الاسمان أعلاه هما اسمان لشخص واحد الأول في الحاضر والثاني في الماضي!!. ومابين تغيير الاسمين وأقدار الله التي تكتب بطريقة عجيبة ومذهلة يعجز العقل عن إدراكها!! ما لنا فيها إلا التأمل والتفكر! سبحان الله تفصيل بسيط يتقدم أو يتأخر، فتتغير حياة الانسان تماما!! بكل ما تعني هذه ال»تماماً» من معنى!!. قبل أسبوع تقريبا توفي «ستيف جوبز» مؤسس شركة أبل، ومخترع «الآي فون» و»الآي باد» الخ. قصة «جوبز» مثيرة، فقد تخلى عنه والده السوري الأصل»عبدالفتاح جندلي» بسبب تصلب عائلة الأم ورفضها للأب لكونه مهاجرا عربيا!وأيضا الأم خافت من ملامح»سمير» العربية وما قد تجره تلك الملامح من ملاحقة الناس لها وسؤالهم:هل هذا ابنها؟!!. ليتم تبنيه بعد ذلك من قبل عائلة أخرى أمريكية أرمينية الأصل على يد الأب»بول حقوبيان»..فيتحول «سمير» الى «ستيف» و»حقوبيان» الاسم الأرميني المعقد الى»حقوب» أي «جوب» ولمزيد من التسهيل على اللسان الأمريكي، يصبح الاسم في النهاية»ستيف جوبز»!!. وتتولى هذه العائلة تربيته وتعليمه، وكعادة المبدعين عندما يضيقون بالتعليم الرسمي في الجامعة، ترك «جوبز» الجامعة ليطلق خياله بعدها وبلا حدود ولا قيود، فكان ما كان من مخترعات وثورات تكنولوجية!!. سؤال في بالي لو لم تتبناه تلك العائلة أي حياة ستكون له!! لو عاد به أبوه الى مسقط موطنه الأصلي»حمص» وتربى هناك؟ ماذا كان مصيره؟!!. ما شعور «الأب» الآن وهو لا يزال على قيد الحياة وفي الثمانين من العمر! وهو يرى كل مظاهر الحزن تلف العالم من أجل من تخلى عنه وهو رضيع؟!!. ما يؤلم أن «الأب» لم يعرف أن «جوبز» هو ابنه الا قبل سنوات قليلة فقط! ويقول انه حاول أن يتصل بابنه ويبعث له بالرسائل ولكن لا فائدة!! وتراجع الأب وكف عن المحاولات خوفا من أن يقال إنه يطمع في ثروة ابنه! ولا ندري لماذا لم يستجب «جوبز» لوالده «البيولوجي»!! هل هو تهرب من هويته العربية والإسلامية!!أو لأن محاولة الأب جاءت متأخرة جدا!!. أو لأن «جوبز» اكتفى بوالديه الأرمينيين واعتبرهما هما الحقيقيين والجديرين بعرفانه وامتنانه!! وهما اللذان ربياه وشجعاه على التعليم وغضبا عليه أشد الغضب عندما ترك الجامعة!وقطعا عنه المصروف! ولكن «جوبز» أصر على السعي خلف أحلامه! حتى أنه في ذلك الوقت كان مضطرا ليمشي طويلا الى معبد هندوسي يقدم الطعام المجاني لا لشيء إلا ليتناول وجبته اليومية!. ما يؤلم أكثر أن الأب يتأرجح قبل وفاة»جوبز» ما بين أنه يعيش على أمل فقط أن يشرب مع ابنه فنجان قهوة ولو لمرة واحدة فقط ستجعله رجلا سعيدا كما يقول!! وما بين تصريح آخر له، أن ما يجمعه بابنه أنهما لا يريدان فتح صفحة قديمة! وأنه غير مستعد حتى ولو على فراش الموت أن يتصل بابنه!!وهو يدرك كذلك أن ابنه يشاطره نفس الاعتقاد!!. ربما ما شد الجميع هو ابداع «جوبز» ولكني دائما ما أجد نفسي أفتش في علاقات المبدع بأسرته والآخرين من حوله!!وأدرك تماما أننا مهما ولدنا بقدرات ومواهب فتظل تلك المواهب رهينة أسرنا! وما تكتبه أقدار الله لنا!!ولنا في «ستيف جوبز» أو «سمير جندلي» أبلغ مثل وعبرة!!.