لم تجد الطالبة مارغريت ريتش بداً من ازهاق روح أبيها الذي تحبه حباً جماً حيث سددت له أعيرة نارية عن كثب فأردته قتيلاً بدعوى تخليصه من الموت البطيء المؤلم. وحالياً، تقبع مارغريت البالغة من العمر 14 عاماً خلف القضبان بتهمة قتل والدها غاريت ريتش الذي كان يعمل كهربائياً بعد ان توسل لها بأن تضع حداً لمأساته وتنهي حياته المتشحة بوشاح الأسى والحزن والكرب المؤلم والألم المبرح جراء محاولة انتحار دموية. وكان الألم يعتصر قلب الطالبة مارغريت والتي دأبت مساعدة والدها ومحاولة الأخذ بيده وإقالة عثرته في محنته - عندما طلب منها ان تقتله - فلم تشأ ان ترفض طلبه الأخير وهي التي أمضت السنوات ذات العدد من عمرها وهي تسعى لاسعاده واخراجه من حالة الاكتئاب التي يعيش فيها. وقد أمسكت مارغريت بالمسدس عيار 38 ملم الذي استخدمه أبوها في محاولة انتحار فاشلة ثم أغمضت عينيها وأفرغت رصاصة في صدره من مسافة قريبة. وقد تحدثت مارغريت إلى الشرطة قائلة: «لم أطق ان أراه وهو يعاني». وكانت المحامية ساينتا كيندي، وهي أم سونيتا إحدى صديقات مارغريت، قد أدلت بتصريحات صحفية قالت فيها: ان ما حدث أشبه بمأساة من قبيل ما ورد في روايات شكبير - فقد كانت مارغريت تحب والدها لدرجة أنها عندما طلب منها ان تقتله لم تتردد أو تتوان في تنفيذ طلبه». وإذا كانت مارغريت ترى ان ما أقدمت عليه هو ضرب من ضروب ما يسمى بالقتل الرحيم - برصاصة الرحمة - فإن هيئة الادعاء ووكلاء النيابة العامة في بولدر بولاية كولورادو قد وجهوا لها تهمة القتل واحتجزوها في مركز لحبس الأحداث في غريلي بولاية كولورادو، ويسعى أصدقاؤها وصديقاتها وسكان المدينة للدفاع عنها. وتحدثت كيندي في هذا الخصوص فقالت: «قلوبنا جحيعاً معها فهي لا تزال مكلومة بفقد أبيها العزيز لديها والأثير عندها. ان مارغريت طالبة نجيبة وفتاة ذكية ومهذبة وذات قلب كبير». ولا شك ان الرغبة الصادقة في مساعدة الآخرين هي التي دفعت مارغريت لأن تضع حداً لمعاناة أبيها البالغ من العمر 52 عاماً والذي أصبحت الحياة بالنسبة له جيماً لا يطاق. وقد كانت مارغريت تشاهد والدها وهو يعيش في حالة اكتئاب حاد بدأ أول ما بدأ في عام 1999م عندما تعرض لحادث سيارة أصيب فيه بجروح في رأسه. وبعد عامين أخذت حياته منعطفاً خطيراً عندما انفصلت عن زوجته ماري. وتحدثت كيندي قائلة: «كان لابد لها من ان تختار بين أبيها وأمها فاختارت ان تعيش مع أبيها الذي كان يعشق ركوب الدراجات - حيث ارتأت انه ذو شخصية مرحة طالما أخذها معه في جولات ركوب الدراجات النارية وقد قبلت به على علاته وأقبلت على العيش معه برغم جميع أخطائه ولم تكن تحتمل أو تتقبل أي انتقاد يوجه له كما أنها لم تتحدث اطلاقاً عن مشاكلهما معاً». وقد ضحت مارغريت بصداقتها وعلاقاتها مع صديقاتها في المدرسة وفي فرق الكشافة النسائية في بولدر لأجل مساندة قرار والدها لبدء صفحة جديدة من حياته في فلوريدا. وفي فترة من الفترات قررت ان تتلقى العلم عن طريق الدراسة المنزلية في علوم الحاسوب ولكن أحلامها تبددت وذهبت أدراج الرياح عندما هب اعصار مصحوب برعد وريح عاتية مما أدى إلى تدمير منزلهما الجديد في فلوريدا وانتهى بهما الأمر بأن اتخذا من سيارة مسكناً لهما. وأضافت كيندي تقول ان والد مارغريت عندما عاد إلى كلولورادو وجد ان المستأجرين استولوا على منزله. إلى ذلك، تحدث إريك ميكالاك، وهو صاحب بقالة يبلغ من العمر 28 عاماً وربطته ربطة علاقة صداقة لمدة ثلاثة أعوام مع غاريت مارغريت، فقال في تصريحات صحفية ان غاريت توسل إلى ابنته طالباً منها ان تنهي حالة الشقاء والبؤس التي كان يعيش فيها. وأضاف يقول: «لقد كان كل منهما كل شيء في هذه الدنيا بالنسبة للآخر وان كلاً منهما يمكن ان يقوم بأي شيء لأجل الآخر. وأعتقد ان مارغريت أقدمت على ما أقدمت عليه لأجل والدها». وقد أنهت مارغريت حالة البؤس والكدر التي كان يعيش فيها والدها بعد أسبوع من عودتهما من فلوريدا. واتصلت بالشرطة وانتظرتهم خارج المنزل وأدلت باعترافات تقر فيها باطلاق النار على أبيها. وقد أثبت تقرير الطب العدلي ان سبب الوفاة هو عبارة عن طلقتين إحداهما استقرت في الرأس والأخرى في الصدر. وتواجه عقوبة بالسجن لمدة تصل إلى خمسة أعوام في سجن الأحداث في حالة إدانتها بارتكاب جريمة قتل من الدرجة الثانية. وقد مثلت مارغريت أمام المحكمة وهي مقرنة بالأصفاد لمواجهة تهمة قتل أبيها الذي كانت تحبه. وقد خفف من مأساتها حضور صديقاتها اللاتي آزرنها بشدة وشددن من أزرها حتى ان اثنتين منهن شرعن في تنظيم حملة التبرعات للمساعدة على دفع أتعاب المحاماة وشهود الدفاع. وتقول أم إحدى الصديقات: «لعل النبأ السار الوحيد في هذا الخصم المأساوي هو ان المأساة أفضت إلى التقارب بين مارغريت وأمها بيد أنه ليس لديهن ما يكفي من مال وبالتالي عندما يخلي سبيل مارغريت ويطلق سراحها فإن التبرعات المجتمعة سوف تساعد مارغريت ووالدتها على الوقوف على اقدامهن». وحتى بعد السجن لا ترضى مارغريت ولا تطيق سماع أي انتقاد لوالدها أو الانحاء باللائمة عليه بسبب المشاكل التي انهالت عليها من كل حدب وصوب.