تحتم علينا ذكرى اليوم الوطني أن نستحضر ذكرى ذلك اليوم المجيد من التاريخ الإنساني الذي صنع فيه المغفور له المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود "طيب الله ثراه" بعد توفيق الله وتأييده دولة فتية تجاوزت واقع الجغرافيا , واستلهمت روح الماضي لتصنع التاريخ , وتخطو بثقة وتؤدة إلى المستقبل , لتنهض بشعبها وبأمتها , وتعيد أمجاد الأجداد الذين حملوا مشاعل الحضارة وأناروا بها العالم . واحد وثمانون عاما مرت على ذلك اليوم المجيد الذي جمع فيه الملك الموحد شتات الأمة, واستنهض عزيمة رجالها , ليحررها من براثن القبلية والجهل والتخلف, ويضعها هو وأبناؤه البررة من بعده في قلب عصر المدنية والعلم والحضارة, لتنتزع المملكة العربية السعودية مكانتها اللائقة بها وسط العالم المتقدم. إن مسيرة العطاء والنماء الزاهرة التي سرت في أرجاء هذا الوطن الكبير لم تأت وليدة الأماني والتمنيات, إنما هي ثمرة جهود مضنية أفنى الملك عبدالعزيز وأبناؤه البررة من بعده سعود , فيصل , خالد , فهد , "غفر الله لهم جميعا" , أعمارهم, في خدمة هذا الوطن , إلى أن تسلم الراية عالية خفاقة من بعدهم , خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله، ليواصل مسيرة الرخاء والازدهار واستكمال البنيان ودفع مسيرة البناء والتقدم . لقد خطت المملكة خطوات واسعة, في كافة المجالات, واختصرت الزمن , وحققت طموحات شعبها , وأنجزت في ثمانية عقود, مالم تنجزه دول أخرى في ثمانية قرون, بفضل إخلاص وإلهام ولاة أمورها وشحذهم لهمم أبنائها لتمكينهم من اللحاق بركب التطور العالمي , وتجنيد كافة الموارد والطاقات لترسيخ أسس التطور وبناء اقتصاد وطني قوي يحقق الرفاهية للشعب السعودي . لقد حظي قطاع الخدمات الصحية في المملكة بكافة أشكال الدعم منذ اليوم الأول لتوحيد المملكة حتى غدا من النظم الأكثر تطورا في العالم الذي يركز على الاحتياجات الصحية للمواطنين عبر سلسلة متواصلة من الخدمات الوقائية والتشخيصية والعلاجية و التأهيلية من اجل توفير رعاية صحية متكاملة لجميع المواطنين وضبط جودة خدمات الرعاية الصحية من خلال تنفيذ منهجية موضوعية أرستها حكومتنا الرشيدة في كافة مجالات تقديم الخدمات الصحية، وقاية وعلاجاً وتأهيلاً من خلال منظومة مرافق متكاملة خصصت لها الميزانيات الضخمة في سبيل الوصول إلى أمن صحي شامل للجميع لقناعتها بأن الصحة العامة جزء لا يتجزأ من أمن وتقدم ورفاهية الوطن والمواطن . لقد أدرك ولاة الأمر أهمية وجود هيئة سعودية مستقلة تقوم بوضع البرامج التدريبية للممارسين الصحيين والإشراف عليها وتقويم المتدربين وتأهيلهم فكان القرار بتأسيس الهيئة السعودية للتخصصات الصحية عام 1413 ه , التي مكنت الطبيب السعودي، من أن يكمل تدريبه داخل المملكة ويحصل على المؤهلات المعترف بها عالميا في أحد فروع الطب. ولقد أسهمت الهيئة السعودية للتخصصات الصحية خلال سنوات عمرها القليلة الماضية في تطور الخدمات الصحية بفضل ما أسند إليها من مهام الإشراف على البرامج التدريبية وتقويمها وتأهيل المتدربين ,بالإضافة إلى وضع الضوابط والمعايير الصحيحة لممارسة المهن الصحية وتطويرها.. وقد بدأت الهيئة ممارسة أعمالها من خلال مجالسها ولجانها الإشرافية والتنفيذية والتخصصية بكل اقتدار وتجاوز عدد البرامج المعتمدة اثنين وستين برنامجا تدريبيا في كافة التخصصات الطبية العامة والفرعية حتى الآن. إن التطور اللافت في المجالات الصحية في مستشفياتنا الزاخرة بالكفاءات السعودية الماهرة والتقنيات الطبية المتقدمة والخدمات الصحية المتطورة لهو اكبر دليل على حكمة القيادة السعودية الرشيدة التي وفرت للمواطن كل سبل العلم والتدريب لتطوير قدراته ومهاراته حتى ذاعت شهرة الطبيب السعودي عالميا ,بعد أن حقق في عدد من التخصصات نجاحا باهرا أذهل العالم بأسره , وليس أدل على ذلك من عمليات وجراحات فصل التوائم التي تجري في مستشفيات المملكة , واثبت فيها الطبيب السعودي قدرته على التفوق والإبداع . إن تطور وتاريخ الخدمات الصحية بالمملكة خير شاهد على ما بذله الملك عبدالعزيز وأبناؤه من بعده وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله وولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز وسمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبدالعزيز من جهد كبير ورعاية كريمة حتى وصلت الخدمات إلى ما هي عليه اليوم. وفي الختام أسأل الله العلي القدير أن ينعم على مليكنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني بالصحة والعافية وأن يجعلهم ذخراً للأمة العربية والإسلامية وأن يسدد على طريق الخير خطاهم، وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم إنه سميع قريب مجيب الدعاء. * الأمين العام للهيئة السعودية للتخصصات الصحية