لا يبرح «عبدالله الأحمد» وزوجته يتذكران مرارة دفن فلذة كبديهما «علي ومحمد»، وهما في ريعان الشباب -في سن العشرين-؛ بسبب مرض تكسر الدم!، ويعيش «طاهر الحمد» الحزن كل لحظة ينظر فيها إلى أبنائه الستة الذين أودعتهم والدتهم لديه، وغادرت الدنيا من غير رجعة خلال عملية ولادة؛ بسبب مرض تكسر الدم أيضاً!، ولا يستطيع «جمعة الحداد» حبس دموعه التي تتدفق من أماقيها حارة كحرارة لوعة فراقه لزوجته «أم مختار» التي فارقته وهي في سن الثانية والثلاثين؛ بسبب المرض ذاته!، أما «علي الحاجي» فيكبت مشاعره الحزينة بين أضلعه على فراق ابن خاله «عبدالله» الذي شاركه ألم تكسر الدم (23) عاماً، ويستبدل ألم الفراق بحلم الشاب المتوثب للمستقبل عبر أروقة كلية الطب التي دخلها وكله إصرار على مكافحة المرض الذي أنهكه وخرّ عظامه، وتعيش «دلال» حالة نفسية سيئة، حطمها الفحص الطبي وأجلسها حبيسة غرفتها بعدما أظهر أنها حامل لمرض تكسر الدم، ليقرر خطيبها عدم إكمال الخطبة!، وترفض «ليلى» الخروج من منزلها، وتفضل البقاء برفقة همها، فقد أوصمها المجتمع بالمريضة غير الصالحة للزواج!، ولم تتردد «خلود» عن تمزيق فستان الخطبة بعدما صارحها خطيبها بعدم الرغبة في إتمام الزواج كونها مريضة بالتكسر!. قصص ومآسٍ لأشخاص غادروا الحياة و لم يجدوا من يقف معهم وسط هذه القصص تتهادى أصوات تؤيد تطبيق نتائج الفحص الطبي قبل الزواج -الذي أقره المقام السامي في شهر ذي الحجة عام 1423 ه وطبق في العام 1425 ه-، وأخرى ترفض أخذه على عواهنه، وتشير إلى ما أفرزه التطبيق من مشاكل أسرية وقطيعة مجتمعية، وبين هذا المشهد القاتم وذاك، ظهر مختصون يحملون الأمل الواسع والرحب في إمكانية إنجاب أطفال أصحاء مع الحفاظ على العلاقات الاجتماعية، لتبعث هذه الخطوة الحياة إلى الفتيات المصابات أو الحاملات للمرض، وتعود معها الألفة والروابط الأسرية التي انقطع بعضها جراء التطبيق الحاد لنتائج الفحص الطبي قبل الزواج. «الرياض» رصدت بدقة كل الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع من أصحاب الاختصاص والمهتمين والمرضى والمسؤولين، مع توضيح رؤية المجتمع التي انقسمت بين مؤيد مطلق وبين متحفظ وثالث يدعو إلى التأني. طبيعة المرض تكمن مشكلة المرض في إنتاج نخاع العظم لكريات دم حمراء غير طبيعية؛ نتيجة خلل في تكوين «الهيموجلوبين» «خضاب الدم»، وفي كميته أيضاً، وهذه الخلايا غير الطبيعية تأخذ شكل «المنجل» وهي قابلة إلى التكسر وتتحلل بعد فترة قصيرة من إنتاجها، وقد تعيق مرور الدم خلال الشعيرات الدموية، وقد تسد عروق الدم فتسبب آلاماً مبرحة في أجزاء مختلفة من الجسم، خاصةً في العظام وبالتحديد عظام الأطراف والظهر، وكلمة «المنجلية» مأخوذة من المنجل -كريات الدم الحمراء- والتي تأخذ شكل مقوس كالمنجل أو الهلال. مركز أمراض الدم بالأحساء طال انتظار افتتاحه وينجم عن المرض تعدد الالتهابات -الإنتانات البكتيرية-؛ بسبب النقص الجزئي في مناعة المصاب، وهو سبب للوفاة، كما يؤدي إلى «المتلازمة الصدرية الحادة»، ويسبب «التهاباً رئوياً» أو «تكسراً في الرئة»، والتي قد تحدث «فشلاً في التنفس»، إلى جانب «حصوات المرارة»، و»نخر لا وعائي عقيم في رأس العظام» خصوصاً الفخذ، بالإضافة إلى «الطحال» و»مضاعفات في شبكية العين»، و»هشاشة العظام»، وكذلك «اعتلال عضلة القلب» و»السكتات الدماغية». د.البقشي: «انتخاب النطف» يقلّل من نسب الإصابة دمج الفئة وقال «د.منير بن حسن البقشي» -استشاري الأطفال والدم والسرطانات ورئيس وحدة الدم والأورام بمستشفى الولادة والأطفال بالأحساء وعضو الجمعيتين السعودية والأوروبية لأمراض الدم والجمعية السعودية للسرطان-: إن نسبة انتشار المرض في الأحساء هي بالنسبة ل»فقر الدم المنجلي» من المواليد تبلغ (1.14%)، ونسبة الحاملين للمرض في حدود (20%)، و»الثلاسيميا ألفا» (23%)، موضحاً أن عدد المصابين ب»مرض الثلاسيميا العظمى» في الأحساء (110) أشخاص، وإجمالي عدد المصابين ب»مرض فقر الدم المنجلي» بأكثر من (10) آلاف شخص، مؤكداً على أن الأهمية تتطلب دمج هذه الفئة في المجتمع، وعدم وضع العراقيل لهم سواء في الدراسة أو التوظيف، مع رفع المعاناة النفسية عنهم. كميات ضخمة من الدم يستهلكها مرضى التكسر جمعية لم تُقر وأكد «جمعة أحمد الحداد» - ناشط اجتماعي ومن أوائل من دعا إلى إجراء الفحص الطبي وفقد زوجته جراء مرض التكسر - على أنه تقدم قبل (10) سنوات لتأسيس جمعية خيرية لمكافحة أمراض الدم الوراثية وحتى الآن لم تقر!، مبدياً حزنه وألمه لإبقاء وزارة الشؤون الاجتماعية موضوع الجمعية معلقاً طيلة هذه السنوات، مطمئناً الجميع أنه إذا رأت الجمعية النور سيكون لها إسهامات كبيرة جنباً إلى جنب مع جهود الدولة في مكافحة هذا المرض، بل إنها ستكون السبيل الوحيد لمتابعة المرض والتوعية به، مطالباً بفتح الجمعية على وجه السرعة، مشيراً إلى أن غايته خدمة المجتمع لوجه الله سبحانه وتعالى، ذاكراً أنه لن نستطيع التقدم في مكافحة المرض دون هذه الجمعية. ورأى «م.عبدالله الشايب» -ناشط اجتماعي- أن الدولة الحديثة تطرح دوماً المشاركة الاجتماعية مع المؤسسات الحكومية، لذا تدفع جميع الجهات للإسهام في هذا الموضوع، داعياً وزارة الشؤون الاجتماعية إلى سرعة إنشاء هذه الجمعية، فهي خدمة للإنسانية في هذا الوطن، مشيراً إلى أن الدولة رعاها الله تولي الإنسان أهمية كبيرة من الرعاية والخدمة، وكما أنها لا تبخل على الإسكان والتنمية العمرانية فهي حتماً لن تبخل في مجال خدمة الإنسان، موضحاً أن وجود الجمعيات يسهم في التواصل الاجتماعي المباشر ونقل المعلومة لديهم. الحداد: المصلحة تتطلب تأسيس جمعية مختصة بنات عانسات وتناول «م.الشايب» الآثار السلبية المترتبة على تطبيق نتائج الفحص، مشيراً إلى أن المأساة ستكون على الإناث التي ليس لها حرية الاختيار، مضيفاً: «على الجميع أن يتخيل الأثر النفسي العميق والجرح الغائر في أنفسهن ونظرة المجتمع لهن عندما يُخطبن ويعشن حالة من الفرح، ليتبدد ذلك كله عندما يحصل الانفصال بعد ظهور نتائج الفحص وكونهن حاملات للمرض!»، مشيراً إلى أن كل الشباب سيعزف عن التقدم، كونها من تقدم لها مريضة، وبهذا سيوجد لدينا كوم من البنات عانسات حتى الموت، فلنا هنا أن نتصور عمق المسألة وقطع المشاعر، متسائلاً: لماذا نجعل البنت تعيش هذه الحالة مع وجود حلول أخرى مثل التلقيح الاصطناعي؟، ذاكراً أنه يجب على الجميع مسؤول أو غيره أن ينظر للموضوع من زاويته هو، وأن الجميع معرض للوقوع في نفس الظرف، على افتراض أن الفتاة ستكون ابنته أو أخته، وهنا ماذا سيكون ردة فعله؟، مؤكداً على أنه يوجد حالات مشابهة ك»مرضى الإيدز» الذين لا يمنعونهم من الزواج ولكن من الإنجاب، مستغرباً من الفكر السائد هو في الانفصال وليس في التواصل!، مبيناً أن إتمام الزواج فيه تواصل اجتماعي وسيحقق تكافلا اجتماعيا ووجود علاقات اجتماعية محببة، مع عدم إرهاق الفتاة نفسياً، إلى جانب أن إتمام الزواج يساعد تقليل من نسبة المصابين. علي الحاجي معاناة شاب من رحم المعاناة والألم تحدث «علي جعفر الحاجي» -طالب السنة الأخيرة في كلية الطب في جامعة الملك فيصل- عن معاناته مع مرض «تكسر الدم المنجلي»، وكيف حرمه من جميع مراحل طفولته وشبابه، وأبقاه بعيداً عن أقرانه لعباً ولهواً، وما سبب له المرض من أتعاب جسمانية ونفسية شديدة، متذكراً بوجع كلمة طبيب التي قالها لوالدته في إحدى أزماته المرضية التي انتابته في صدره، وكان حينها في الصف السادس، حيث قال الطبيب لها: إن الآلام التي يتعرض لها ابنك في صدره جراء أزمة التكسر هي أشد عشر مرات من آلام الولادة، متسائلاً: كيف نتخيل طفلاً سيتحمل كل هذه المصاعب والآلام؟، ثم كيف سيكون أثر هذا على نفسيته وتعليمه حيث لا يمكنه كمريض التحرك سوى ضمن خطوط حمراء لكي لا يضرب بأزمة؟، فكان هذا «البعبع» يعيشه في كل لحظة، مردداً دوماً أن البشر الذين يعيشون في الدنيا كلها لا يستحقون أزمة واحدة من تكسر الدم، ولفظاعة الآلام التي تنتابه جراء مرض التكسر، قال «علي» بصوت متهدج: إنه يتمنى أكثر من مرة الموت، مستدركاً: «استغفر الله»، مضيفاً أن آخر أزمة انتابته كانت قبل سنة ونصف، حينما دخل العناية المركزة لمدة (14) يوماً أوشك فيها على الموت، شاكراً لوالديه اللذين وفرا له طوال حياته كل مسببات الراحة، وساهما في التخفيف من آلامه الجسمانية والنفسية. م.الشايب:«البنات عانسات» والانفصال ليس حلاً نتائج الفحص وتساءل «د.البقشي»: هل أن الفحص الطبي قبل الزواج هو مشكلة أم أنه حل؟، مضيفاً أن تطبيق نتائج الفحص سيسهم حتماً في انخفاض نسبة الإصابة بمرض فقر الدم المنجلي على المدى القصير في حالة التزام الناس بالنتائج، ولكن في الوقت ذاته سيجعل نسبة حاملي المرض تزداد تدريجياً؛ لأننا بدأنا في تباعد المصابين والحاملين للجين الوراثي، فالمحصلة تتجه إلى نشر وتوزيع الحاملين، ونخشى أن نصل وبسبب توزيع الحاملين للمرض إلى مرحلة من المراحل أن تصل نسبة الإصابة بالجين (الحامل) بعد (15) عاماً إلى (30%)، مبيناً أن مجتمعنا السعودي هو قبلي ومناطقي والتزاوج بين أشخاص حاملين أمر وارد جداً في المنطقة الواحدة مثل الأحساء والقطيف وجيزان وبقية الواحات الزراعية، موضحاً أن نسبة حامل المرض سيزيدون وسيصبح معها الحصول على شريك العمر من حاملي المرض في زيادة أيضاً، وأنه لهذا السبب اتجه استشاريو الدم والاستشاريون المتخصصون في الطب الوراثي والمتخصصون في النساء والولادة لإيجاد حلول، وتوصل الجميع إلى أنه في حال رغبة شخص حامل للمرض الاقتران بأخرى حاملة للمرض، فهنا وسيلتان مباحتان داخل المملكة، إلاّ أن المشكلة تكمن في عدم توفر القدرات لها في الوقت الحالي. الحاجي: «الخدمات المقدمة» غير كافية ومحبطة ننتظر التفعيل وكشف «د.البقشي» عن أن الجمعية السعودية لأمراض الدم خاطبت عدة جهات رسمية في الصحة، وبينت هذه الخطابات أنه نظراً لعدم وجود أي إشكالات شرعية على «انتخاب النطف»، دعونا إلى إنشاء مراكز لاختيارها، مشيراً إلى أن إمارة المنطقة الشرقية والمحكمة الكبرى في المنطقة الشرقية أيدت التوجه لإنشاء مركز متقدم لأطفال الأنابيب ولانتخاب النطف، مبيناً أن إنشاء مراكز لانتخاب النطف من شأنه التقليل من نسبة الإصابة، بل وتقليل الصفة الوراثية مع الوقت، إلى جانب حل الإشكالات الاجتماعية. شريحتا دم سليم في اليسار ومتكسرة في اليمين وقال «م.الشايب» إن وزارة الصحة لا تقدم حتى الآن خدمة التلقيح الاصطناعي، وهي قضية مهمة جداً على الوزارة يجب أن تقدم عليها سيما وأنها مجازة شرعاً، وأهميتها تكمن في كونها تساعد فئة المرضى لينجبوا أطفالاً أصحاء، متسائلاً: ما الذي يمنع من فتح مراكز لهذا الغرض بدلاً من ترك المواطن يتكبد خسائر كبيرة ليس باستطاعة الجميع تحملها. صورة مجهرية توضح تكسر الدم غير كافية وخالف «الحاجي» رأي «د.البقشي» قائلاً: إنه كمريض بتكسر الدم أمضى يرى أن الخدمة المقدمة في مستشفيات الأحساء والمنطقة الشرقية هي غير كافية، كما أن العناية المقدمة لهم لا تتناسب مع حجم معاناتهم، مؤكداً على أنه لا يوجد طاقم طبي وتمريضي كافٍ لهم، داعياً جيل الشباب إلى ضرورة الفحص الطبي للبعد عن الجناية على أطفالهم -على حد تعبيره- مشدداً على أن المرض خلق عنده التحدي والإصرار على العيش في الحياة، وعلى مواجهته، لذا دخل مجال الطب لمكافحة المرض، ولا يتوقف «علي» عند قناعته بأهمية الفحص وتطبيق نتائج الفحص وحسب، بل إنه يمارس التوعية بالقول مرة وبالفعل أخرى، لذا رفض حضور حفل زفاف قريب وصديق له ليسجل موقفاً وليرفض استمرار هذه العادات الاجتماعية، لكون صديقه هذا تزوج من قريبته المصابة بالمرض. د.منير البقشي وأشار مرضى ومتابعون أن إنشاء مركز أمراض الدم الوراثية في الأحساء بسعة (100) سرير فيه إجحاف كبير، كون الأحساء بحاجة إلى أضعاف هذا العدد قياساً بعدد المرضى، موضحين أن هذه السعة تعني بكل بساطة تقديم خدمات متواضعة جداًّ، مشددين على أهمية أن يتولى إدارة المركز والعمل فيه من قبل متخصصين وأكفاء ومخلصين، دون النظر إلى أي بعد آخر، متسائلين عن أسباب تأخر افتتاحه. جمعة الحداد انتخاب وحمل واستعرض «د.البقشي» الحلين اللذين توصلا لهما طاقم الاستشاريين وهي: الحل الأول: ويتمثل في انتخاب النطف -الأجنة-، حيث تجرى عملية إخصاب لعدة أجنة عن طريق الأنابيب وفي اليوم الثالث يفحص كل جنين عبر أخذ عينة منه ويتم فحصها، فإذا كان الجنين سليماً أو حاملاً يوضع في رحم الأم وتكمل الحمل، أما إذا كان مصاباً فيتم التخلص منه، مضيفاً أن الحل الآخر ويتمثل في السماح للمرأة بالحمل الطبيعي، حتى ما قبل الشهر الرابع -قبل ولوج أو نفخ الروح-، تؤخذ عينة من الجنين فإذا أظهرت النتائج أن الطفل سليم أو حامل للمرض أكمل الحمل، وأما إذا اكتشف أنه مصاب فيتم إسقاطه، علماً أن مرض تكسر الدم بأنواعه يصنف ضمن الأمراض الخطرة على الفرد والمجتمع وإمكانات الدولة، مؤكداً على أن المجمع الفقهي الإسلامي أجاز هذا الموضوع، وأشار إلى أنه لا يوجد خلاف ديني ولا أخلاقي كونه واضحاً تماماً. الإرشاد الطبي مفقود وضمان الكشف لايكفي ! أوضح «م.عبدالله الشايب» أن الإرشاد الطبي مهم جداً في موضوع تكسر الدم، مضيفاً أن فكرة عدم صحة الزواج في حال وجود شخص حامل للمرض وأخرى مصابة هو أمر غير صحيح، مشدداً على أن موضوع عدم صحة الزواج لا يوجد له مبرر شرعي، فصحة الزواج من عدمه غير معتمدة على التناسب، ولكنها معتمدة على الإنجاب السليم ليس إلاّ، مشيراً إلى أن الأحساء شهدت قبل خمس سنوات مؤتمراً عن مرض تكسر الدم وتبنى هذا المؤتمر التوصية بأنه في حال رغبة حاملي مرض التكسر من الزواج من بعض، فمن المهم أن يتم نصحهم بآلية العمل لإنجاب أطفال سليمين، مضيفاً أنه تم التأكيد على أنها الطريقة الصحيحة؛ نظراً للوضع الاجتماعي لدينا والذي لا يسمح بخيارات كثيرة للزواج، ولوجود اختلافات متعددة من بين المناطق، وهذا كله يؤثر بشكل كبير في عدم إتاحة الفرصة للاختيار، كما أن طبيعتنا الذكورية لا تمنح الفتاة فرصة اختيار الزوج، لافتاً إلى أنه وبعد مضي عشر سنوات من تطبيق قرار إلزامية الفحص الطبي مررنا بتجارب اجتماعية كانت متوقعة، ومن تلك التجارب وحالة ردة الفعل، أن بعض الفتيات بدأن يفحصن عن أخواتهن وتسلم الشهادات وهي تحمل اسم أختها، ليفاجئ الجميع بولادة أطفال غير سليمين. م.عبدالله الشايب وأكد «م.الشايب» على أن حملة الإعلام التي صاحبت إطلاق الفحص الطبي أربكت المجتمع في حالته الاجتماعية، وأدى إلى أن حالات انفصال، تسبب في هدم بعض العلاقات الاجتماعية والأسرية، ذاكراً أن من الآثار الاجتماعية هو فسخ العقد نتيجة لعدم التوافق الطبي، موضحاً أن مرض تكسر الدم في الأساس ليس معوقاً لإتمام الزواج بل معوق في الإنجاب فقط، والذي يمكن حله بطرق طبية، مبيناً أنه يوجد حالات مشابهة في فئة المعاقين تم دمجهم في المجتمع بطريقة صحيحة ودون أية مشاكل. المصابون ينتظرون الحلول وتقديم الخدمات! شدد «د.منير البقشي» على أن مسألة القضاء على المرض أمر في غاية الصعوبة وتحتاج إلى سنوات طويلة، ولكن للوصول إلى الحد الأدنى من المصابين بالمرض لابد من العمل على خطين متوازيين، أولاهما خدمة المرضى الحاليين وتقديم أفضل خدمة، وهو ما تعمل به الوزارة في الوقت الحالي عبر إنشاء مراكز لأمراض الدم الوراثية في بعض مناطق المملكة خصوصاً التي ينتشر بها هذه الأمراض، والأمر الثاني البدء في عمليات انتخاب النطف وإسقاط الأجنة المصابة، محذراً من أن علاج مرضى تكسر الدم مكلف جداً على الوطن، ومن الممكن استغلال هذه الأموال التي تصرف على هذه الأمراض لتنمية الأطفال، متناولاً جانباً في غاية الأهمية وهو أن الزواج من الخارج لا يوفر الأمن من ولادة أطفال سليمين، ذاكراً أنه يراجعه في العيادة أطفال مولودون من أب سعودي وأم أجنبية وهم مصابون بمرض تكسر الدم -الثلاسيميا العظمى-، داعياً إلى ضرورة إجراء الفحص الطبي في مرحلة الثانوية للجميع للابتعاد عن الوقوع في الحرج الاجتماعي بدلاً من كونه قبل عقد الزواج، ممتدحاً جهود وزارة الصحة المتعلق بفحص نسبة الحديد في كل جسم الإنسان، حيث بدأت الوزارة في تركيب أجهزة «الرنين المغناطيسي» التي تقيس نسبة الحديد في القلب والكبد، مبيناً أهمية هذا الأمر بالنسبة للمرضى سيما قياس نسبة الحديد الذي يؤذي عضلات القلب، كما أن هذه الأجهزة تمكن الطبيب من تغيير طريقة العلاج بناءً على نسبة الحديد بصورة غير مباشرة وبدون أخذ عينات من الكبد، مستعرضاً الجهود الذي بذلتها اللجنة العلمية للدم في وزارة الصحة في علاج المرضى في جميع مناطق المملكة، حيث وضعت منهجا محددا وطريقة العلاج الوقائي مثل التطعيمات الإضافية، والتحاليل الاستكشافية للمضاعفات، بحيث تكون موحدة ومتاحة لجميع الأطباء في كل مستشفيات ومراكز أمراض الدم في مناطق المملكة. صالح المحيسن