رصدت مؤشرات اقتصادية لأكبر التصنيفات المالية لشركات التأمين في دول مجلس التعاون الخليجي من الدرجة الاستثمارية المنخفضة أو المتوسطة، أنها أقل بدرجة كبيرة عن السقف السيادي. ويشكل مجمل أقساط التأمين المكتتبة لدول مجلس التعاون الخليجي %0.65 فقط من مجمل أقساط التأمين المكتتبة للعالم. وبتشجيع من معدل النمو المرتفع، تزايدت أعداد شركات التأمين والتكافل في الخليج في منتصف العقد الماضي، وبالتالي فإن سوق التأمين الإقليمي تتميز في الوقت الراهن بتنافسية شديدة. ويكشف التقرير الذي أصدرته شركة كابيتال ستاندردز للتصنيف الائتماني أن الكثير من قطاعات التأمين في المنطقة لا تزال في مراحلها الأولى للتطور وهو ما يفاقم من ضعف التصنيف المرتبط بالتركيز على سوق التأمين الخليجي الصغير والشديد التنافسية، في الوقت الذي يشكل التأمين التجاري في قطاع التأمين العام الذي لا يشمل التأمين على الحياة الجزء الأكبر من أعمال التأمين في المنطقة. ويهيمن قطاع التأمين العام على مجمل أقساط التأمين المكتتبة في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تقف المشاعر الثقافية والدينية التي تناهض نموذج التأمين على الحياة التقليدي والسائدة في المنطقة، عائقا ضد نمو هذا القطاع من التأمين. ومع ظهور التأمين الإسلامي والتكافل العائلي، على الرغم من قاعدته الصغيرة، أصبح التأمين على الحياة ينمو بشكل جيد في المنطقة، ومن المرجح أن يستمر التأمين التجاري في الهيمنة على القطاع بدعم من مشاريع البنية التحتية والمشاريع ذات الصلة بالهيدروكربون. واعتبر التقرير أن معظم الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي هي شركات ذات ملكية عائلية، والإدارة العليا في الكثير الشركات غير العائلية لديها انتماءات عائلية قوية، مما يشكل مع التسعير وجودة الخدمات عاملا رئيسيا في توجيه الأعمال الذي يحد فعليا من قدرة الكثير من الشركات الخليجية على توسيع نطاق أعمال التأمين التجاري. وذكر التقرير أن إستراتيجية الاستثمار التي تركز على الأصول عالية المخاطر تجعل المكاسب شديدة التقلب، وتشمل الاستثمارات عادة النقد والنقد المعادل والسندات والأوراق المالية ذات الدخل الثابت، والأسهم العادية والعقارات والرهون العقارية والقروض والاستثمار في الشركات التابعة. ورغم أن المحافظ الاستثمارية تتكون من فئات أصول متنوعة، إلا أن السندات والأوراق المالية ذات العائد الثابت عادة ما تساهم بما يقارب ثلاثة أرباع المحافظ الاستثمارية لشركات التأمين الدولية ذات التصنيف العالي. وفي منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، تشكل الاستثمارات في الأسهم النسبة الأعلى في المحافظ الاستثمارية، ولأن شركات التأمين لا تملك سوى فرص استثمارية محدودة، فإن معظم استثماراتها تكون في الأسهم والعقارات عالية المخاطر، نتيجة الطبيعة غير المتطورة لسوق السندات والأوراق المالية ذات العائد الثابت في المنطقة. أما الميل تجاه الأصول عالية المخاطر فيثير المخاوف التالية فيما يتعلق بالسيولة والرسملة وربحية شركات التأمين. ويكشف التقرير أن شركات التأمين الإقليمية لديها انكشاف كبير على مخاطر السوق ومخاطر الائتمان، فالتقلبات المصاحبة لأسعار الأسهم وأسعار العقارات وأسعار الفائدة تساهم في مخاطر السوق، ولكون ثقل كبير من المحافظ الاستثمارية هو لمصلحة الأسهم، فإن مخاطر الأسهم هي الأكثر هيمنة على مخاطر السوق في المنطقة. ويمكن التخفيف من مخاطر الأسهم من خلال تحديد الأهداف المناسبة لتوزيع الأصول والمراقبة المستمرة لمستويات التركيز وجودة الائتمان. وتنبع مخاطر الائتمان التي تواجهها شركات التأمين في معظمها من الانكشاف الكبير على إعادة التأمين ويمكن الحد منها من خلال التعامل مع شركات إعادة التأمين ذات التصنيف المرتفع. وأبان التقرير أن نموذج عمل شركات التأمين في المنطقة بشكل عام، يختلف بصورة كبيرة عن نظيراتها العالمية، فالشركات تتميز بتركيزها الجغرافي ومحدودية منتجاتها، الذي يرجع أساسا إلى المشاعر الثقافية والدينية السائدة في المنطقة، وهو نموذج يمتاز بوجود كميات كبيرة من الأصول عالية المخاطر في المحافظ الاستثمارية، ويفتقر إلى ممارسات إدارة المخاطر السليمة. ولفت التقرير إلى انخفاض معدل الاحتفاظ بالأقساط يعد واحدا من عوامل التقييد الرئيسية الكامنة في نموذج العمل لشركات التأمين الإقليمية. مضيفا أنه رغم التراجع الذي سجله إلى أن الانكشاف على إعادة التأمين لا يزال مرتفعا مقارنة بالشركات النظيرة الدولية.