عندما وقف رون غوتمان - خريج جامعة ستانفورد وأول الحائزين على منحة الحاضنة الصحية بجامعة هارفرد- على خشبة المسرح ليكشف أسرار الابتسامة ومتحدثا إلى جمع من المهتمين بهذه الأسرار, شعرت أن الرجل يتحدث إلى الكثير منا. يتحدث الينا من زاوية محدده هي ثقافة «الفقر و الغلدمة». وأول حجر ألقاه في مخزون ذاكرتي هو قوله «قم باستعراض البوم صور زملاء دفعتك عند التخرج ولا حظ أن حجم ابتسامة الشخص انعكس على مستقبل حياته». فعدت إلى دفاتر الماضي و من حسن الطالع أننا في تلك الفترة احتفظنا ببعض الصور سواء في دليل الخريجين أو أثناء حفل التخرج. وبالفعل هناك شيء من هذا الإشعاع الروحي المتمثل في ابتسامة البعض ونجاحهم حاليا ولكن الأغلبية المطلقة من فئة «المغلدمون في الأرض» ومع هذا لم تغب «غلدمتهم» عن ساحة النجاح. ولكن يعنى غياب النجاح المبهج. ولذلك فهو يرى أن الابتسامة ما هي منحنيات على الوجه تساعد على الرؤية بشكل مستقيم. كما أنها تمرين حقيقي للمشاعر. فإذا كان الجسم بحاجة إلى تمرين رياضي وعضلي ليحافظ على صحة الشخص ولياقته فإن النفس بحاجة إلى تمرين في المشاعر التي تضفي البريق الداخلي للروح فيشع الوجه بالسعادة. ولذلك أمرنا المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم بالتبسم حيث قال: «تبسمك في وجه أخيك صدقة». فما هي تلك الصدقة؟ إنها طاقة ترتقي بروح الآخر إلى عالم السعادة. ويرى غوتمان هذا أن الكثير من المؤسسات البحثية تعود الى البومات التخرج لتتبع الشخصيات المبتسمة وسرعة تحقيق مستقبلها في عالم النجاح. فعودوا الى صوركم الماضية بل و حتى عودوا الى صوركم في رحلاتكم العائلية وفكروا هل هي تعكس الابتسامة أم «الغلدمة»؟ و لعل ابتسامتكم الصدقة تبدأ من البوم الصور العائلية. طبعا هناك من يقول فاتنا القطار «غلدمنا» في كل الصور لين شبعنا حتى صور زواجاتنا في الصحف أكثر «غلدمة» من غيرها. ولعل مجموعة من شبابنا السعودي في جامعة الملك سعود فكروا مبكرا وهم في السنة التحضيرية لألبوم صورهم المبتسم عند التخرج فطرحوا فكرة فريدة باسم «المجموعة السعودية للابتسامة», ولكي لا تموت تلك المجموعة بعد سنتهم التحضيرية تبناها ويرأس هذه المجموعة حاليا رجل الأعمال عبدالمحسن الحكير في مسعى لتعزيز ثقافة الابتسامة ابعد من حدود الجامعات في المنزل و الشارع و المستشفى. و تم تأسيس»أثنينية الابتسامة» لهذه المجموعة, حيث يتحدث في كل لقاء احد شخصيات الألبومات طيبة الذكر من أهل الابتسامة أو «الغلدمة « عن سر الابتسامة في حياته. طبعا الأمر لا يقف عند هذه الحدود فحتى أطباء الأسنان الأمريكيين قاموا باستفتاء حول سر الابتسامة من اجل تسويق منتجات طب الأسنان, ولكن المفاجأة أن من شارك فيها اعتبر الابتسامة ثروة اجتماعية ومفتاح سحري لعالم النجاح, وهي ابرز مؤشرات الجذب بين الجنسين قبل الزواج وبعده. بل و هي مؤشر نجاح او بقاء في الوظيفة. ومن واقع تجربة إدارية طويلة أدركت أن أهل «الغلدمة» هم آخر من يعين في الوظائف وهم أول من يتم الاستغناء عنهم في القطاع الخاص. وأرجو تصحيح هذه المعلومة من قوائم المفصولين ممن تعرفون في القطاع الخاص. أما في القطاع العام «فالغلدمة» هي شعار وظيفي وسياج يبقي المرء في وظيفته ويجلبها مع الملف العلاقي الأخضر. فلا صدقة من ابتسامة في هذا القطاع إلا ربما من الفراش وهي قمة التشاؤم. ولذلك رأى احد الحكماء أن من يظهر للناس فقر روحه بالتكشير و «الغلدمة» من البيروقراطيين تنعكس النتيجة عليه عند تقاعده, ولكن إن اظهر لهم على الأقل غنى روحه بالابتسامة فأجابوه بأحسن منها في كل مرة يلقونه. ولذلك العامة تقول «لاقيني و لا تغديني». وهي ابتسامة أفضل من ألف وليمة مطبوخة بماء التكشير. وميزة الابتسامة أنها لا يمكن التمتع بها إلا بمشاركة الآخرين وأولهم أهل بيوتكم الذين انتم خير لهم, فأنت لا تبتسم لنفسك دائما إلا إذا أخطأت, ولكن تبتسم لغيرك ممن تحب.ووصف الله سبحانه و تعالى وجوه المؤمنين أهل النعيم يوم القيامة بقوله (وُجُوهٌ يَومَئذٍ مُّسفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُّستَبشِرَةٌ (39) (سورة عبس).ابتسم يا أخي فهي صدقة تقود إلى نعيم ,بل و أثبتت الدراسات العلمية أنها تحدد إلى قدر كبير كم تعيش. فهي صدقة لعمرك قبل أن تكون لغيرك. دامت الابتسامة على وجوهكم. أعاد الله إلينا ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز صاحب الابتسامة الدائمة سالما معافى بإذن الله. فابتسامته داوت الكثير من الناس بكرم مبسم وكرم يمين وفي تزاوج نادر تشع به روحه السمحة. العالم من حولنا مرآة, إذا واجهناها ونحن نبتسم وجدنا الوجود في وجهنا يبتسم. دامت ابتسامتكم وغابت على الأقل «الغلدمة» من زواجاتكم.