أعلنت جامعات سعودية في صحف عربية شقيقة عن حاجتها لأكاديميين للعمل في المملكة نظراً لحاجتها لكوادر متخصصة في مجالات معينة.الإعلان لا اعتراض عليه فأمر طبيعي أن تحتاج جامعات الوطن لأكاديميين يساهمون في سد الحاجة لديها خاصة مع هذا التوسع الرشيد في التعليم العالي الحكومي والخاص الذي يهدف أولاً وأخيراً إلى بناء الإنسان، وتوسيع فرص الدراسة الجامعية لأبناء وبنات هذا الوطن. لكن ما يشد الانتباه ويشل التفكير هو أن تشترط تلك الجامعات السعودية في إعلاناتها أن يكون المتقدم لها غير سعودي!!. تلك الجامعات جعلت أحد أهم معايير القبول لتلك الوظائف يتمثل في عدم مواطنة المتقدم للوظيفة!! بمعنى إن كان هناك سعودي يقترب من إنهاء دراساته العليا في إحدى جامعات تلك الدولة العربية أو أنه بالفعل قد انتهى من مرحلة الدكتوراه مثلاً في إحدى الجامعات العربية فإنه ممنوع " قطعياً " من التقدم لتلك الوظيفة المُعلن عنها والخاصة بجامعة في وطنه!! بينما زميله العربي الذي يدرس في نفس جامعته متاح له - حسب الإعلان - التقدم للوظيفة فهو أحق بها!!. وفي الوقت نفسه تمنع معظم الجامعات السعودية المعيدين والمحاضرين في كلياتها من مواصلة دراساتهم العليا في الدول العربية، بينما تغادر لجانها كل عام للتعاقد مع أعضاء هيئة تدريس حصلوا على تأهيلهم العالي من تلك الجامعات العربية!!. ونكتشف بين يوم وآخر كميات ضخمة من الشهادات المزورة لأساتذة عرب يُدَرِّسُون في كليات وجامعات المملكة، حتى إن أحد القطاعات المعنية بالتعليم العالي بالمملكة قد كلف جهة أجنبية لفحص الشهادات لمعرفة المزور منها والحقيقي!!. ومع هذا وذاك نكتشف بين يوم وآخر شابا سعوديا أو شابة سعودية أقفلت الجامعات الباب في وجهه للعمل فيها على الرغم من حصوله على درجة أكاديمية عليا ومن جهة أكاديمية معترف بها ليكون ضمن أرقام بطالة السعوديين!!.. بينما نحن نعلن في الدول العربية وتسافر لجاننا التعاقدية كل عام إلى تلك الدول لتتعاقد مع أشقاء عرب للتدريس في جامعاتنا السعودية!!. ومع يقيني أن هناك نظرة لما يمكن تسميته بتنويع الثقافات والمعارف في جامعاتنا بحيث يستفيد الطالب من أستاذ تعلم في أمريكا، وآخر تعلم في أوروبا وثالث تعلم في دولة عربية إلا أنني أتمنى أن يُنْظَرَ للسعودي الدارس في دولة عربية على أنه من تلك الدولة أملًا في أن يتم التعاقد معه، وأن ينظر إلى ثقافته العلمية على أنها ترتبط بذلك البلد الذي درس فيه مثل زميله مواطن تلك الدولة الذي زامله في الدراسات العليا بنفس الجامعة وربما تفوق "السعودي" على شقيقه "العربي" في التحصيل العلمي هناك فهل يسبقه للحصول على وظيفة في وطنه أعلن عنها في تلك الدولة أو تبقى تلك الوظائف محظورة على السعوديين ويتم الإعلان عنها مع عبارة "الأفضلية لغير السعوديين"!! .. حقيقة أريد أن أفهم فربما خفي علي وعلى كثيرين من أبناء وبنات هذا الوطن شيء في هذا الأمر، وربما أن ما خفي علينا وجهلناه يعد أمراً إستراتيجياً في العملية التربوية والعطاء الأكاديمي .. ودمتم.