كل مركز نواة لتطوير المنطقة المستهدفة من حوله والمؤهلة للنمو، بناء على دراسات متخصصة لأوضاعها السكانية والجغرافية والاقتصادية والخدمية، موضحاً أن تنمية تلك المساحات الشاغرة على خارطة الوطن، تزيد من فعالية مسيرة التنمية الوطنية. مراكز النمو بعسير وقد كان لمنطقة عسير نصيب وافر من هذا المشروع، حيث أشار مدير مراكز النمو «عبدالله عفتان» إلى أن التجربة التي خاضتها منطقة عسير في قيام مجموعة من المشروعات الخيرية، في كل من «الحبلة»، و»الحريضة»، و»القحمة»، ونجاحها في أن تكون مراكز نمو، أصبحت أنموذجاً للتنمية الشاملة، تتجسد فيها الصورة الإنسانية التي تجمع بين إحساس المسؤول والمواطن باحتياجات أبناء مجتمعه، والبذل في سبيل تحقيق تلك الاحتياجات بما يعود بالنفع على المجتمع والوطن، مضيفاً: «رحم الله الأمير سلطان الذي كان يتابع المشروع بكل مراحله ويقف على بداياته حتى يدشنه في نهايته، فقد كان حريصاً على هذا المشروع بأن يكون متوافقاً مع طبيعة وخصوصية أبناء المنطقة»، مؤكداً على أن الإسكان الخيري في مراكز النمو شمل (12) موقعاً تم من خلالها تأمين (1300) منزل وتسليمها وفقاً للضوابط. توفير مسكن لائق لكل «عائلة مستحقة» وإتاحة الفرصة لأعضائها في الاندماج داخل المجتمع مواقع حضرية وأوضح «عفتان» أنه شملت هذه المواقع من «القحمة» إلى «مربة» و»سعيدة صوالحة» و»محايل» و»وادي الحياة»، إلى جانب «عين اللوى» و»القيرة» و»الأمواه»، مضيفاً أن من ضمن المشروعات مشروع «قرية الحبلة»، التي لها خصوصية جغرافية واجتماعية؛ بسبب وقوعها في قطع صخري أخدودي يصل عمقه إلى (300م)، في انحدار رأسي شديد لا يمكن الوصول إليه إلاّ بواسطة الحبال، مما يجعل إلحاقها بركب التنمية الذي تشهده المملكة شبه مستحيل، وبالتالي تم اختيار المكان الجديد بالقرب من المواقع الحضرية في المنطقة؛ لسهولة ربطه بالمدن الرئيسة، تخطيطاً لاستيعاب الاحتياجات الحالية والنمو المستقبلي، معتمداً في ذلك على أسلوب التخطيط النموذجي وتقسيم الموقع إلى قسمين سكني وزراعي، مبيناً أنه تم تخطيط وتجهيز الموقع وأعطيت كل أسرة قطعة سكنية أقيم عليها فيلا سكنية لها، تتوفر فيها جميع مستلزمات الحياة المستقبلية للأسر، مشيراً إلى أنه تم تخصيص قطع للمرافق والخدمات العامة من مساجد ومدارس للبنين والبنات، لجميع المراحل، بالإضافة إلى مركز اجتماعي وناد رياضي ومركز صحي، كما تم تخطيط باقي الموقع السكني للاحتياج المستقبلي. أسر نقلها الأمير سلطان من «بيوت الصفيح» و«الإيجار» إلى مساكن لائقة ومكتملة الخدمات خدمات كبيرة وذكر «عفتان» أن مشروع مركز النمو في خيرية الفيصل ب»الحريضة» يقع على طريق (جدة-جازان) في المنطقة التابعة إدارياً لمنطقة عسير على سواحل البحر الأحمر، وقد وفر المشروع جل الخدمات وأعظمها للسكان المجاورين، بالإضافة إلى تقديم الدعم اللازم للأسر المحتاجة، وذلك على مرحلتين، مبيناً أن المشروع يتكون من (100) فيلا بكامل مرافقها الأساسية، وتتكون الخدمات في الموقع من مسجدين أحدهما جامع يتسع ل (600) مصل والآخر فرائض، يتسع ل (400) مصل، ويضم مجمعين تعليميين للبنين والبنات، وكذلك مركز للرعاية الصحية ومركز لخدمات البلدية، ومركز لخدمات الزراعة والمياه، ومركز تجاري، ومقر لبرنامج الطفولة والأمومة، إلى جانب فندق يعود ريعه لصيانة وتنمية المشروع، وقد تم الانتهاء كاملاً من هذه المرحلة، مشيراً إلى أنه تشرف المستفيدون من المشروع بتدشينه من صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني وزير الداخلية وتسليم مفاتيح الوحدات السكنية، مؤكداً على أنه وضع حجر الأساس لمشروع خيرية الأمير سلطان في القحمة عام 1421ه، حيث يقع المشروع في الجزء الغربي لمنطقة عسير على ساحل البحر الأحمر، ويتكون المشروع من (100) فيلا سكنية، ومسجد جامع، ومركز شرطة، ومركز خدمات بلدية، ومدارس بنين وبنات، ومركز خدمة اجتماعية، ومحلات تجارية، وملاعب رياضية، وسوق مفتوح، بالإضافة إلى المرافق والخدمات الأساسية للمشروع. وهنا خلال تسليمه وثائق المستفيدين من مشروع الإسكان الخيري فلل سكنية وقال «مشبب القحطاني» -أحد المستفيدين من الإسكان الخيري بعين اللوي بعسير-: رحم الله الأمير سلطان رحمة واسعة فهو رجل الخير الأول، وكلنا ندعو له بالرحمة والمغفرة، وأن يجعل ما بذله في سبيل الخير وراحة المحتاجين في موازين حسناته، فأنا وأسرتي من الذين تم توطيننا ب»مركز النمو بعسير»، وحصلنا على فيلا سكنية مجهزة بكل الخدمات، مضيفاً أنه استطاع بعد سنتين من أعمار دور ثاني للتوسع، وهذا لم يكن ليتحقق لولا ولاة أمرنا الذين يجعلون راحة المواطن أبرز اهتماماتهم، ذاكراً أن المؤسسة لم تكتف بتأمين السكن بل أوجدت المدارس والسوق والمركز الصحي، وهذه نعمة بالغة لا نستطيع حيالها إلاّ مد أيدينا لولاة أمرنا بالعفو والمغفرة وأن يديم علينا الأمن والأمان. الأمير سلطان خلال استماعه لشرح عن المشروع الإسكاني في الخيوط جنوبمكة وأوضح «مفلح العسبلي» -معلم بمدرسة القحمة الابتدائية التابعة للإسكان الخيري بالقحمة- أنه عندما يذكر «مشروع الإسكان الخيري التابع لمؤسسة الأمير سلطان الخيرية « تتذكر شخصية الأمير سلطان الحانية الرحيمة، التي لولاها لما رأينا هذا المشروع بكافة مناطق المملكة المختلفة، والتي شملت عسير وجازان ونجران ومكة والمدينة والرياض وحائل وتبوك، فهي بحق مشروع جبار وعمل تطوعي، استفاد منه آلاف المحتاجين والمعوزين من الأسر الفقيرة، والتي فقدت عائلها وكذلك الأرامل والمطلقات، مضيفاً أنه تم تسليمها للمستحقين مؤثثة ومزودة بكل المرافق اللازمة، في إطار بنية عمرانية وحضارية، ترتقي بالمستوى المعيشي لساكنيها، فضلاً عن تعزيز قدرتهم على الاندماج بالمجتمع، من خلال نقلة تعليمية وصحية واجتماعية للمستفيدين. الراحل متلمساً احتياج المواطنين إسكان الحائط وتبنت مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية برنامجاً رائداً للإسكان الخيري بمنطقة حائل، ومكانه مدينة الحائط على بعد 280كلم، حيث انطلق عام 1421ه بتوجيه من الرئيس الأعلى للمؤسسة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- في إطار حرص سموه على تلمس حاجات المواطنين وتحسين ظروفهم الحياتية، وتوفير البيئة المناسبة لهم لحياة كريمة تتيح لهم خدمة أنفسهم ومجتمعهم. وتم تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع إسكان حائل مشتملاً على إنشاء (100) وحدة سكنية مؤثثة بلغت تكلفتها (25) مليون ريال، حيث أقيمت كل وحدة على مساحة أرض بلغت (337) متراً مربعاً موزعة على ثلاث فئات الأولى عددها (18) وحدة ذات طابق واحد بمساحة 125متراً مربعاً، والثانية عددها (54) وحدة ذات طابق ونصف بمساحة (191) متراً مربعاً والثالثة عددها (28) وحدة ذات طابقين بمساحة (250) متراً مربعاً، ويتوفر في المشروع مدرستان ابتدائيتان إحداهما للبنين وأخرى للبنات ومركز صحي وزُوّد المشروع بكافة مرافق المياه والكهرباء والهاتف، ثم لحقه توجيهات سموه -رحمه الله- عندما اطلع على المشروع خلال زيارته للمنطقة قبل سبع سنوات في تنفيذ مشروع توسعة الإسكان الخيري بحائل والذي اشتمل على إنشاء (50) وحدة سكنية جديدة، إلى جانب إنشاء جامع يتسع لألف مصل، وذلك تلبية لحاجة المواطنين بقيمة 25 مليون ريال مع انشاء مبنى للجمعية الخيرية بالحائط علاوة على تعدد المرافق والخدمات المزودة. عدد من الوحدات السكنية التابعة للمشروع في حائل وكان سمو أمير منطقة حائل الأمير سعود بن عبدالمحسن قد نوه بجهود سمو الامير سلطان الخيرية وما قدمه من جهود عظيمة تجاه خدمة العمل الخيري والاجتماعي، لافتاً أن هذه الجهود العظيمة يقف وراءها سلطان العطاء -رحمه الله-، وذلك في إطار جهوده الطويلة للمساهمة في التنمية الاجتماعية وتلبية احتياجات المواطنين ذوي الظروف القاهرة. وفي هذا السياق عبر أهالي مدينة الحائط والمستفيدون من مشروع الاسكان التنموي عن حزنهم العميق بوفاة سلطان الخير والعطاء بعد عمل طويل وصادق في شتى ميادين العطاء والتنمية لهذا الوطن، سائلين ان يجعل ما قدمه ولي العهد من عطاءات وشواهد في ميزان أعماله والتي استفاد منها المحتاجون والفقراء في مدينة الحائط وقراها. وحدات جاهزة للتسليم إلى أصحابها رجل خير وعطاء وقال «محمد الحايطي» -أحد المستفيدين- بنبرة حزينة أن سلطان الخير قدم الكثير من الحسنات على الوطن وعلى الجميع في هذه البلاد المباركة، خصوصاً مدينة الحائط التي شملتها أياديه البيضاء الخيرية عندما انفق عليها ملايين الريالات لانشاء الإسكان التنموي، والذي شيدته مؤسسته الخيرية البارزة، مشيراً إلى أن سلطان الخير رجل معطاء كريم؛ فكان محباً للخير، محباً للناس، وكان أباً للجميع ويعامل الآخرين معاملة الأب الرحيم لأبنائه جميعاً. وأكد «ناهس البراهيم» على أن لسلطان الخير والعطاء -رحمه الله- من الحسنات ما لا يحصى؛ فمواقفه الخيرية مع البسطاء وبناء مدن الاسكان هي الأبرز، وهذه من الأمور التي يشهد له بها القريب والبعيد، وما مكرماته في مدينة حائط حائل ليست بمستغربة منه -رحمه الله-. وقال:»كنا نسكن ببيت طين وبمكرمة سموه -رحمه الله- نسكن بمسكن حديث على أرقى مستوى، غفر الله له وجعل ما قدم من اعمال وشواهد في ميزان حسناته». فقيد الوطن يسلم أحد المستفيدين وثيقة مسكن ووصف المستفيد «حصين مسلم الحائطي» وفاة ولي العهد بانه خسارة لا تعوض؛ فكان سموه -رحمه الله- نموذجاً لفعل الخير والبناء لهذا الوطن، ومحبا للجميع، وما تبني مشروعه الخيري والفريد في إطار أعماله الخيرية في مدينتنا الحائط إلاّ دليل يؤكد وقوفه تجاه العمل ومساعدة ذوي الحاجات، حيث كانت مكرمة سموه -رحمه الله- في كافة المراحل الأولى والثانية تمثل السعادة لأهالي الحائط المحتاجين والفقراء حتى يتمكنوا من تحقيق تطلعاتهم وطموحاتهم في تلك المساكن الخيرية المؤهلة من جميع النواحي المعيشية، حيث قدمت الكثير للمحتاجين في الحائط ممن تم اسكانهم، فهو تشتمل على جميع الاحتياجات والخدمات كالمدارس والحدائق والجامع وغيرها، مؤكداً على أن اهالي الحائط يدعون لسموه الكريم بالرحمة والغفران وأن يجعل الله ذلك في ميزان حسناته.