بعد ملحمة جهادية استمرت اثنين وثلاثين عاماً، استطاع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- أن يوحد المملكة في السابع عشر من شهر جمادى الأولى عام 1351ه، وقد أثمرت ملحمة التوحيد تلك عن أعظم وحدة يشهدها التاريخ الحديث إعجازاً وإنجازاً كما وصفها المؤرخون. كانت الجزيرة العربية قبل مرحلة التوحيد تعيش حالة من الفوضى والرعب وانعدام الأمن وتشتت سكانها وتناحرهم وانتشار الحروب بينهم، كما كان الثالوث الخطير الفقر والجهل والمرض يفتك بهم، وكانت هذه الظروف المؤلمة والقاسية التي يمر بها أهل الجزيرة العربية تؤلم موحد هذه البلاد الملك عبد العزيز، وكانت تشغل باله كثيراً، لذا فقد انطلق في مشروعه الوحدوي الكبير من إيمانه بالله عز وجل باستعادة حكم أبائه وأجداده، واضعاً نصب عينيه مستقبل هذا الوطن ومواطنيه، وانتشالهم من حالة الفقر والجهل والمرض إلى حياة كريمة يتوفر فيها أفضل وسائل وسبل العيش الكريم للمواطن تعليمياً وصحياً واجتماعياً. استطاع موحد هذه البلاد -رحمه الله- أن يبني دولة عصرية بأحدث المواصفات والمقاييس وأن يرسي دعائم قوية وصلبة لمؤسسات المجتمع المدني في بلاده، وجعل المواطن محل اهتمامه ومحور التنمية وهدفها الأساس في جميع خطط الدولة منذ عهده رحمه الله، وتابع المسيرة من بعده أبناؤه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد -رحمهم الله-، إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله-، هذا العهد الزاهر. في عهد الملك عبد العزيز تم إرساء قواعد التعليم، وكذلك إنشاء اللبنات الأولى للمستشفيات والمراكز الصحية، وفي عهده أيضاً تحقق لهذه البلاد بفضل الله ثم بجهوده استتباب الأمن الذي يعد مطلباً أساسياً للاستقرار، مما انعكس إيجاباً على بقية مجالات الحياة العلمية والعملية، وانطلقت مرحلة البناء والنماء والتطوير في كافة المجالات والميادين المختلفة. رحم الله الملك عبد العزيز رحمة واسعة فقد وحد هذه البلاد ولمّ شتات أهلها وحارب الفقر والجهل والمرض لأجل توفير حياة كريمة للمواطنين، وإن كان الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- حقق هذه الوحدة العظيمة فإن مسؤوليتنا كمواطنين الحفاظ عليها واستمرارها ودعمها بكل ما نملك، حفظ الله لبلادنا وحدتها وقادتها وشعبها وأدام عليها نعمة الأمن والأمان إنه سميع مجيب، وبالله التوفيق. * عضو مجلس الشورى رئيس لجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات