يتوجه اليوم العمانيون إلى مراكز الاقتراع في جميع ولايات السلطنة من اجل انتخاب 84 عضواً يتم اختيار عدد منهم كوزراء في الحكومة المقبلة. وشهد مجلس الشورى العماني تطوراً ملحوظاً خلال ست فترات امتدت لعقدين من الزمن ، تلقى فيها دعماً من القيادة العمانية التي تصر على ان يكون المجلس احد المكونات الرئيسية في المشهد السياسي العماني، لذا حرصت على تمكينه من اداء دوره في تمثيل شرائح المجتمع من خلال انتخابات دورية تنظم كل ثلاث سنوات، تم زيادتها إلى اربع بدءاً من انتخابات 2003. وشهد المجلس الذي شكل في عام 1991 ب 59 عضواً يمثلون عددا من ولايات السلطنة. كما ان الفترة الثانية التي دشنت بانتخابات عام 1994م شهدت تطور نظام التمثيل بحيث أصبح يمثل كل ولاية يزيد عدد سكانها على ثلاثين ألف نسمة عضوان، وعضو واحد لكل ولاية يقل عدد سكانها عن ذلك، وقد تم الاستناد لعدد سكان كل ولاية من خلال بيانات التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت الذي أجري في عام (1993م) وبذلك فقد بلغ عدد أعضاء مجلس الشورى في الفترة الثانية (80) ثمانين عضواً. وقد شهدت هذه الفترة ايضاً دخول المرأة العمانية في عضوية مجلس الشورى من خلال إعطائها حق الترشيح والترشح في محافظة مسقط فقط ايذاناً بواقع جديد للمرأة العمانية في ممارسة حقوقها المدنية والسياسية الكاملة. تلا ذلك قفزات ملحوظة في تنظيم المجلس وهيكليته والاجراءات التنظيمية الخاصة بالانتخابات ، وتأطير العملية الانتخابية بالاطر القانونية من خلال صدور اللائحة التنظيمية لانتخابات مجلس الشورى. وظل المشهد العماني فيما يخص المجلس يخطو بخطوات نوعية للحفاظ على العملية الانتخابية التي تنعكس إيجاباً على اداء وعمل مجلس الشورى وبالتالي تحقيق المبتغى والمرجو منه. وكانت الفترة السادسة والتي نشهد آخر أيامها اخر الفترات التي شهدت تطورات في الجانب الاجرائي خصوصاً مع اعتماد البطاقة الشخصية كمستند رسمي يعمل به، إضافة إلى الاعتماد على بيانات السجل الانتخابي التي سبق إدخالها في الفترة الخامسة مع اجراء بعض التعديلات الضرورية عليها بما في ذلك عملية نقل القيد من ولاية إلى أخرى. كما تم تطوير عملية الاشراف القضائي على العملية الانتخابية بضم كل من المدعي العام ورئيس محكمة القضاء الإداري وأحد نواب رئيس المحكمة العليا كأعضاء في اللجنة الرئيسية للانتخابات. الفترة الثانية شهدت إعطاء المرأة حق التصويت والترشح إضافة إلى تعديل دور الإعلام من خلال رفع مستوى تمثيل هذا الجانب في اللجنة الرئيسية للانتخابات بضم وكيل وزارة الإعلام إلى عضوية اللجنة المذكورة وتشكيل لجنة إعلامية للانتخابات. عمانيون يدلون بأصواتهم في انتخابات الشورى ولأجل تحقيق التمثيل الحقيقي لمجلس الشورى طور القائمون على المجلس عملية الانتخاب من اجل تمكين العمانيين خارج السلطنة من الإدلاء بأصواتهم بزيادة عدد المراكز الانتخابية خارج السلطنة حيث تم فتح (10) عشرة مراكز في كل من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجمهورية مصر العربية والجمهورية اليمنية الشعبية والمملكة الأردنية الهاشمية والجمهورية التونسية بالاضافة إلى الجمهورية الماليزية. إضافة إلى تمكين المرشحين الاطلاع على اجراء عملية الفرز الآلي مباشرة وقت اجرائها، وذلك من خلال شاشات عرض وضعت بمكاتب الولاة لنقل العملية مباشرة من أجهزة الفرز الآلي. إن النهج الذي رسمه السلطان قابوس بن سعيد ، فيما يتعلق بالجانب الديموقراطي للشعب العماني نابع من طبيعة المجتمع وأصالته والتركيبة السكانية التي تميز بها، والتي تمثل نموذجاً فريداً في ممارسة الديموقراطية، لذلك كان التدرج في ممارستها يتماشى مع التطور والتقدم التنموي الذي شهدته السلطنة في مختلف المجالات، والمتتبع لمسيرة الشورى في عمان يلحظ كيف شهد هذا المجتمع تطوراً ملموساً توافق مع روح العصر ومتطلبات الحياة ومع التغييرات العالمية. وقال سفير سلطنة عمان لدى المملكة الدكتور أحمد البوسعيدي في تصريح ل" الرياض" إنه تم اعتماد ما تم اتخاذه من اجراءات تطويرية في الفترة السابقة، مع توجه الحكومة وفقاً لما أعلنه السلطان قابوس بن سعيد - يحفظه الله - بأن يكون لمجلس الشورى دور تشريعي ورقابي أكبر، وسيتم اختيار بعض وزراء الحكومة في هذا المجلس. ويسعى المجلس إلى المشاركة الفاعلة لتقديم المشورة من خلال تناول القضايا الاقتصادية والاجتماعية ومراجعة القوانين والتشريعات، وتقديم التوصيات والمقترحات في مختلف المسائل التي تهم المجتمع. كما تتمثل رؤيته في وجود مؤسسة برلمانية متدرجة في تطورها ومرتبطة بخصوصية المجتمع العماني، متكاملة في عملها مع الجهد الحكومي، مساهمة في صنع القرار الوطني من أجل تحقيق قيمة اجتماعية واقتصادية شاملة. إن المطلع لمسيرة المجلس يجد أن أهم فترتين مر بها مجلس الشورى العماني هي فترة إعطاء المرأة العمانية حق التصويت والترشح ، والفترة الاخرى هي وصول المجلس إلى مرحلة الانتخابات العامة الحرة المباشرة عن طريق الاقتراع السري، بعد ما تم تعميم حق الانتخاب لكل مواطن ومواطنة يبلغ من العمر واحداً وعشرين عاماً، ولتتسع قاعدة الناخبين في هذه الانتخابات التي أجريت في الرابع من اكتوبر 2003م لتبلغ 822 ألف مواطن ومواطنة بعد أن كانت 5900 مرشح من الذكور في ترشيحات الفترة الأولى للمجلس في عام 1991م، وليتألف المجلس في فترته الحالية من 83 عضواً، بينهم امرأتان نجحتا في الفوز بعضوية المجلس لهذه الفترة، ومن المتوقع زيادة عدد الأعضاء في الانتخابات القادمة مع وصول التعداد السكاني لبعض الولايات إلى ثلاثين ألف نسمة وتمثيلها في المجلس بعضوين بدلاً من عضو واحد. تم منح المرأة حق التصويت والترشح منذ عام 1994 كما انه وقبل افتتاح الفترة الخامسة لمجلس الشورى صدر المرسوم السلطاني السامي رقم 74/2003م بادخال تعديلات على نظام مجلسي الدولة والشورى ثم تلاه لاحقاً صدور المرسوم السلطاني السامي رقم 71/2004م، بتعديل بعض أحكام اللائحة الداخلية لمجلس الشورى، ولقد أسهمت هذه التعديلات في تطوير مسيرة الشورى في السلطنة واستكملت ما سبق من خطوات هامة تحققت على هذا الصعيد، وقد غيرت هذه التعديلات ثلاث ركائز أساسية في نظام مجلس الشورى: الركيزة الأولى: زيادة مدة عضوية المجلس إلى أربع سنوات بدلاً من ثلاث سنوات، وفتح المجال لتجديد العضوية لمدد أخرى مماثلة دونما تقييد طالما حظي المرشح بثقة المواطنين وتأييدهم لانتخابه من أجل تمثيلهم في المجلس، وتبدأ مدة العضوية اعتباراً من تاريخ إعلان النتائج النهائية للانتخابات، وتنتهي بنهاية شهر سبتمبر الذي يسبق الفترة الجديدة للمجلس ما لم تزل قبل ذلك لأي سبب قانوني من أسباب زوال صفة العضوية. الركيزة الثانية: العمل بأدوار الانعقاد السنوية التي يجب أن تمتد لمدة ثمانية أشهر على الأقل، تبدأ بتفضل السلطان قابوس بن سعيد بافتتاح دور الانعقاد في جلسة مشتركة لمجلس عُمان، وبعدها يشرع كل من مجلسي الدولة والشورى في عقد جلساته العادية طوال أشهر دور الانعقاد السنوي وفقاً لما يقرره كل مجلس. أما الركيزة الثالثة في التعديلات الجديدة على نظام مجلس الشورى فتتمثل في توسيع صلاحياته في مجالات مراجعة مشروعات القوانين والمشاركة في الاعداد لمشروعات الخطط التنموية الخمسية والموازنات العامة للدولة التي تحيلها الحكومة إلى المجلس قبل اتخاذ اجراءات اعتمادها واستصدارها في صورة تشريعات نافذة. واستكمالاً لمسيرة الشورى والمشاركة الشعبية في الشؤون العامة، جرت يوم السبت السابع والعشرين من شهر اكتوبر 2007م الانتخابات العامة لتجديد عضوية مجلس الشورى في فترته السادسة (اكتوبر 2007 - سبتمبر 2011م) ووصل عدد المقيدين بالسجل الانتخابي إلى 384885 ناخبة وناخباً مقارنة بنحو 262 ألف ناخبة وناخب في انتخابات الفترة الخامسة للمجلس، أي بمعدل زيادة في القيد والتسجيل وصلت إلى 50٪ تقريباً بلغت نسبة الناخبين 60.7٪، ونسبة الناخبات 39.3٪ من اجمالي المقيدين، وشارك فعلياً في الانتخابات والتصويت مائتان وثلاثة وأربعون ألف ناخبة وناخب، أي ما نسبته نحو 63٪ من اجمالي العدد الكلي للمقيدين في السجل الانتخابي. ولقد تقدم للترشح لعضوية مجلس الشورى في فترته السادسة وتنافس على مقاعده الأربعة والثمانين ستمائة وواحد وثلاثون مرشحاً بجميع الولايات بينهم واحد وعشرون امرأة يمثلن ما نسبته 3.3٪ من اجمالي عدد المتقدمين للترشح، وتركزت أغلب هؤلاء المرشحات في ولايات محافظة مسقط ومنطقة الباطنة. سلطان عمان جلالة قابوس بن سعيد وبالنظر إلى صلاحيات واختصاصات مجلس الشورى نجده يقوم بمساعدة الحكومة في كل ما يهم المجتمع العُماني، ويقدم لها ما يراه كفيلاً بدعم مقوماته الأساسية وقيمه الأصيلة، ويتمتع المجلس في سبيل تحقيق أهدافه بمجموعة كبيرة ومتنوعة من الصلاحيات، منها: * مراجعة مشروعات القوانين التي تعدها الوزارات والجهات الحكومية قبل اتخاذ اجراءات إصدارها. * تقديم ما يراه مناسباً في مجال تطوير القوانين الاقتصادية والاجتماعية النافذة في السلطنة. * ابداء الرأي فيما تعرضه عليه الحكومة من موضوعات، وتقديم المقترحات المناسبة إليها في هذا الشأن. * تقديم التوصيات إلى مجلس الوزراء الموقر حول مشروعات الخطط التنموية والموازنات العامة التي تحيلها الحكومة إلى المجلس قبل اتخاذ اجراءات اعتمادها. * المشاركة في ترسيخ وعي المواطنين بأهداف التنمية ومهامها وأولوياتها والجهود التي تبذل لتنفيذها، وذلك لمعرفة طبيعة الاحتياجات والمتطلبات الضرورية للمناطق وتعميق الترابط بين المواطنين والحكومة. * المشاركة في الجهود الرامية إلى المحافظة على البيئة وحمايتها من أضرار التلوث. * النظر في الأمور المتعلقة بالخدمات والمرافق العامة واقتراح سبل تطويرها وتحسين أدائها. * النظر فيما يواجه القطاع الاقتصادي من معوقات، واقتراح وسائل العلاج المناسب لها. * إبداء الرأي في الموضوعات الأخرى التي يرى جلالة السلطان عرضها على المجلس. ويعتمد المجلس في مباشرة هذه الصلاحيات على عدة أساليب وآليات تحكمها القواعد والاجراءات المنصوص عليها في لائحته الداخلية الصادرة بالمرسوم السلطاني رقم 88/97 وتعديلاته، ومن بين هذه الأساليب والآليات: * توجيه الأسئلة البرلمانية المكتوبة إلى أصحاب المعالي الوزراء. * إبداء الرغبات للحكومة في المسائل التي يقدر المجلس من تلقاء نفسه ان المصلحة العامة تقتضيها دون الحاجة لعرضها عليه من الحكومة. * اجراء طلبات المناقشة وتبادل الرأي مع الحكومة في الموضوعات العامة العاجلة التي تحتاج لاستيضاح سياستها بشأنها. * تلقي طلبات المواطنين ومقترحاتهم حول المسائل العامة لدراستها وابداء الرأي فيها واستيضاح رأي الحكومة إزاء هذه الطلبات، وتكليف الأمانة العامة للمجلس بإخطار المواطنين بما يتم بشأنها. ويمكن القول ان أداء المجلس وقيامه بمهامه واختصاصاته المتعددة هو نتاج لأنشطة متواصلة تقوم بها أجهزته المختلفة، ولما يعقده من جلسات عامة خلال أدوار انعقاده السنوية.