نقول هنا في مجتمعنا " نومة أهل الكهف " دلالة على طول وثقل نوم أحدهم. وقصّة أهل الكهف السبعة وثامنهم كلبهم أيضا معروفة ولن أتناولها، ولادلالاتها المتعددة، إنما ما أود الحديث عنه هو كيفية تعاطي عقل الإنسان مع الجديد والحديث سيّما ونحن في عصرٍ لا مكان فيه لحياة الكهوف البدائية. أقول قد يخرج بين الفينة والأخرى في كل مجتمعات الدنيا حتى المتقدمة منها من يرفض أسلوب وشكل حياة البشر الحديثة ظنّاً منه إن كان فرداً أو منهم إن كانوا جماعةً بأن غيرهم على ضلال وضياع ، ولا يكتفون بتطبيق الفكرة على أنفسهم حين ينعزلون وينكفئون على ذواتهم بل يسعى البعض منهم إلى فرضها ولو بالقوة على بقية خلق الله وهنا تكمن المشكلة. في عصورٍ مضت وقت سيادة الجهل قد يُعذر الإنسان في خوفه من الجديد بسبب اعتياده على أمور توارثها أباً عن جد، ثم أصبحت في حكم الثابت لديه، لكن كيف يُعذر الفرد اليوم وهو يعيش ويتعايش مع مستجدات تحدث أمامه شبه يومي، فالذي لا يحدث أمامه أو من بين يديه ومن خلفه، يراه في وسائل الاتصال، أو يسمع به من أقرانه أو حين يتداوله الناس في مُحيطه! إن مشكلة هؤلاء أنهم يرون بعض تفاصيل الحياة من خلال ما يقبلونه منها، أو ما قد تآلفوا معه وخبِروه ، وحين يواجهون الجديد يفقدون توازنهم الفكري والنفسي فيتصرفون طبقاً لشدّة الصدمة وحينها تخرج منهم الأعاجيب. يوجد داخل عقل الإنسان أوهام أربعة كما يعتقد الفيلسوف فرنسيس بيكون (1560-1626) أحدها أوهام الكهف حسب كتاب الدكتور حبيب الشاروني (منشورات دار التنوير)، وتصدر تلك الأوهام عن الاستعدادات الأصلية والعادات المكتسبة بالتربية والعلاقات الاجتماعية والمطالعات. صاحب أوهام الكهف حسب الكتاب لا ينظر إلى العالم إلا من خلاله، ولا يرى إلا ما يتواءم مع ظلاله. إذاً ليس من العدل مُحاكمة أصحاب الكهف وأوهامه فهم نتاج المجتمع بشكلٍ أو بآخر إنما يُفترض عدم تركهم في هذا التيه، ولا مناص من محاولة إدماجهم مع حداثة المجتمع بالتي هي أحسن وفي ذلك خير وأبقى لهم ولنا..