(الجهل التام خير من المعرفة المزعزعة المضطربة) ديكارت ٭ ٭ ٭ من طبيعة الإنسان، انه لا يقتنع بما في يديه، ومهما كان حجم، أو أهمية ما لديه، يظل كثير البحث عما لدى غيره، بجوهر لا يتغير، فإن كان لديه مال، حاول بقدر الإمكان ان يزيده، حتى يصبح مثل غيره، وإن كان مستقراً، سعى للنظر إلى غيره للبحث عن اسباب سعادته التي يرى أنه يفتقدها. انه يضيع حياته باحثاً عن كل شيء واللاشيء. والمحصلة كثير من البحث، وكثير من التعب. ٭ ٭ ٭ نحن نجهد أنفسنا كثيراً للإيمان باستحقاق صديق لما حصل عليه، نحاول ان نتحد معه في المشاعر، والأحاسيس، والفواصل، والنقاط، من منطلق استحقاقه وجدارته، وكفاءته. لكن هل يتصادم ذلك مع طبيعة الإنسان الغيورة؟ هل يشعره ذلك أنه ملحق مع هذا المتفوق، أو المستحق للنجاح؟ولماذا يتعاطف الإنسان بحرارة مع مرض صديق أو معاناته، ويتعب بحرارة عندما يتفوق هذا الصديق رغم حبه وتقديره له. في كثيرمن الأحيان تشعر ان أعز الأصدقاء يغار من نجاحك، ويستفز لتألقك، وتفوقك لماذا؟ لا تعرف. في البدايات قد تستغرب، وقد تتعب، ولكن بعدها تستوعب، وتتفهم موقف ذلك الصديق، من منطلق ان الكاتب الايرلندي اوسكار وايلد يقول: «في مقدور أي شخص ان يتعاطف مع معاناة صديق، ولكن الأمر يحتاج إلى جوهر رفيع للغاية للتعاطف مع نجاح صديق». زاوية الرؤية دائماً ضيقة، لكنها شديدة الاتساع عندما نريدها ان تكون. بل تبدو أكثر اتساعاً من المعتاد. ٭ ٭ ٭ عندما تتصادم مع شخص للمرة الأولى دون ان تستعمل عقلك تشعر وكأنك مصاب بالصدمة البصرية، تثبت في مكانك، تتحجر رؤيتك، تتحول اللحظة إلى فراغ، تبدو كثيرة الغيوم والغموض. نفس الاشكال، نفس الملامح مهما كانت اسئلة الاستجواب تظل الاجابة واحدة تبرمج، تخطط للسؤال. يأتيك الجواب كما هو. من يستطيع ان يستجوب الفراغ. ومن يستطيع ان يستجوب الجمود تجيل بصرك قليلاً، تتعامل مع كثير من الأشياء حولك الهامشية منها والملحقة، المرئية، والغائبة. تتحول النيران إلى رماد والوجوه إلى ملامح مشتركة بعينيك ايضاً تبدأ في السير داخل مفرق القناعة، تتأكد انك على الطريق الصحيح، القناعة بتغير الأشكال، وباستعمال العقل فقط. العقل الذي لا يتناقض مع مفردات تافهة، وغير واضحة ومحددة تلمس ضوءاً لا تستوعب مصدره. ولا تنفك تبحث عن سيل إشعاعه تتحرك في مكانك، تقيس كثيراً من مواقفك السابقة. تشعر انك كنت مغيباً، وغائباً. الواقعية أن لا تقف في مكانك. وان تتقدم، وان تتأخر، وان تحاول، وتناور، وتبحث دون الركون إلى الصدمة الأولى.